الوهن يصيب اندفاع الأسهم والسلع.. والسندات الحكومية تتقدم
الاندفاع الأخير في الأسواق العالمية أصابه الوهن الأسبوع الماضي، حيث بدأ المستثمرون باستباق القرارات الحكومية لسحب الإجراءات غير العادية التي اتُّخِذت للتصدي للأزمة المالية. خبطت أسواق الأسهم وتراجعت السلع، في حين أن سوق السندات الحكومية اندفعت إلى الأمام.
أول إشارة ملموسة إلى هذا التحول جاءت يوم الخميس مع صدور بيان مشترك من البنك المركزي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي والمركزي البريطاني والمركزي السويسري، يقول إنه سيتم اعتباراً من تشرين الأول (أكتوبر) تقليص عدد من العمليات الطارئة لتقديم سيولة الدولار.
رتشارد جيفري، كبير الإداريين الاستثماريين لدى مؤسسة كازنوف كابيتال مانجمنت Cazenove Capital Management لمس إحساساً جديداً باللبس يعكس الدورة الاقتصادية وآفاق السياسة النقدية.
وقال: «سيكون هذا التعافي الاقتصادي شاقاً تماماً في الولايات المتحدة وبريطانيا، وعلى المدى القريب هناك إحساس متزايد بالقلق حول ما سيحدث حين تنتهي إجراءات التسهيل الكمي.
وسيتعين امتصاص قدر أكبر بكثير من حركة السندات الحكومية، ويمكن لهذا أن يكون له وقع على سندات الخزانة البريطانية وعلى أسعار الأسهم. وما لم نشهد دليلاً واضحاً على التحسن في الطلب النهائي، وبعض التكامل في جوانب معينة، فإن هذه المستويات للأسهم ربما تكون مناسبة».
كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في سبيله إلى تسجيل هبوط بنسبة 2.2 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز 100 هبط بنسبة 1.8 في المائة، وهبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 1.9 في المائة. وفي آسيا هبط مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 4.2 في المائة، وهبط مؤشر هونج كونج بنسبة 2.8 في المائة، وفي طوكيو هبط مؤشر نيكاي 225 بنسبة 1 في المائة خلال الأسبوع الذي كان قصيراً بسبب العطلة.
في نسخة تسربت من البيان المشترك لقمة مجموعة العشرين في بيتسبرج، قال البيان إن إجراءات المساندة الطارئة ستظل في مكانها إلى حين تأمين انتعاش اقتصادي قابل للدوام، لكنه أكد أن الحكومات ستعمل معاً لإلغاء الإجراءات غير العادية في الوقت المناسب.
وقال لوران فرانسوليه، من باركليز كابيتال: «ستُعِد البنوك المركزية خلال وقت قريب العدةَ للخروج من السياسات غير التقليدية، حيث يلوح في الأفق شبح إعادة أسعار الفائدة إلى أوضاعها الطبيعية في الربع الرابع من العام بالنسبة لبعض البنوك المركزية الصغيرة، وفي عام 2010 بالنسبة للبنوك المركزية الكبيرة. وقد ارتفعت مخاطر البيع المكثف لاستثمارات الدخل الثابت وهبوطها عن مستوياتها الحالية».
الأسبوع الماضي تمكنت أسواق السندات الحكومية من تحقيق اندفاع واسع، حيث هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة تسع نقاط أساس ليصل إلى 3.37 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات بنسبة 11 نقطة أساس ليصل إلى 3.26 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار 12.3 نقطة أساس ليصل إلى 3.62 في المائة، وهبط العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات بنسبة أربع نقاط أساس ليصل إلى 1.30 في المائة.
وكان الطلب متيناً من قبل البنوك المركزية الأجنبية على سندات الخزانة التي طُرِحت هذا الأسبوع وكان مقدارها 112 مليار دولار. وسيكون الأسبوع المقبل هو العملية الثانية للتمويل طويل الأجل من البنك المركزي الأوروبي. ومن المتوقع أن يكون الطلب أدنى بكثير من القيمة التي طرحها البنك في حزيران (يونيو) وكان مقدارها 442 مليار يورو. من المتوقع أن يطرح البنك المركزي الأوروبي على القطاع البنكي سندات بقيمة 125 مليار دولار وبسعر فائدة مقداره 1 في المائة لمدة سنة، وهذا يعد تعزيزاً إضافياً للسيولة، التي تعزز أسعار الموجودات ولكنها لا تتدفق بحرية حتى الآن إلى داخل الاقتصاد الواسع. وقال مارك أوستفالد، وهو محلل استراتيجي لاستثمارات الدخل الثابت لدى مونيومنت سيكيورتز: «كل فئة من فئات الموجودات تقريباً تستفيد الآن من التعزيز الهائل للسيولة المقدمة من البنوك المركزية». وقال جيم رايد، وهو محلل استراتيجي لأسواق الائتمان لدى «دويتشه بانك»، إن الاستقرار عند النهاية الطويلة لمنحنى السندات يظل هو الأساس لجميع الموجودات الخطرة، على اعتبار أنه كلما طالت المدة التي تستطيع فيها السلطات التدخل دون التأثير في العوائد، طالت معها المدة التي يمكن فيها استمرار الاندفاع.
وحذر رايد من أن هناك علامات تشير إلى «هروب البخار من قِدر الضغط» في قوة أسعار الذهب والضعف في الدولار والاسترليني.
وهبط الذهب بنسبة 1.4 في المائة، إلى ما دون مستوى الألف دولار للأونصة. يذكر أن الذهب أقفل في نيويورك عند مستويات تفوق الألف دولار أثناء سبع جلسات من أصل جلسات التداول التسع الماضية. وقد تعزز الذهب بفعل ضعف الدولار، حيث هبطت العملة الأمريكية يوم الأربعاء إلى مستوى منخفض لهذا العام أمام اليورو بعد الاجتماع الشهري للبنك المركزي الأمريكي وهبط بفعل المساندة الرئيسة للين الياباني عند 90 يناً يوم الجمعة.
البيان الذي أصدره البنك المركزي الأمريكي يوم الأربعاء اشتمل على عدد من التعديلات الدقيقة نحو الأعلى في توقعاته للاقتصاد، حيث أشار إلى أن النشاط الاقتصادي حقق بعض التحسن. وقد أدت بيانات آب (أغسطس) الخاصة بالطلبات على البضائع الصلبة، التي نشرت يوم الجمعة، إلى تجدد الضغط على الدولار.
وقال بول أشويرث، وهو كبير الاقتصاديين لمنطقة الولايات المتحدة لدى مؤسسة كابيتال إيكونومكس: «حتى الآن لم ينته التراجع في استثمارات الشركات».
وتراجع الجنيه الاسترليني بنسبة 1.3 في المائة أمام اليورو، حيث هبط إلى أقل مستوى له منذ خمسة أشهر، بعد التعليقات التي أطلقها ميرفن كينج، محافظ البنك المركزي البريطاني، التي قال فيها إن هبوط الاسترليني كان عاملاً مساعداً في إعادة التوازن إلى الاقتصاد البريطاني. وهبطت أسعار الخام الأمريكي بنسبة 8.3 في المائة بعد الزيادة الكبيرة في المخزون، في حين أن أسعار المعادن الخسيسة تراجعت بفعل المخاوف من أن الطلب من الصين سيتباطأ في النصف الثاني من العام.