المتقاعدون والتأمين
تقول شركات التأمين إنها لن تتمكن من التأمين على المتقاعدين الذين يصل عددهم إلى نحو 1.3 مليون متقاعد لأن التأمين عليهم يمثل مخاطرة استثمارية فأغلبيتهم عرضة لأمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري...إلخ. الحقيقة أصابتني الدهشة في البداية، لكنني بعد أن تأملت الأمر، اكتشفت أن المنطق الذي تطرحه هذه الشركات لا غبار عليه، فهي أصلا تستثمر في هذا المجال، وبالتالي هي تقول بوضوح إن تكلفة التأمين على هذه الفئة من الضروري أن تضطلع بها الجهات المسؤولة عن هؤلاء المتقاعدين وهم في هذه الحالة مؤسسة التقاعد بالنسبة للقطاع الحكومي والتأمينات الاجتماعية بالنسبة للقطاع الخاص.
من الضروري ألا يتم تمييع الموضوع بشكل يؤدي إلى التأخر في البت فيه، فالمتقاعدون من القطاع الخاص والحكومي، هم أناس ساهم كل منهم بجهده حينما كان على رأس العمل، ووجود إشكال لدى الشركات التي يفترض أن تتصدى لمسألة التأمين الصحي على جميع المواطنين والمقيمين من المهم أن يتم علاجه بشكل سريع.
مؤسستا التقاعد والـتأمينات تقتطعان من رواتب الناس قدرا يمكن أن يمثل جانبا منه غطاء تأمينيا لهؤلاء الموظفين. ولعل وزارة الصحة أيضا تدخل طرفا في هذه التغطية الـتأمينية، خاصة بعد القرار الأخير الخاص بالوزارة والمتعلق بتحويل المرضى الذين لا تتوفر لهم أماكن في المستشفيات الحكومية إلى القطاع الخاص على حساب الوزارة. وربما في ضوء ذلك يمكن إيجاد صيغة بين وزارة الصحة ومؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية وشركات التأمين من شأنها أن تحقق طموحات الوزارة وتطلعات شركات التأمين مع حفظ كرامة المتقاعدين وحقوقهم في التأمين الصحي الذي يشملهم وهم على رأس العمل، ولكنه لن يشملهم طالما أن رواتب بعضهم لن تستطيع تغطية قيمة التأمين. نحن بصدد تحقيق خطوة من شأنها أن تدعم القطاع الصحي، فنجاح التأمين معناه باختصار شديد إسهام القطاع الخاص في بناء مستشفيات جديدة وتوافر العلاج لكل إنسان وتخفيف الأعباء عن وزارة الصحة بحيث تتفرغ لمهامها الاستراتيجية التي تستشرف تحقيق الأفضل.