تهنئة بالعيد .. ولكن غير اعتيادية!!
أفتتح بالتهنئة الاعتيادية للجميع وأخص أحبتي وقرائي الأعزاء بهذا العيد السعيد، داعيا المولى - عز وجل - أن يعودوا لأمثاله بكل خير وصحة وسعادة وحبور. إن مناسبة العيد تحتمل وقفات عديدة ذات معنى لواقع الإنسان سواء كان ذلك فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية أو الاقتصادية أو الروحانية أو غيرها. لذا فالعيد واحد من أوقات الوقوف بالزمن لمراجعة ذاتية من شأنها تقويم الأداء وبالتالي المراجعة والالتزام بإجراء التعديلات وتحسين ذلك الأداء فهو فرصة للوقوف والتفكر والمراجعة والتقويم. ومن تلك الوقفة النظر إلى المستقبل في ضوء المستجدات وتغيير القراءات بناء على معطيات ذات أثر في واقع ذلك الشيء الذي ننظر له، حيث سنقف في تأملاتنا في هذه المساحة المحدودة الجوانب الاقتصادية لكون هذا اختصاص هذه "الدلاء" على الدوام قدر الإمكان.
في العام الماضي وفي مثل هذا التاريخ 20 أيلول (سبتمبر) 2008 م (والموافق 20 رمضان) كان مؤشر السوق للأسهم السعودية 7586 نقطة، حيث واصل المؤشر أداءه السلبي ليصل إلى نحو 4100 نقطة وذلك انعكاس للأخبار العالمية السيئة بانهيار مؤسسات مالية عملاقة ونشوء أزمة مالية عالمية إلى الآن واقتصادات العالم تعاني ويلاتها. واستمر مسلسل السلبية بعد العيد نظرا لتأكد تلك الانهيارات الاقتصادية والمالية محليا وعالميا فأفسدت على المتعاملين بالأسواق وأصحاب الأعمال فرحتهم وصار البيت المشهور "عيد بأية حال عدت ياعيد" هو مضرب مثلهم. والآن وبعد مرور سنة على تلك الواقعة هل عاد العيد بأجمل حال اقتصاديا وماليا؟ من منظوري الشخصي نعم.. لعدد من الأسباب من أهمها: اتضاح الرؤية بشكل أكثر عن واقع الاقتصادات العالمية وحجم الدمار الذي خلفته وثقة المستثمر المحلي بحجم الانعكاس الواقعي لتلك الأزمة على المؤسسات الحساسة في السوق المحلية (البنوك بالذات). وإن كانت تلك الرؤية تحتاج إلى مزيد من الوقت للإحاطة بكل صورتها وأثرها بوضوح. وامتدادا لوضوح الأثر وحجم الأضرار اتضاح آلية الحلول لمشكلات المؤسسات المالية والتي على رأسها مشكلات الشركات العائلية التي تأزمت مواقفها المالية وبدأت السوق تعرف الكيفية للخروج منها بحلول مرضية للأطراف المعنية. إضافة إلى ذلك التأكيد على الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر للقطاع الخاص ومن أمثلتها، الإعلان عن تنازل الحكومة عن نصيبها من أرباح الكهرباء لعشر سنوات مقبلة مما سيترك هذا السهم بتصنيفه بما يسمى بفئة الأسهم الممتازة في توزيعه لأرباح شبه معلومة لعقد من الزمن. ولكون الاهتمام دائما بالاستثمار وليس المضاربة فبنهاية أيلول (سبتمبر) ستعلن الشركات أداء أعمالها للربع الثالث إذ من المعلوم أنه لا تعرف أخبار سيئة حاسمة طيلة الأشهر الثلاثة الماضية بخلاف المؤسسات المالية وتعرضها لمديونيات ذات أحجام عالية غير أن نموذج الإعلان عن توصل البنوك المحلية ومجموعة سعد والقصيبي إلى حلول توفيقية يؤكد وجود الحلول العملية حتى لو اضطر الأمر لتدخل شبه حكومي، ولذا فجملة ذلك تأكيد الثقة بالسوق إجمالا وزيادة الرغبة في الطلب.
أخيرا النظرة تفاؤل لمستقبل أكثر إشراقا بعد العيد - بإذن الله - فعلى أقل تقدير بعد سنة من عيد العام الماضي مثلما يقال "السيئ قد زال" وأمنيتي أن العيد قد عاد على الجميع بأفضل حال وأختم لكم بتكرار صادق التهاني لكل المحبين. وكل عام وأحبتي بألف خير.