ارتفاع معدلات البطالة الأمريكية يذكر المستثمرين بالواقع الفعلي للاقتصاد
ازدياد الشكوك حول قوة الانتعاش الاقتصادي الأمريكي كان من شأنه تقويض أسواق الأسهم والائتمان الأسبوع الماضي، حيث أخذ المستثمرون المتوترون ينظرون إلى ما يرون أنه سلامة الاستثمار في السندات الحكومية.
سلسلة من التقارير المخيبة للآمال في الولايات المتحدة، كان آخرها الأنباء التي أذيعت يوم الجمعة حول تراجع معدلات الوظائف في القطاعات غير الزراعية في الشهر الماضي بمقدار 263 ألف وظيفة، وهو رقم يزيد كثيراً على العدد الذي كان يتوقعه المحللون عند 175 ألف وظيفة.
وقال دان جرينهاوس، كبير المحللين الاستراتيجيين الاقتصاديين لدى مؤسسة ميلر تاباك Miller Tabak: «الفكرة القائلة إن الاقتصاد كان يسير على مسار قابل للاستدامة ذاتيا وبصورة متواصلة نحو الانتعاش، هذه الفكرة تلقت دشاً كبيراً من الماء البارد».
كذلك أظهر تقرير التوظيف أن معدل البطالة الأمريكية ارتفع قليلاً من 9.7 في المائة ليصل إلى 9.8 في المائة، وهو أعلى معدل له منذ 26 سنة، في حين أن الزيادة المتواضعة بنسبة 0.1 في المائة في متوسط الأجور الشهرية دفعت بمعدل النمو السنوي إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات ونصف عند 2.5 في المائة.
وحذر بول ديلز، من مؤسسة كابيتال إيكونومكس: «من المرجح أن يستمر الهبوط في معدل نمو الإيرادات، وربما حتى إنه سيتحول نحو السالب، ما يعمل أكثر من ذي قبل على تقويض الاستهلاك وتعزيز الضغوط الانكماشية».
وينظر إلى الضعف في سوق العمل على نطاق واسع على أنه العنصر الأساس المفقود في الانتعاش الاقتصادي الأمريكي. لكن ظهور البيانات الأساسية الأخرى هذا الأسبوع، أي تقرير المعهد الأمريكي لإدارة الطلب عن أيلول (سبتمبر)، ألقى كذلك بالشكوك حول الانتعاش الأخير في نشاط التصنيع.
لكن تقرير المعهد يتحدى بالفعل تفاؤل السوق الذي يرى أن اندفاع الأسواق الرأسمالية لهذا العام هو المؤشر الأساس للانتعاش الاقتصادي على شكل الحرف V، وهو يضطر المحللين إلى إجراء مراجعة سالبة لتوقعات النمو في الأرباع المقبلة، وهي مراجعة تتحدى التقديرات الحالية. كذلك فإن بيانات التصنيع في منطقة اليورو وبريطانيا واليابان لهذا الأسبوع اعتُبرت مخيبة للآمال من قبل الأسواق، كما أن مجموعة من البيانات الأخرى أعطت إشارات متباينة. لكن صندوق النقد الدولي أعطى نغمة إيجابية، حيث إنه عدل إلى الأعلى توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي للمرة الأولى منذ سنتين.
وكانت هناك علامات مشجعة على مزيد من التطبيع في النظام المالي، وهي علامات جاءت من أحدث عملية إعادة التمويل الطويلة الأجل من البنك المركزي الأوروبي فقد قلصت البنوك في منطقة اليورو احتياجاتها من السيولة الطارئة من 442 مليار يورو إلى 75 مليار يورو في المزاد الأول في حزيران (يونيو).
لكن تراجع الأسعار سيطر على أسواق الأسهم العالمية، على الرغم من حمى الإثارة حول نشاط الاندماج والاستحواذ عند مطلع الأسبوع.
بحلول منتصف اليوم في نيويورك كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في سبيله إلى تسجيل تراجع بنسبة 1.9 في المائة. جاء هذا التراجع في أعقاب هبوط بنسبة 2.2 في المائة في الأسبوع الماضي وتقدم مقداره 15 في المائة خلال الربع الثالث ككل.
في أوروبا تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بنسبة 1.9 في المائة هذا الأسبوع، حيث سجل أدنى مستوى له منذ أوائل أيلول (سبتمبر). وكان أداء الأسهم اليابانية أسوأ حتى من ذلك، حيث تراجع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 5.2 في المائة على مدى الأسبوع.
وطرأ توسع لا يستهان به على الفرق في أسعار التأمين المتقابل على السندات، على خلفية البيانات الاقتصادية الكلية المخيبة للآمال. مؤشر ماركت آي تراكس أوروبا Markit iTraxx Europe للسندات الممتازة الأوروبية ارتفع بنسبة 14 نقطة أساس ليصل إلى 98 نقطة أساس، بعد أن ارتفع لفترة قصيرة فوق مستوى 100 نقطة أساس للمرة الأولى منذ آب (أغسطس) بعد صدور بيانات الوظائف الأمريكية يوم الجمعة.
أما مؤشر ماركت سي دي إكس نورث أمريكا Markit CDX North America للسندات الممتازة الأمريكية فقد ارتفع بنسبة 13.5 نقطة أساس على مدى الأسبوع ليصل إلى 112.5 نقطة أساس، وهي أعلى زيادة أسبوعية له منذ ثلاثة أشهر. وكان من شأن مشاعر اللبس حول الآفاق الاقتصادية أن دفعت بالمستثمرين بأعداد كبيرة نحو السندات الحكومية. هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 20 نقطة أساس ليصل إلى 3.18 في المائة، بعد أن لامس مستوى 3.10 في المائة يوم الجمعة، وهو أدنى مستوى له منذ منتصف أيار (مايو)، في حين أن العائد على سندات الخزانة لأجل 30 سنة هبط إلى ما دون 4 في المائة للمرة الأولى منذ نيسان (أبريل).
وفي أوروبا هبط العائد على سندات الخزانة الألمانية بمقدار 16 نقطة أساس ليصل إلى 3.12 في المائة، أي بارتفاع عن أدنى مستوى سجله منذ خمسة أشهر عند 3.09 في المائة، مع ارتفاع الأسعار يوم الجمعة، للجلسة الثامنة على التوالي. وهبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار 22 نقطة أساس ليصل إلى 3.42 في المائة. من جانب آخر، فإن ازدياد مشاعر العزوف عن المخاطر في أسواق العملات أعطى مساندة للين، وإلى حد أقل للدولار. لامس الين أعلى مستوى له منذ ثمانية أشهر في مقابل الدولار، بعد أن نفى هيروشيا فوجي، وزير المالية الياباني، أنه يساند الين القوي، رغم أن تعليقاته أدت إلى بعض الارتباك والتشويش في الأسواق.
من جانب آخر، تراجع اليورو بعد أن جادل جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، بأنه ينبغي للولايات المتحدة أن تفعل المزيد لتأكيد سياستها حول «الدولار القوي».
وشهدت السلع أسبوعاً متقلباً. هبط سعر النفط الخام الأمريكي يوم الجمعة بعد أن أثار تقرير التوظيف المخاوف، لكنه انتهى بارتفاع بنسبة 4.5 في المائة على مدى الأسبوع، عند 68.97 دولار للبرميل. لامس النحاس أدنى مستوى له منذ شهرين، في حين أن الذهب أمضى الأسبوع وهو يتنقل على جانبي حاجز الألف دولار للأونصة.