رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أبحاث الحج تحتاج إلى إعداد استراتيجية وخطط مستقبلية

المرض الذي انتشر نتيجة فيروس H1N1، الذي تمكن من تغيير تركيبته ونمط إصابته، فأربك الأمم بأسلوب وسرعة انتشاره وحدة إصابته، وأجبر قادة العالم وعلماءه دون استثناء على اتخاذ إجراءات إجبارية لحماية شعوبهم، والتصدي له بكل الإجراءات الوقائية والعلاجية، وبكل تقنية توصل إليها العلماء في سبيل وقف زحفه، وتخفيف وطأة تأثيره في المجتمعات، في هذا العالم، فرض على الأمم قيودا قد تكون غير مسبوقة وتحتاج إلى كثير من الدراسة لأخذ الاحتياطات اللازمة في كل نقاط التجمع البشرية. إسلاميا فبعد أن صدرت القرارات بأن يؤجل الحج في هذا العام لمن كان عمره أقل من 12 عاما وأكبر من 65 عاما ومن كان مريضا بالقلب أو من النساء الحوامل فسيكون حج هذا العام مختلفا في كثير من الظروف التي ستكون ضاخة للباحثين والمسؤولين كماً من المعلومات البيئية والصحية، إضافة إلى الاجتماعية والاقتصادية التي ستستعاد على القيام بدراسات من نوع جديد وستفيد في فهم مسارات جديدة في أداء الحج وإدارة الأزمات والكوارث وفي شؤون أخرى أيضا. في اعتقادي هنا تنجلي بعض أنشطة التميز التي نبحث عنها في كافة مرافقنا وأجهزتنا الإدارية والتعليمية والبحثية أيضا.
أرى أن أمام معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الكثير لرصده ودراسته والاستفادة منه الآن وفيما بعد، وسيكون ذلك داعما لكثير من القطاعات وفي مقدمتها الوزارات الخدمية والهيئات المتخصصة المعنية بشؤون الدعوة والإرشاد والغذاء والدواء والعمل والهندسة وغيرها من المؤسسات الحكومية والأهلية. بعد 35 عاما من تأسيس مركز أبحاث الحج، الذي أصبح اسمه معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، أعتقد أن الأوان آن ليتم تعديل إدارة الدراسات في المعهد وتطوير تناوله لمشاكل الحج المختلفة بشكل يتلاءم والمكانة التي تتمتع بها مملكتنا الحبيبة. بمراجعة سريعة لهيكلة وأنشطة المعهد أعتقد أن هناك حاجة الآن إلى: أولا: أن يتم إنشاء وحدة للمراجعة ودراسة العلاقات بين أبحاث الحج والعمرة (ليست الوحدة القائمة للمتابعة الآن) وذلك للقيام بـ: (1) مراجعة كافة الأبحاث السابقة والبدء في قياس مدى توازن إجراء الأبحاث في المجالات المختلفة الرئيسة والفرعية التي تدل على تغطية كافة المجالات المعنية في أداء الحج والعمرة. (2) تحديد ماهية المجالات البحثية المفترض التركيز فيها مستقبلا ولو بشكل عمومي لأهمية ذلك لمستقبل المعهد وأداء مناسك الحج والعمرة. (3) إعداد تقارير نصف سنوية تبنى على دراسة تحليلية توضح مدى العلاقة بين ما تحقق وأوصي به وطبق على أرض الواقع لمعرفة «أين نقف الآن» وما المطلوب تحقيقه؟. ثانياً: إصدار ونشر خطة عمل وصورة عامة للدراسات المطلوب القيام بها لتغطية المجالات كافة في بداية كل عام أو كل ثلاث سنوات أو أي فترة يحددها الجهاز الإشرافي للمعهد حتى لا تبنى سياسته على تسلم ما يقدم له من أبحاث ودراسات حسبما توافر باحث أو تقدم لإجرائها أكاديمي أو تطلب الحل لمشكلة آنية فقط.
إن قرارات مثل مظلات المشاة والخيام المضادة للحريق واستخدام المواقد الكهربائية كبديل للغاز والكيروسين في عملية الطبخ في منطقة المشاعر ومنع دخول السيارات الصغيرة للمشاعر كافة وغيرها من قرارات كانت دليلا على أهمية وجود معهد الأبحاث، وأن هناك ثمارا تقطف كنتيجة للدراسات التي يشرف عليها ويدعمها. ما نريده هو الاستمرار بقوة أكبر ورسوخ أقدر بتبني دراسات أكثر تعقيدا من تلك الاعتيادية التي تتم حاليا. على سبيل المثال فمن أهداف تأسيس المعهد إنشاء بنك للمعلومات عن الحج وعمل نموذج محاكاة حسابي لمختلف عمليات الحج يساعد على فهم ما يدور أثناء أداء المناسك في مكة ومنطقة المشاعر والمدينة المنورة. فهل يمكن أن يتم محاكاة ظرف مثل الإصابة بإنفلونزا الطيور وتوقع كيفية الترصد له ومكافحته ومن ثم إيجاد الحلول والبدائل لتستفيد منه الوزارات المعنية؟. هل يمكن التنبؤ بأمراض أخرى قد تكون في طريقها للانتشار فنحول أساليبنا الدفاعية العلاجية إلى وقائية ونكون أكثر يقظة من باقي العالم ونحن من يفد إلينا المسلمون «من كل حدب وصوب»؟. هل يمكن توظيف بعض إمكانات الأقمار الصناعية للدراسات العلمية للمعهد فيكون تميزا حقيقيا لأبحاثه بإصدار التوصيات العملية القابلة للتنفيذ مباشرة في العام نفسه أو الموسم نفسه، أو قبل ذلك للاستعداد بشكل مواز لأهميته الصحية أو حتى لأي مجال آخر؟.
لقد بلغ عدد المستفيدين من دورات التدريب لأعمال الحج رقما يزيد على الـ 100,000 متدرب، وتم ابتعاث رقم يزيد على الـ 20 مبتعثا. فما النتائج أو الفوائد التي يمكن أن تسجل بجانب هذه الأرقام في قواعد بيانات المعهد؟. الآن نحن في حاجة إلى مضاعفة هذه الأرقام سواء بحثيا أو عمليا وتشغيليا، فالموارد البشرية المدربة على مستوى عال من الجودة ستجعل أداء مناسك الحج أكثر انضباطا وأكثر تيسيرا، وتمكن من وضع التوقعات التي تسارع في العلاج قبل حدوث الخلل أو تخفف من تأثيره. إن تميز المعهد وتفرده بتخصصه لدراسة أعظم أنشطة يقوم بها الإنسان على وجه الأرض، يحتم علينا أن نقدم كل ما يؤدي إلى حل المشكلات التي تعترضنا أيام الحج وخلال العام في أداء المسلمين للعمرة منذ لحظة قدومهم وحتى عودتهم مرة أخرى لبلدانهم. هذه بعض عموميات أترك تفاصيلها للمسؤولين فيه، فهم الأقدر على ترجمتها لواقع، بما يرتؤونه متناسبا ومحققا لأهدافه، أما إذا كان هناك شيء آخر يستحق الإضافة ويبرز جهود المعهد، فالمعين لا ينضب لأن وجود ضيوف الرحمن بيننا يحتم علينا التكاتف لخدمتهم وهو شرف لنا، والله الموفق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي