رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاستراتيجية الصحية.. الإصلاح والتطوير (1)

بالنسبة للاستراتيجية الصحية التي قدمها مجلس الشورى، ووافق عليها مجلس الوزراء الموقر في 7/9/2009م، وأعلنت ونشرت على صفحات هذه الجريدة ''الاقتصادية'' في 9/9/2009م، فقد جاءت لتسكن هموم الكثير وتعلن بداية جيدة لتخطيط منظم في شأن معقد المضمون مثل الصحة. لقد جاءت الاستراتيجية لتوظف نقاط القوة في النظام الصحي بما يسرع تقدم جوانب مهمة فيه وتركز على تحفيز المؤسسات المدنية كافة وأفراد المجتمع على تعزيز النقاط الأخرى على مدى العقدين القادمين تكون بعدها قد وفرت أفضل النظم الصحية بإذن الله. لقد جاءت الاستراتيجية في (12 أساسا) لكل من هذه الأسس آليات تنفيذ عامة ستقوم كل جهة حددت مهامها بتنفيذ ما هو مطلوب منها لإنجاح وتحقيق الأهداف العامة تحت مظلة مجلس الخدمات الصحية أو وزارة الصحة حسب مستوى المسؤولية. مثل هذا التحرك كان منتظرا ومتوقعا، لتكون أهدافنا محددة وخدماتنا محكومة، بنظام لا يغيره أو يتدخل في تعديله إلا المجلس ذاته، الذي وافق عليها، فيضمن كل مواطن ووافد أن كل ما يراه يقدم له وأن ما يقدم له هو الأفضل والأجود. في الواقع من أهم الملامح التي تجعل الفرد يشعر بالاطمئنان إذا ما قرأ الاستراتيجية، هو أنها جاءت في أسس متنوعة، حتى وإن كانت متداخلة إلا أنها متكاملة وشاملة، ابتداء من أهدافها وحتى آلية تنفيذ سياساتها. قد أنوِّه هنا إلى أن تحقيق أهداف مثل هذه الاستراتيجيات في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتغير كثير من المعايير أو المقاييس بناء على المستجدات التي بدأت (بفضل العولمة) تظهر أو تُحدَّث من الشرق والغرب والشمال والجنوب في آن واحد، فإنه يفضل أن نهتم بالخطط التنفيذية والآليات لتكون مرنة تقارب بين المطلوب وكل ما يستجد حتى نظل على نفس المسار خلال العشرين عاما المقبلة.
بادئ ذي بدء لاستعراض كيف يمكن أن نستفيد من مشروع هكذا، حري بنا قراءة الاستراتيجية متلمسين أدوارنا كأفراد ومؤسسات، ومستظهرين لعمق معاني فقراتها؛ التي لا شك أنها ما صدرت إلا لتكون دليلا على إصلاح قادم هدفه خدمة صحية مجودة. وما ذلك إلا لنساعد جميعا المسؤولين على أداء مهامهم ولنحقق روح التنمية المستدامة. لقد جاءت في الأهداف والرؤى عدة فقرات مهمة جدا كانت آخرها الفقرة العاشرة التي نصت على ''العمل على التوزيع المتوازن للخدمات الصحية جغرافيا''. لقد ظلت هذه الفقرة في حيرة من أمرها في السابق، بين الاستجابة للضغط الاجتماعي، وتوافر الموارد المالية، وتحسين البيئة المحيطة، وقدرة الطاقم الإداري على تامين ذلك، ولقد كانت الظروف أقوى منهم إلى حد بعيد. أما الآن وفي ظل وفرة الإمكانات وتقديم الأولويات والتركيز على جودة المخرجات، ووجود الأكفاء، فالأرض أصبحت جاهزة للتنفيذ بعد أن توزعت المهام ووضع لكل مهمة مسؤول. فالأهداف تحتاج إلى تحديد مَن يقوم بالتنفيذ ومن يتابع ومن يشرف وتحت أنظار مَن سيتم الصرف ليكون العقد مكتملا ـ بإذن الله. هذا طبعا يؤطره متابعة حثيثة من قبل مجلس الخدمات الصحية الذي سيأخذ هذه المهمة، كما جاء في الاستراتيجية في فقرتها الـ 11، وحسبي أن البداية والنهاية سيكتبها المجلس وهو أقدر على ذلك. المؤشرات لم تغب عن المعدين للاستراتيجية فحددت أن خلال العشرين عاما المقبلة سنصل بإذن الله إلى نسبة 1 طبيب/ 500 من السكان كمؤشر عام. ولكن يتوقع أن يكون للمجلس والوزارة الكلمة في نسب باقي الفريق الطبي من ممرضين وإخصائيين وفنيين بالنسبة لعدد السكان خلال الفترة المحددة. الجميل هو أن مشاركة المجتمع أصبحت مؤشرا تقاس به الخدمة وهي قفزة نوعية في التعاطي مع عمليات الإصلاح. هنا يمكن أن أذكر بأن المشاركة ستكون للقطاع الخاص والخيري كرديف أو بالدعم أو التمويل. أما بالنسبة للأفراد فبالرأي - كأضعف الإيمان- يمكن طرح المبادرات وإلقاء الضوء على الملاحظات المهمة ليتمكن مقدم الخدمة من تسوية مشكلاته الإدارية والفنية فيعود على المسار نفسه مرة أخرى محققا أهدافا أخرى أهمها عمق الصلة بين المريض ومقدم الخدمة. هذا سيضع حملا ثقيلا على الإعلام، ولكن الوسائل كافة الآن مهيأة لذلك. في الأساس الاستراتيجي الثالث مع أنني أرى أن يتم تحديث هذه الفقرة، حيث إن المعاهد والكليات الصحية أرفقت بالجامعات قبل عام من الآن، إلا أن التنسيق مع الجامعات يوضح كيف يمكن لمثل هذه الاستراتيجية أن تترك المجال لتنفيذها بعدة مفاهيم فلا يكون مفهوم الجملة جامدا، وبالتالي يتضح جليا ماهية ''مرونة التنفيذ''. بالطبع سيكون الاهتمام بالتدريب والتعليم المستمر بأسلوب منهجي، لأن نتائجه ستظهر وتلاحظ ميدانيا في كثير من الشؤون الصحية التنفيذية. أما من ناحية اعتماد دليل موحد للمسميات والمؤهلات الوظيفية والوصف الوظيفي، كما جاء في الآلية التنفيذية الخامسة من هذا الأساس فتعني قمة التكامل، خصوصا إذا ما علمنا أن أكثر من 12 جهة رئيسة ستشترك في تنفيذ هذه الفقرة خلال الـ 20 عاما المقبلة، وذلك لما لها من صلات مع بعضها بعضا وعلاقة وطيدة في مسؤولياتها في هذا الشأن بالذات. قد أنوِّه هنا إلى أن الحاجة إلى ترتيب البيت من الداخل سيكون أولوية في كل جهة حتى تكون ردود الأفعال مثمرة وفاعلة ميدانيا. قبل الانتقال إلى الجزء الثاني من المقال، آمل وأرجو أن تؤجل اللقاءات الإعلامية مع المسؤولين في القطاعات الصحية، إلى ما بعد انتهاء موسم الحج لهذا العام، فمن يدري قد تجيب الإنجازات الإيجابية التي ستتحقق، بإذن الله، في حج هذا العام عن معظم الأسئلة، التي تدور في خلد الراغبين في ذلك ـ بتوفيق الله سبحانه وتعالى. وللحديث تتمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي