هيئة سوق المال مطالبة بممارسة مزيد من الشفـــافية في آليات إصدار الصكوك
بعد انطلاقة السوق الثانية للأوراق المالية مؤخرا في السعودية طرحت عدة آراء مختلفة حول إنشاء مثل هذه الأسواق من الناحيتين الفنية والتشريعية ففي العدد الثاني من مجلة "المصرفية الإسلامية" طرحت ندوة المصرفية عديدا من الأفكار كان من بينها أن التمويل بالتسنيد التصكيك يهدف إلى معالجة شح الائتمان في القطاع البنكي. وطرحت "المصرفية الإسلامية" في عددها هذا للنقاش موضوع سوق الصكوك والسندات بمختلف جوانبه في ندوة حضرها عديد من الخبراء والمختصين.
فقد أكدت ندوة "المصرفية الإسلامية" أن من أهم التحديات التي تواجه سوق الصكوك والسندات, ما يتعلق بالجوانب الفنية والشرعية، لذلك طالب المنتدون بتوحيد الهيئات الشرعية بسبب محدودية عدد المشايخ المختصين في المصرفية الإسلامية مطالبين بفتح الأبواب أمام جيل جديد بعيدا عن الاحتكار في هذا المضمار، وأكدت أيضا محدودية هيئات التصنيف الائتمانية اللازمة لإصدار الصكوك، وتناولت بالتفصيل هيكلة الصك وآلية الإصدار وليس المسمى.
#2##3##4#
المشاركون في الندوة
رئيس الندوة:
د. عبدالله العمران
محمد العمران
الشيخ حامد ميره
عبد الله الذبياني
محمد العمران
د. مبارك الغامدي
د. سعد السيف
عبد الرحمن الراشد العبد اللطيف
د. يوسف الزامل
د. يوسف محمد
ياسر العبد السلام
خبير مصرفي
د. محمد السحيباني
(كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية)
محاور الندوة:
* مفهوم الصكوك والسندات.
* خصائص الصكوك والسندات.
* التوجه العالمي للصكوك الإسلامية.
* الصكوك الإسلامية بين الواقع والمأمول.
* الآثار الاقتصادية للصكوك والسندات على الأسواق المالية.
* مستقبل سوق الصكوك والسندات.
#5##6##7#
طالب الحضور هيئة سوق المال بوضع لائحة خاصة بالصكوك والسندات بدلا من تركها هدفا للوائح مجتمعة، ورأى البعض أن تقديم الصكوك كبديل للسندات أضر كثيرا بالاستثمار الحقيقي وأثر في شرعية الصكوك وأدائها الاقتصادي، فيما رأي آخرون أن التدرج في سوق الصكوك يمثل استجابة لمتطلبات السوق لأننا من الدول الناشئة المنفتحة التي لها علاقات اقتصادية عالمية واسعة, كما أننا مؤهلون لأن يكون لنا دور عالمي، فنحن الأولى لنكون مركزا عالميا لإصدار الصكوك الإسلامية شريطة معالجة القضايا الفنية وهيكلة الصكوك بشكل مهني من حيث المخاطر والسيولة والتوقيت، وكذلك يتعين الحرص على أن يكون إصدار الصكوك لأغراض التنمية وتمويل المشاريع العملاقة لسد الفراغ المتوقع في المستقبل.
تلك أهم النقاط التي تناولتها ندوة السندات والصكوك التي عقدت مؤخرا بالتعاون بين مجلة "المصرفية الإسلامية" والهيئة العالمية للتمويل والاقتصاد, والتي جاءت بعنوان: "قراءة اقتصادية في سوق الصكوك والسندات"، وقد حضر الندوة مجموعة من خبراء الصيرفة الإسلامية، وبعض ممثلي البنوك الإسلامية.
وقد أشار الدكتور عبد الله العمراني رئيس الندوة, إلى أن كل محور من المحاور يمكن أن يكون موضوعا لحلقة أو ندوة مستقلة, وطرحت آراء كثيرة في مجال استشراف مستقبل الصكوك الإسلامية على وجه التحديد، حيث أكد أن هذه الندوة تلقي الضوء على عدد من القضايا المهمة حول هذا الموضوع.
#8##9##10#
مفهوم السندات والصكوك وخصائصها
بداية قال محمد العمران: إن مفهوم الصكوك والسندات ومدى شرعيتها أصبح واضحا الآن للجميع ولكن لدينا تحفظات كثيرة مثل, هل الصكوك والسندات إسلامية أم لا؟ فليس كل الصكوك إسلامية، وهذه نقطة خطيرة لأن كثيرا من الإخوان يندفع ويقول إن الصكوك جميعها إسلامية، وأعتقد أن بعض المشايخ في المملكة أجاز بعض السندات وليس كل السندات، المهم ينبغي أن ننظر إلى الآلية دون الاسم، وأعتقد أن معظم الآراء الشرعية تنظر إلى الصكوك بمفهومها المتعارف عليه وهو مفهوم الإيجارة أو المنفعة ويجب أن يكون ضمن آلية يتم بها نقل الأصول إلى شركة تابعة تكون مملوكة للشركة الأم وبالتالي يتم إصدار هذه الصكوك أو الرأي الشرعي المتبع من قبل هذه الشركة التابعة، ومن أهم التحديات التي تواجه الصكوك لدينا الرأي الشرعي لأن عدد الهيئات الشرعية محدود لقلة عدد المشايخ المختصين، وهناك آراء تطالب الآن بتوحيد الهيئات الشرعية بحيث تكون مستقلة بدلا من أن تضع كل شركة هيئة شرعية لها، فالشركات عددها كبير ومطلوب من كل منها هيئة شرعية وهو ما لا يمكن أن يتحقق خاصة في ظل قلة عدد المشايخ.
النقطة الثانية هي التصنيفات الائتمانية، فالشركات التي لديها القدرة على أن تحصل على تصنيف ائتماني يسمح لها بأن تصدر صكا أو سندا عددها محدود أيضا، فهناك المصارف و"سابك" و"سابكو" و"الاتصالات السعودية" وشركة أو اثنتان من قطاع التأمين، أي أنه لا يوجد عدد كبير من الشركات التي لها حق إصدار صك أو سند، هذه نقطة تعتبر معوقا أساسياً، فنحن نتحدث عن سوق كبيرة يعول عليها كثير من الآمال.
وأوضح الشيخ حامد ميره أن قضية الفروق الرئيسية بين السندات والصكوك، أصبح يتداولها كثير من الناس وأعتقد أن هذه الندوة سيكون لها نفعها لعموم الناس، ونحن نحتاج إلى أن نفرد بعض الأمور التي لا تخفى على الحاضرين.
#11##12#
بالنسبة إلى الفرق الرئيسي بين الصكوك والسندات، السندات تمثل قرضا في ذمة المصدر يلتزم برده مع زيادة. وهذا القرض بزيادة حرام لأنه ربا, أما الصكوك فإنها يجب أن تكون أداة تمويل, لأن المصدر يحتاج إلى تمويل يصدرها بينما يكتتب المستثمر فيها لأجل الاستثمار، هذه فائدة الصكوك الأولى، أما الفائدة الثانية فهي أنها أداة يجب أن تكون مؤقتة لها تاريخ ابتداء وتاريخ انتهاء, وليست كالأسهم، فالأسهم في الأساس شراكة. لذلك فإن التحدي الرئيسي للصكوك يتمثل في أنها تحمل كثيرا من الخصائص والمزايا التي يجب أن تكون موجودة في السندات لكنها ليست محرمة مثل أن تكون: قليلة المخاطر، ذات سيولة، ومؤقتة لذلك أنشئت مجموعة من العقود الشرعية التي يمكن أن تكون بمثابة هيكلة للصك فكان هنا التحدي وهو بناء ورقة مالية تحمل خصائص الأوراق المالية من التداول ومبنية في الوقت نفسه على مجموعة من العقود الشرعية، فهو مجال حديث العهد بدأ في منطقة الخليج خلال السنوات العشر الماضية أو أقل".
ولكن ليس معنى أن هناك إشكالات شرعية أن توقف سوق الصكوك لأنها أداة عليها ملاحظات شرعية، أو أن هذا دليل فعاليتها ودليل قوتها فلا يولد شيء كاملا.
وأشار عبد الله الذبياني, إلى أن إحدى الإشكاليات التي تواجه المنتجات المالية الإسلامية أنها تقدم نفسها دائما كبديل للمنتجات الموجودة، وما يحدث مع الصكوك واعتبارها بديلا للسندات حدث أيضا مع التأمين والتأمين التكافلي والقرض التقليدي والتورق وغيرها، ويعتقد الذبياني أنه من الأجدى أن تطرح المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة باعتبارها منتجات إضافية توسع فرص الاستثمار أمام المستثمر وليس منتجات هدفها الإحلال بدل المنتجات الموجودة فعليا، وقال إن معالجة هذا الوضع يرتبط بتغيير في ذهنية فقهاء المعاملات المالية فيجب أولا أن يغيروا هذه الصورة في منتجاتهم, وإلا فإن سوق الصكوك ستقتصر على مناطق محدودة من العالم ما لم يكن لها تشريع مقبول عالمياً.
وتساءل الذبياني قائلا: أعتقد بشكل عام ضرورة إيجاد حل لإشكالية الفتاوى التي تمتد لتشمل جميع مناحي العملية المصرفية الإسلامية، فعندما تتطلب إصدار الصكوك فتوى هل ستكون الفتوى متعلقة بالورقة المالية وإجازتها شرعيا أم أنها ستكون متعلقة بالشركة المصدرة؟
وقال د. عبدالله العمراني: حتى الآن لا أعرف ما الآلية التي تصدر بها السندات من قبل المؤسسات المعنية في المملكة العربية السعودية، فهل هي الآلية الموجودة في النظام التقليدي نفسها، كما ذكرها الأستاذ حامد دين بزيادة أم أن لها تصنيفا آخر وآلية أخرى؟
وإنني ممن يستبشرون بأن توجد سوق للصكوك والسندات يتم من خلالها التداول وتعميق السوق وإيجاد قنوات استثمارية جديدة وإتاحة فرص لخزائن البنوك لكي يتم تداولها في الأجل القصير بشرط أن تكون منضبطة، لذلك نحن نحتاج إلى أن نعرف التشريع الذي يجب أن يضبطها حتى ننظر فيما يجوز وما لا يجوز، وأعتقد أن الهدف من هذه الندوة هو إعطاء بعض الجوانب الجيدة التي يمكن الاستفادة منها في تنظيم فعالية السوق وآثارها الاقتصادية المذكورة.
وأجاب محمد العمران قائلا: أتصور أن هدف الندوة ليس مناقشة الجوانب الشرعية لأن هناك أناسا أعلم منا بهذا الجانب، ولكن الهدف الأساسي اليوم هو مناقشة آلية هل هي جائزة شرعا أم أنها غير جائزة حتى نستفيد منها؟ لذلك فإن سؤال الأخ عبد الله الذبياني مهم ولكننا لا نستطيع الإجابة عنه, وليس الهدف اليوم من الندوة هو الإجابة عن هذا التساؤل.
لائحة خاصة بالصكوك والسندات
وأشار محمد العمران إلى أن هناك خلافا بين المشايخ, والمشكلة أن هذا الخلاف يتم استغلاله من بعض ضعاف النفوس ويجدون له ثغرة، وهذه قضية في حد ذاتها, الآن نظام السوق المالية وضع لائحة التسجيل والإجراءات وتكلم عن الأسهم والسندات وحدد الحد الأدنى وأوجب وجود مستشار مالي ...إلخ.
لكن هناك فروقا هيكلية واضحة جدا، فمثلا السندات شبيهة القرض مثلما تفضل الأستاذ حامد ميره, عبارة عن مديونية لكل ديون الشركة، لكن فيما يتعلق بإصدار صكوك داخل المملكة هناك أولا جوانب هيكلية للشركة فعليها قبل أن تعين مستشارا ماليا ومدير اكتتاب، أن تؤسس شركة تابعة لها مثل شركة سابك للصكوك وشركة الكهرباء للصكوك، فتكون هذه الشركة ذات غرض خاص للصكوك ويتم تحويل ملكية الأصل عن طريق اتفاقية من الشركة الأم إلى الشركة التابعة، ومن ثم تقوم الشركة بإصدار صك الملكية أو المنفعة أو صك الإيجارة من الشركة التابعة لمصلحة المستفيدين، لكن من الناحية القانونية فيما لو أفلست الشركة, فإن المخاطر على حامل الصك تعتبر أقل من المخاطر على حامل السند لأن مصدر مقابلة الورقة المالية محدد ومعروف بشكل واضح، لكن بالنسبة إلى السند, فإنه على مجمل أصول الشركة وبالتالي يجب إعادة تقييم الأصول، طبعا الطرفان لهما أولوية أيضاً على حامل السهم لكن المخاطر بشكل عام من حيث هذه الآلية فرضت ما بين السندات والصكوك من حيث الأصول نفسها، الصكوك على أصول محددة يتم إصدارها من خلال الشركة التابعة. محاسبيا هناك ما يسمى بتوحيد القوائم المالية لأن الشركة التابعة تكون مملوكة للشركة الأم بنسبة 100 في المئة وبالتالي فهناك توحيد للقوائم وذلك لا يؤثر في القوائم المالية بشكل عام. لذلك يفترض بهيئة سوق المال أن تضع لائحة خاصة بالصكوك والسندات، بدلا من تركها مبهمة ضمن اللوائح مجتمعة.
وأضاف د. مبارك الغامدي: حقيقة لا شك في أن ما أشار إليه الإخوان من ضرورة تحديد المصطلحات وبيان الفروق بين الصكوك والسندات يعد قضية محورية، لأنها أحيانا تسمى صكوكا ولكنها غير واضحة، فكل ما يسمى صكا يجب أن توضع له لائحة ثابتة نظير مقابل بأصل معين، ولكن ما هذا الأصل؟ هل هو عقد تملك أم عقد إيجاره؟ أعتقد أن ذلك يصب في خانة عدم الشفافية والوضوح ما يؤدي إلى حدوث لبس للمستثمرين. وبالنسبة إلى اختلاف آراء بعض المشايخ والعلماء، أتصور أن هذا الكلام غير دقيق فهذه السندات محرمة ولا يجوز تعاملها بالربا, بإجماع العلماء لدينا.
أما د.عبد الله العمراني, فقد أقر بوجود خلاف، قائلا: إذا تعامل شخص مع بنك بشراء سيارة بالتقسيط مثلا، حتى لو كان هذا البنك ربويا لكنه اشترى منه بعقد، فإن العقد صحيح، وقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود وهم أهل ربا لكنه تعامل معهم بعقد صحيح.
وقال د. سعد السيف: بداية أود التعليق على نقطة جوهرية وهي تقديم الصكوك كبديل شرعي للسندات، من واقع خبرة عملية رأيت أن هذا التقديم للصكوك أضر بهيكلتها، فالعمل على تقديم الصكوك على أنها بديل للسندات أدى إلى حدوث بعض العقبات، فالسندات بطبيعتها منخفضة المخاطر وبالتالي فهي ذات عوائد قليلة جدا، وتقديم الصكوك كبديل للسندات, بمعنى أن تؤدي الأهداف نفسها, أحدث ضغوطا على هيكلة الصكوك، كما أنه أدى إلى نشوء أنواع محددة من الصكوك خارج المملكة قائمة على البيع وإعادة التأجير مع وعد بالشراء تطابق السند في خصائصه كلها.
النقطة الثانية التي أثيرت وهي إدراج نشرة الإصدار التي تصدر من قبل الشركة التي أصدرت الصك تحتوي على معلومات كاملة فيما يتعلق بنشاط الشركة وفيما يتعلق بالأداء المستقبلي لها والدراسات والقوائم المالية في هيئة سوق المال دائما، لكن يبقى الإفصاح المتعلق بهيكلة وأصول الصكوك قليلا جداً مقارنة بغيره.
وأجاب د. عبد الله العمراني: الحقيقة أن تقديم الصكوك كبديل للسندات أضر بالاستثمار الحقيقي وهذا ما أثير في مجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي في الفترة الأخيرة، حيث أثاروا أربع قضايا هي محل إشكال شرعي للصكوك الإسلامية التي من أبرزها ضمان استرداد رأس المال الذي يؤدي إلى أن تكون المسألة شكلية وليست حقيقية وهذا لا شك أضر بالصكوك الإسلامية وأثر في شرعيتها وأدائها الاقتصادي.
وأضاف د. يوسف الزامل قائلا: ألاحظ أن لدينا حساسية مفرطة فيما يتعلق بالنواحي الشرعية. فالأمور تسير عادة متدرجة, والصكوك تحتاج إلى وقت حتى تصبح شرعية بنسبة 100 في المئة, فلا تزال المنتجات المالية البنكية الإسلامية محل تطوير وموضع نقد من قبل أصحاب البنوك الإسلامية أنفسهم مثل صالح كامل وأحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية وغيرهما، فنحن ما زلنا في البداية، كما أن لدينا ارتجالا في كثير من القرارات ، لذلك ليس بمستغرب أن يكون هناك تضارب في الفتوى ونحن في البدايات لأننا دولة نامية في كل النواحي بما فيها الشرعية والاقتصادية والمالية، وهناك كثير من الأمور تتم من غير تأسيس, لكنها ستتطور مع الزمن.
مركز عالمي لإصدار الصكوك الإسلامية
محمد العمران : ؟؟؟؟الشيخ الذي تحدث عن ماليزيا؟؟؟؟؟
أتصور في موضوع ربط السندات بالصكوك أنه كان لابد أن يكون هناك ربط، لأن الصكوك ينبغي أن تتميز بأمرين, وجود عائد ثم القدرة على التداول وهو ما تتميز به السندات. فهي أداة تمويل لهذا الغرض، أما أدوات التمويل الأخرى فإنها ليست مناسبة لأن تحل محل الصكوك أو أن تربط بها، يراد من الصكوك أن تكون أداة تمويل بحيث يستطيع صاحبها أن يتداولها ويحصل على عائد، هذا الذي جعلها شبيهة بالسندات لكنها لا تتبعها كليا لأن ربطها بها من النواحي الفنية والإجرائية يعني قتلها وليس مجرد الإضرار بها.
أما فيما يتعلق بما ذكره الدكتور يوسف الزامل فإنني أتفق معه على التدرج وأرى أنه لا يجب أن يأخذنا الحماس فتغيير نظام ليس بالأمر السهل، وإنني لا أتكلم عن بيئة داخلية مغلقة، فنحن بيئة مفتوحة وعلاقاتنا الاقتصادية الدولية كبيرة جدا، فلا نريد لتجربة الصكوك أن تكون شبيهة بما حدث بخصوص التورق في هذا البلد المبارك، خاصة أن السعودية لها السبق في مجالات كثيرة، فالناس بدأوا قبلنا، ولماليزيا تجربة كبيرة في هذا الموضوع، المطلوب منا أن نضع آلية تناسب استثمار البنك فيها، وكذلك لا نجد إشكالية فيما ذكره الأستاذ سعد السيف من أن الصكوك قريبة للسند، لكن الإشكالية الحقيقية في حقيقة الصك ووجود الشركة ذات الغرض الخاص حقيقة ليس الهدف أن تكون مديرة لإصدار الصكوك وإنما لحماية الشركة التي ترغب في التمول، هنا تأتي أهمية التشريع الذي يجعل هناك شفافية لمن يريد أن يحمل هذا الصك, بحيث يعرف على ماذا أسس؟ وما الأصل؟ وما حقوقه فيه؟
وأعتقد أن هيئة سوق المال لا تكفي وحدها للقيام بهذا المشروع, بل تحتاج معها إلى مجموعة من الجهات على رأسها وزارة التجارة ومؤسسة النقد، أما وزارة التجارة فلإيجاد الشركات المساندة لإصدار الصكوك سواء كانت شركات مديرة للصكوك, وهي التي تسهم في التوفيق بين حامل الفوائض المالية والمحتاج إليها إذ لابد من أن يكون هناك مدير لإصدار الصكوك يوفق بين من يرغب في الاستثمار ولديه فوائض مالية ومن هو في حاجة إلى المال ولديه أصول يستطيع أن يبيعها لحملة الصكوك بيعا حقيقيا، لذلك أرى أن الموضوع يحتاج إلى نظرة أبعد وأعمق لأنني أرى أننا إن لم نقم بهذا الدور في السنوات القادمة فإن هناك جهات تسعى جاهدة لأن تكون سوقا لهذه الصكوك.
ومن يتابع الإنترنت يجد أن كثيرا من المؤتمرات والندوات تدور في لندن حول هذا الموضوع، وهم يريدون معرفة المتطلبات الشرعية، حتى يتمكنوا من أن يكونوا مركزا لإصدار الصكوك الإسلامية وأعتقد أننا أولى بأن نكون هذه الجهة التي يجب أن تقوم بذلك.
وقال عبد الرحمن الراشد: بخصوص تدرج تأسيس البنوك الإسلامية، فقبل 30 عاما كانت الفكرة مطروحة وكانت هناك معارضة. المشتقات الإسلامية هي رسالة وتجارة وبحكم أنها رسالة, فالمطلوب منا جميعا التأكد من سلامتها لأنها ستطبق خارج العالم الإسلامي ومن قبل الآخرين، وهذا بلا شك سينعكس على العالم الإسلامي وسمعته.
وأشار الإخوان إلى الدكتور محمد تقي عثمان الذي أثبت أن 85 في المائة من الصكوك في دول الخليج لا تنطبق عليها المعايير الإسلامية، كما أشار الأخ محمد العمران إلى ماليزيا، والمعروف أنها أفضل تطبيقا للصيرفة الإسلامية من الدول الخليجية، وقد أثبتوا أن 75 في المائة من المشتقات والمنتجات الإسلامية من الصكوك في ماليزيا صحيحة، أما في الخليج فالنسبة 15 في المائة فقط.
من جهته, قال د. يوسف محمد: عندما تحدثت عن الصكوك في ماليزيا ذكرت أن هذه الصكوك كانت في معظمها بيع دين وهذا غير جائز شرعا، وهذا ليس رأيي أنا فقط بل رأي كثير من المشايخ، لأنه تم تقييم للصكوك التي صدرت في ماليزيا والإمارات والبحرين ومعظم دول الخليج، وإنني أتفق على أن الصكوك التي صدرت في الإمارات والبحرين لا تتوافق مع الشريعة كما يراها المشايخ والهيئات الشرعية في السعودية. لكن فيما يتعلق بماليزيا تحديدا فإن عليها تحفظات شرعية كثيرة, وكما قلت: معظمها بيع دين وهي عبارة عن صدور للسندات ولكن بطريقة ملتوية.صحيح أنها تسمى صكوكا لكنها فعليا غير موافقة للهيئات الشرعية داخل المملكة.
أما د. محمد السحيباني فقد استعرض من الناحية التاريخية, كيف كانت الصكوك تصنف لدى الغرب بصورة تقليدية على أنها أقرب للسندات أو شبيهة بها، وكانت تحاول أن تتوافق مع الصيغ الموجودة في ذلك الوقت، ولهذا كان هناك توجه في تطبيقات الصكوك بمرور الوقت أن تكون متوافقة أكثر مع التمويل المهيكل القريب أكثر من توافقها مع الجوانب الشرعية وإذا كان هناك تغاض عن كثير من المعايير الشرعية التي أدت بمرور الوقت أيضا إلى اختلاف الفروق بينها وبين السندات. ولهذا فيما لو استمر الوضع على ما هو عليه الآن فسوف تقل الفروق بين السندات والصكوك بشكل كبير جدا وبالتالي سيكون لها آثارها الاقتصادية في الاقتصاد بصفة عامة.
ولهذا إذا أردنا أن نطور فعلا صكوكا تتوافق مع الجوانب الشرعية، فلابد أن نفكر خارج الصندوق الذي وضعنا فيه التمويل التقليدي، وخاصة التمويل المهيكل. كما يجب أن نفكر في العوامل التي ستؤدي إلى نجاح الصكوك بأشكالها المختلفة، ليس فقط ذات المخاطر المنخفضة, على سبيل المثال مسألة التصنيف، فالصكوك تحتاج إلى نموذج مختلف للتصنيف والتقييم, بعضها قد يتطلب تقييم الجدارة الائتمانية لكن جزءا كبيرا منها ربما يعتمد على أنواع المشاركة.
أيضا هناك نقطة أود أن أشير إليها وهي أثر صيغة التمويل في الحوافز, فالمعروف أن الصكوك ليست كلها قابلة للتداول، فبعضها قابل للتداول والبعض الآخر غير قابل، عدم قابلية التداول في الواقع له أثر إيجابي في الحوافز وبالتالي عدم تشجيع الأسواق الثانوية في بعض الأحيان قد يكون ذا مغزى من الناحية الشرعية لأنه إذا كانت العلاقة ستستمر بين الدائن والمدين طيلة فترة التعاقد ولا يمكن لأحد الطرفين التنصل منها أو نقلها لطرف آخر فإنه سيكون أكثر حرصا على قدرة الطرف الآخر على الوفاء ببنود هذا العقد، لكن عندما تكون هناك إمكانية للتداول أو بيع الديون، وهذا ما حدث في الأزمة المالية الأخيرة، فسيضعف الحافز وستكون هناك آثار سلبية على الاقتصاد ككل من ناحية أنه لن يكون هناك تركيز على مدى قدرة المصدر على سداده أو غير ذلك، ولهذا فإن الصكوك أداة تمويلية أكثر شمولا ويجب أن نعمل على هذا الأساس.
وطالب سعد السيف قائلا: إن أحد أهم متطلبات إدراج الصكوك المطروحة طرحا عاما, هو توفير نشرة الإصدار على موقع هيئة سوق المال وعلى موقع الشركة المصدرة وعلى الموقع الخاص بالمستشار المالي وجعلها متوافرة لعموم الراغبين في الاستثمار. ومن يستثمر في الصكوك فإنه عادة يقوم بذلك بعد قراءة مفصلة لهذه النشرة، وكجزء من ضوابط الشفافية فإن هيئة سوق المال تضع في لائحة إدراج تفصيل ما يتم ذكره في هذه النشرة. ولا أرى ذلك إشكالا، فثقافة قراءة نشرة الإصدار قد تكون معدومة، وهذه للأسف إحدى إشكاليات العمل في مجال سوق الصكوك.
وأضاف عبد الرحمن الراشد: لقد تعودنا كمستثمرين أن نعتمد على الهيئات الشرعية باعتبار أن هناك عدم وعي بقراءة نشرة الإصدار، لذلك فنحن ننظر إلى أشخاص الهيئات الشرعية، وبالتالي نعتمد عليهم لأنهم ذوو مصداقية وثقة وأهل علم ودراية لأنهم يدخلون في أدق التفاصيل، وبالتالي القارئ يوفر على نفسه عناء عدم استيعاب كل ما هو مكتوب في نشرة الإصدار ويكتفي بالاقتناع بالهيئات الشرعية ودورها.
مستقبل سوق الصكوك
واعتبر ياسر العبد السلام أن للصكوك فوائد كثيرة كمنتج للتمويل وكما تعرفون, لدينا ضيق في وسائل الاستثمار، ونعاني من كثرة الحوالات المالية للعاملين داخل السعودية إلى بلادهم نظرا لعدم توافر وسائل استثمارية.
وأعتقد أن الصكوك تمثل فرصة جديرة بالعناية، إلا أن هناك بعض الممارسات الخاطئة، حيث وجدنا في صك مثل الكهرباء مر على اللجنة التنفيذية والمدير التنفيذي وليس على الهيئة الشرعية، وذلك تجنبا للهيئة الشرعية لأنها في الغالب, لن توافق عليها فهذه من المآخذ التي أخذناها على شركة الكهرباء، لذلك فإن هذا الأمر سيؤثر في مستقبل الصكوك الإسلامية ويجب الاهتمام بذلك. لذلك فإنني أدعو هيئة العلماء المتخصصين إلى كتابة المعايير المطلوبة في الصكوك حتى تكون شرعية, كما أدعوهم إلى كتابة المآخذ الموجودة على الصكوك، بحيث تكون دليلا عاما للجميع ليعرفوا متى يكون هذا الصك صحيحا من الناحية الشرعية ومتى يكون غير شرعي وما الضوابط المطلوبة؟ لذلك مثل التورق الذي وضعت له ضوابط حتى يكون شرعيا. وهذا مقترح لعل الهيئة الشرعية تضعه في الاعتبار.
وفيما يتعلق بمستقبل الصكوك قال محمد العمران: هناك أمر أخير بالنسبة إلى مستقبل الصكوك، في الناحية المالية فقد أصدرت تقارير من جهات مالية مهنية كبرى عن مستقبل الصكوك وكلها أشارت أيضا إلى أن سوق الصكوك تعرضت لإخفاق من ناحية حجم الإصدارات وحجم الأموال المستثمرة في الصكوك خلال الربع الأخير من العام الماضي بسبب الأزمة المالية وكذلك ربطه بما أثير من الناحية الشرعية للصكوك. وفي بداية هذا العام كان هناك أكثر من تقرير يشير إلى أن سوق الصكوك ستبدأ في الصعود من جديد. لكن في السياق نفسه, أرى أن سوق الصكوك سيكون لها بإذن الله مستقبل كبير من الناحية الفنية لكن يقترن ذلك بمعالجة القضايا الفنية وهيكلة الصكوك بشكل مهني جيد من ناحية المخاطر وبقية الأمور وهذا أكبر تحد يواجهه مستقبل سوق الصكوك.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن نرى قريبا إصدارا للصكوك يكون أقرب إلى الضوابط الشرعية وأقرب كثيرا للمعالجة الفنية.
وقد وجدت من خلال آخر إحصائية لإصدارات الصكوك, أن هناك قفزة كبيرة بعد الأزمة المالية العالمية، حيث كانت 95 مليون دولار في كانون الثاني( يناير) الماضي ثم تطورت إلى مليار دولار في آذار ( مارس ) الماضي، وهذا معناه أنه سيكون هناك إقبال على الصكوك في الفترة المقبلة.
وقال رئيس الندوة د. عبد الله العمراني: الآن نلاحظ أن البنوك أحجمت عن التوسع في منح التمويل لعملائها وهذا واضح من خلال التقارير الإحصائية الصادرة من مؤسسة النقد اعتبارا من العام الحالي 2009، لهذا السبب السؤال الآن كيف سيتم تمويل المشاريع التنموية العملاقة في المملكة؟ هذه تحديات تعطي فرصا كبيرة لسوق الصكوك أن تسد هذا الفراغ المتوقع في المستقبل، خصوصا في تمويل المشاريع التنموية العملاقة، لهذا أعتقد أن سوق الصكوك أمامها مستقبل كبير في لعب هذا الدور.
هناك نقطة مهمة يجب التأكيد عليها، وهي ترشيح الدولة لأن تكون مصدرة للصكوك ومشركة لعامة الناس في مشاريع التمويل الضخمة وهذا يتيح ثلاثة أمور: أولا، تنوع الدولة بصورة أكبر في مشاريعها لأنها لن تكون مقيدة فقط في الميزانية فسيكون لديها مصدر آخر للتمويل، وثانيا، ثقة الناس بالدولة واطمئنانهم إلى أن ما يصدر منها لن يكون محل مخاطرة كبيرة، ثالثا, أنه في الشريعة الإسلامية ما يأتي من ولي الأمر من قضايا ضمانات وغيرها قد يراعي مالا يراعى في الشخص أو جهة معينة، فإذا استقرت ثقافة السوق وأصبح الوعي بها كاملا عندئذ تنسحب الدولة وتترك المجال للقطاع الخاص بشكل أوسع. لكني أؤكد أهمية إصدار صكوك لأغراض التنمية المحلية التي نعلق عليها آمالا كبيرة.
وقال عبد الرحمن الراشد: لدي ثلاثة اقتراحات أختم بها الندوة:
1 ـ من هذا المنبر أتقدم باقتراح تأسيس منظمة بنكية خليجية لتوجيه استثمارات النفط المودعة في البنوك المحلية في الخليج كاستثمار يخدم المنطقة والعالمين العربي والإسلامي.
2 ـ تأسيس هيئة شرعية اقتصادية عليا ممثلة من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تكون مرجعية للهيئات الشرعية المصغرة الموجودة في البنوك.
3 ـ إنشاء هيئة شرعية خليجية مصاحبة لتأسيس البنك المركزي الخليجي الذي تم إقراره في الاجتماع الأخير.
كما اقترح د. العمراني: أن يقتصر الأمر على سوق الصكوك و الصكوك الإسلامية، وليس على السندات والصكوك حيث تتلافى المخالفات الشرعية، فهذا جانب مهم جدا. ودعا أيضا مراكز البحوث في الجامعات والبنوك والشركات إلى الاهتمام بتطوير المنتجات في المرحلة المقبلة بصورة شديدة.
مقترحات الندوة:
1 - دعوة العلماء المتخصصين إلى كتابة المآخذ الموجودة على الصكوك، بحيث تكون دليلا عاما للجميع ليعرفوا متى يكون الصك صحيحا من الناحية الشرعية ومتى يكون غير شرعي والضوابط المطلوبة.
2 - هناك فرص كبيرة لسوق الصكوك لسد الفراغ المتوقع في منح التمويل لعملائها في المستقبل, وتمويل المشاريع التنموية العملاقة في المملكة.
3 - نحن أولى من لندن وغيرها, لنكون مركزا لإصدار الصكوك الإسلامية.
4 - أن تكون الدولة مصدرة للصكوك ومشركة لعامة الناس في مشاريع التمويل الضخمة فإذا استقرت ثقافة السوق وأصبح الوعي بها كاملا تنسحب وتترك المجال للقطاع الخاص بشكل أوسع.
5 - يتعين تأسيس منظمة بنكية خليجية لتوجيه استثمارات النفط المودعة في البنوك المحلية في الخليج كاستثمار يخدم المنطقة والعالمين العربي والإسلامي.
6 - تأسيس هيئة شرعية اقتصادية عليا ممثلة من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تكون مرجعية للهيئات الشرعية المصغرة الموجودة في البنوك.
7 - إنشاء هيئة شرعية خليجية مصاحبة لتأسيس البنك المركزي الخليجي الذي تم إقراره أخيرا.
8 - الاقتصار على الصكوك الإسلامية دون السندات لتلافي المخالفات الشرعية .