إقبال شديد على الصلاة في مساجد الغرب يدفع المسلمين لاستئجار الكنائس وقاعات الفنادق
تظهر الأخبار القادمة من أوروبا وأمريكا خلال الأيام الماضية من شهر رمضان مدى الازدحام الشديد للمصلين في المساجد الكبرى في عدد من المدن الأوروبية والأمريكية. وعلى غير ما كان مشاهداً في السنوات الماضية تضاعفت أعداد المصلين في هذه المساجد، ففي حين يبرر البعض هذه الزيادة بسبب ازدياد أعداد المسلمين خلال السنوات الأخيرة، يلقي البعض على هذه الظاهرة ''صبغة اقتصادية'' ويفسر الأمر في سياق الأزمة المالية الأخيرة. يقول الإمام جوهري عبد الملك المسؤول عن العلاقات الخارجية في مسجد ''دار الهجرة في ''واشنطن'' إن الاقتصاد السيئ في أمريكا يجبر الكثير من الناس على حضور الإفطار المجاني في المسجد، ويضيف ''إنه الاقتصاد.. المزيد من الناس يعرفون الله حينما يكونون دون عمل، كما أن بعض الأسر ترى أن حضور الإفطار يوميا هي إحدى الطرق الجيدة للتوفير''.
تأجير مصليات
وأيا كانت التفسيرات، فإن تزايد أعداد المصلين في تلك المساجد قد تسبب في الكثير من المشكلات لـ ''مسؤولي'' هذه المساجد وبطبيعة الحال للمسلمين هناك، وهو ما دفع البعض إلى التفكير في إيجاد حلول سريعة لاستيعاب هذه الزيادة الكبيرة في المصلين، فوفقاً لصحيفة ''مسلم لينك'' الأمريكية المعنية بأخبار مسلمي أمريكا في ولايات ميريلاند وفيرجينيا وواشنطن العاصمة، فإن المساجد هناك قد وصلت لأقصى طاقة استيعابية لها خلال شهر رمضان مما تسبب في مشكلات عدة تمثلت في ازدحام شديد في حركة المرور ومواقف السيارات في المناطق القريبة من تلك المساجد، لكن المشكلة الكبرى وفقاً للصحيفة تمثلت في انعدام الأماكن في تلك المساجد بسبب الازدياد الكبير في عدد المصلين وهو ما دعا المسؤولين في هذه المساجد إلى تأجير أماكن صف السيارات في الكنائس ودور العبادة المجاورة.
1000 مصل يومياً
ونقلت الصحيفة ''على لسان الإمام جوهري عبد الملك في مسجد دار الهجرة''، وهو واحد من أكبر مساجد منطقة واشنطن العاصمة والموجود في مدينة فولز تشرش، قوله: ''دعونا نقول إننا وصلنا لأقصى طاقة استيعابية في رمضان''، وأضاف ''إن صلاة التراويح اليومية تجذب أكثر من ألف مصل يوميا، ويزداد العدد في عطلة نهاية الأسبوع''، مشيرا إلى أن الأمر يفرض على إدارة المسجد الالتزام بدرجة أعلى من قوانين الأمن والسلامة في الولاية في التعامل مع هذه الأعداد من المصلين. ولفت عبد الملك إلى أن المسجد، الذي يصلي فيه عدد كبير من المسلمين من ذوي الأصول العربية، يضطر لتأجير أماكن لصف السيارات في كنيستين مجاورتين للمسجد للمساعدة في استيعاب صف سيارات المصلين ومن يحضرون الإفطار المجاني إثناء شهر رمضان. ونقلت الصحيفة الأمريكية التي تصدر باللغة الإنجليزية، أيضا عن مسؤولين في مسجد دار التقوى الموجود في مدينة كولومبيا في ولاية ميريلاند حيث توجد جالية من المسلمين الآسيويين، قولهم إن زحام السيارات كبير للغاية، غير إن مسؤولي المسجد يفرضون حظرا صارما ضد المخالفات المرورية، ولا يسمحون بصف سيارات صف ثان أو ثالث ''حفاظا على حسن الجيرة في المنطقة''، وذكرت الصحيفة عن أحد الموظفين في المسجد قوله: ''إن المسجد مكتظ للغاية لدرجة أنه أصبح مجرد غرفة للتنفس لا غير''. جدير بالذكر أن مسلمي منطقة واشنطن الكبرى يقدرون بنحو 350 ألف نسمة في تلك المنطقة وحدها.
قاعات الفنادق هي الحل
وفي ولاية فيرجينيا في جنوب الولايات المتحدة لجأ المسلمون هناك إلى استئجار قاعات في الكنس اليهودية (المعابد) لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين الذين يملأون المساجد عن آخرها خلال صلوات التراويح في الشهر الفضيل. ريزوان جاك رئيس جمعية ''آدمز'' الإسلامية في الولاية قال لصحيفة ''واشنطن بوست'' الأمريكية في عددها الصادر بداية الشهر إن هناك عددا قليلا من المساجد في ولاية فرجينيا، وهو ما جعلها غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين في شهر رمضان، وأضاف أنه نتيجة لذلك بدأ المسلمون هذا العام في استئجار قاعات في الفنادق والمعابد لحل تلك المشكلة وتأدية صلواتهم، خاصة التراويح، خلال الشهر الكريم. وأوضح جاك أن هناك عدة مساجد بنيت في ضواحي فيرجينيا مثل مانساس وإليكوت سيتي، لكن كثيرا منها يمتلئ عن آخره لحظة فتحه، مشيرا إلى أن جمعيته استأجرت العام الماضي مساحات في معبدين يهوديين لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين خلال شهر رمضان. أما محمد محبوب، أحد قادة المجتمع الإسلامي هناك، فقال: ''عددنا كبير ولا نملك الكثير من المال (لبناء مساجد)، إلا أن الله دائما يقف إلى جوارنا''.