العنف النفسي
كثيرون لا يتوقعون أنهم يمارسون العنف، فقط لأنهم لا يلجأون للضرب أو لأي شكل من أشكال العنف البدني. لكن هناك سلوكاً يمارسه البعض دون أن يدري، إن هذا السلوك يندرج تحت قائمة العنف، وأعني بذلك العنف النفسي. المعلم الذي يمارس تحقيرا ضد طلبته ويحط من قدرهم، والأب والأم حينما يتخاطبان مع أبنائهما وبناتهما بطريقة ساخرة، والمسؤول الذي يردد دوما أمام موظفيه أنهم لا يتمتعون بالكفاءة ـ دون استثناء ـ ... كل هؤلاء يمارسون عنفا نفسيا قد يؤدي إلى نتائج وخيمة.
الكل يتحدث عن العنف البدني والعنف الجنسي، ولكن يندر أن تجد من يناقش ظاهرة العنف النفسي، وهي ظاهرة ربما تفوق إحصائيا أشكال العنف الجسدي.
إن الأطفال والنساء -على الأخص - عرضة للعنف النفسي، في البيت والمدرسة. ومن الضروري أن يسعى الناس إلى إعادة تدريب أنفسهم كي يكونوا لائقين بالمسؤولية التي يتحملونها، سواء كانت هذه المسؤولية أسرية أو مجتمعية. تؤدي حالات العنف النفسي إلى إشاعة الإحباط لدى من يتعرضون لهذا الأمر، وأحيانا يفرز هذا العنف مشكلات تؤدي إلى تعريض الشخص المعنف للضرر. إن مراجعة بعض حالات الانتحار التي تحدث لدى الأطفال، تؤكد أنها ناتجة عن عنف نفسي يتمثل في تحقير وتخويف وترهيب.
لن يرتاح ضمير أب أو أم سويين يكتشفان أنهما تسببا بأي شكل من الأشكال في أذى لأحد أطفالهما، الأمر نفسه ينسحب على كل مسؤول أو مسؤولة في أي قطاع سواء كان حكوميا أو خاصا تصرف بشكل يسبب الأذى النفسي لأي إنسان. علينا أن نفكر كثيرا قبل أن نجد أنفسنا شركاء في العنف.