قوس قزح الجميل
التطرف في كل حالاته مذموم، سواء كان تطرفا وتشددا دينيا، أو تطرفا وتشددا في منحى آخر.
فكرة وجود فئات ضالة في المجتمع، أوهمت البعض ـ وهم قلة نادرة ـ أن المجتمع يمكن أن يدخل في خصومة مع التدين. وهذا كلام ساذج للغاية.
ومن السذاجة أيضا أن البعض يتخيل أن تحرره وتمدنه يعنيان بالضرورة أن يعيش حالة قطيعة مع الالتزامات الدينية، وأن يجتهد من أجل تسفيه المجتمع والسخرية منه في كل حين. وهذا الأمر له علاقة بعزلة لا تقل خطورة عن العزلة التي اختارتها الفئة الضالة، فالانفصال والابتعاد عن المجتمع، والاكتفاء بملامسة الصور من بعد، دون محاولة الاقتراب من الناس والتواصل معهم، عواقبها وخيمة في كل الأحوال.
مجتمعنا كأي مجتمع آخر، كائن حي ينمو بشكل مستمر، وأحيانا قد يغيب عن نظر البعض هذا النمو والتطور، فيتعامل مع الأفكار برؤية أقرب إلى الرؤية «الاستشراقية» التي تتكئ على فرضيات معينة، تحشد لها كل الشواهد والدلائل من أجل تأكيدها.
إيمان الإنسان بأهمية المجتمع المدني والخيارات الفكرية الحديثة، لا يعني بالضرورة أن يعيش هذا الإنسان قطيعة مع مجتمعه، أو مصادمة له، ولا يعني تسويق وهم النخبوية التي تحتكر الحقيقة وتصادرها من الآخرين. لقد كان الكثيرون يشتكون من اقتصار المنابر الثقافية في فترة من الفترات على لون واحد من ألوان الطيف المحلي، والشيء الجميل أن يتم العمل على عدم تكريس احتكار أي من الأطياف على كل الصورة، فوجود الألوان يجعل قوس قزح أكثر جمالا.