رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


يمدي وإلا ما يمدينا!!

بداية وبعد «الزحمة» وفي خضم المناسبات الكثيرة المفرحة, ولله الحمد، منها عيد الفطر المبارك، نقول للجميع كل عام وأنتم بألف خير. وعيد الوطن (اليوم الوطني 79)، نقول كل عام والوطن وأهله بألف خير. وعيد العلم ونقول مشوار الألف ميل يبدأ «بخطوة « وهي خطوة عن 100 خطوة لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست). وكلي أمل أن تؤثر تلك الجامعة في محيطها لا أن تتأثر به!. وأخيرا قد يكون «الانتهاء» من الأزمة المالية العالمية حسب مجموعة العشرين (G20) والتي نحن بمنأى عنها إلا من ارتدادات إعلامية وجهل بعض الجاهلين فينا ومنا، عيدا أيضا.
قضيت عطلة العيد في رحلة لخارج الوطن واجتماعات دامت بمتوسط 12 ساعة متقطعة يومياً. وذلك في مهمة تخصصية في جزئية من جزئيات الأزمة المالية بهدف وضع معايير وضوابط لها! وطبعا أسباب هذا التحرك السريع هي الأزمة المالية العالمية وتوجهات مجموعة العشرين. ولست هنا بمعرض استعراض (أين عيدي) وكيف قضيته، حتى لا يقول «الأحبة»، حبكت إلا يوم العيد! لكن توقيتها أيام العيد وحرماني من قرب أعز الناس، أمي - حفظها الله- جعلني أفكر في ذلك كثيرا، ووجدت الإجابة بسيطة. لأننا لا نملك أن نفرض أجندتنا أو جدول أعمالنا على الآخر الذي لديه أعياد مختلفة عنا الكل يحترمها حتى نحن! لكنها دلالة أننا لا نزال في العالم الثالث وهم في الأول. رغم طموح الأمير خالد الفيصل وشعاره « نحو العالم الأول».
في كل مرة أشارك في تجمع دولي كهذا، أو أكون في مهمة عمل مع جهات دولية أو متخصصة، أجد أننا في حاجة للإسراع أكثر في العمل والإنجاز في محاولة اللحاق بالركب. لا نريد تجاوزهم، ولا نستطيع حالياً بكل صراحة، لكن نريد أن نقرب منهم ونضيق المسافات علنا نضمن البقاء على أقل تقدير! الوقت لم يعد يسمح لنا بالتفكير أو التنظير أو حتى كثرة الحوار دون أفعال! بات الوقت ضيقا, ضيقا بمعناه الحقيقي لا المجازي. الوصول للعالم الأول لا يتطلب قرارا ولكن عملا وجهدا على مستوى الأفراد والمجتمع ككل.
رغم كارثية الأزمة المالية العالمية على الدول الرئيسة العالمية، وتحديداً منذ سقوط ليمان براذرز على وجه التحديد في آب (أغسطس) 2008م، نجد أن تلك الدول عملت بشكل مذهل على احتواء الأزمة أولاً من خلال الإجراءات التي اتخذتها بشكل جماعي وفردي كرد فعل مباشر للأزمة التي بدأت مالية وتحولت إلى اقتصادية! لذا دعونا نتحدث عن بعض أوجه السلوك في مواجهة الأزمة من قبل تلك الدول في مقابل السلوك العربي العام وإن كان السلوك العربي اليوم أفضل من الأمس، لكن المطلوب لمجرد البقاء أحياء أكبر بكثير مما يبذل من جهود، بعضها شبه ميت! فما بالك بالمطالبين بأن ننافس الغرب!
فرغم الخلاف الواسع بين تلك الدول وأعني الدول الغربية بالذات بكل ما تحمله كلمة خلاف من معنى، نجد أن هناك مساحة واسعة للتعاون في تحقيق الأهداف المشتركة، فيما تترك الخلافات إلى زمن لاحق تكون في الحقائق تغيرت على أرض الواقع لصالح تلك الأهداف أو عكسها أو ربما بروز حقائق جديدة. وهو العمل الذي يميز الناجحين عن الفاشلين. تحقيق أهداف بسيطة مع الآخرين أفضل من عدم تحقيق أي أهداف معهم أو وحدك، لأننا على خلاف وإن كان جوهريا! باختصار، مصالحهم تذيب خلافاتهم، بينما خلافاتنا تدمر مصالحنا الخاصة والمشتركة!
المحور الثاني عدم الرغبة في التصادم مع الحقائق على أرض الواقع. وهي خصلة قدر يرى فيها كثيرون «جبن» أو «كيل بمكيالين»، لكنها بالنسبة لرجالات الوطن والمسؤولين عن مصائر وإدارة أزمات تعد واقعية. ويكفي الإشارة هنا إلى واقعة الغرب في التعامل مع قضايا شائكة، للتدليل على تلك الواقعية!! كما نشاهد ذلك في التعامل العالمي مع الأزمة المالية وخطابات أوباما الأخيرة التي واضح فيها الفكر البراغماتي. فرغم أن سبب الأزمة الرئيس هو الولايات المتحدة حرفياً, سواء من خلال القرارات التي اتخذت بشكل فردي منذ أكثر من 25 سنة في إدارة اقتصادها رغم أنه «أي الاقتصاد الأمريكي ليس ملكها وحدها»، على الأقل منذ تعويم الدولار واعتباره عملة عالمية في عام 1971م. ورغم أن ما يكتب في الأدبيات الاقتصادية يومياً وفي كل بقاع العالم عن تلك المسؤولية بما في ذلك بعض المفكرين الأمريكيين يؤكد تلك المسؤولية بالأرقام والقرارات السياسية والاقتصادية، إلا أنه وعندما يأتي دور العمل والعلاج نجد أن العمل الجماعي هو المسيطر والقائد للمعالجات ويصبح التفرد والإنفراد نشازاً واضحاً وممقوتاً. فعندما تكون الأهداف معالجة المشكلات، لا يصبح للوم وتبادل الاتهامات مجال.
تحويل الأزمة إلى فرصة هو ما يميز الحضارات الحية عن الأخرى أو التي تعيش في الأزمات التي تأتي من عدم حل أزماتها السابقة، أو بصورة أوضح تراكم المشكلات مع عدم تقديم حلول لها. مناقشة كل مشكلة في الحضارات السائدة اليوم يعني عملياً بزوغ «فرصة»، الأمر الذي يعني المزيد من العمل ليس لحل المشكلات أو تطويق الأزمات, بل إيجاد مبدأ التحوط من حدوث أزمات مماثلة. وهو ما يكشف عن أسباب عدم حدوث أزمات بالمسببات نفسها «لديهم». بينما تتكرر لدينا الأزمات وبالمسببات نفسها وأحيانا كثيرة بالمتسببين بها نفسها دون حراك أو مسؤولية! هل ترغبون في معرفة بعض الفرص التي بدأت تظهر وتناقش اليوم بسبب الأزمة المالية؟ إنها في قطاع الخدمات المالية، والتي ستشهد طفرة خلال الأعوام العشرة المقبلة نتيجة فشل الخدمات الحالية بشكلها الحالي التي يعرفها القطاع المالي. إنه قطاع بمئات المليارات من الدولارات ستتولد من هذا القطاع ولكن ليس بالأسماء القديمة ولكن بأسماء جديدة وأشكال جديدة! فرص مدعومة بتنظيمات ستظهر تباعاً. فهل تُرى يمدي وإلا ما يمدينا؟ مع ضرورة الإبقاء على طموح الوصول للعالم الأول! أترك الإجابة لفطنتكم! والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي