رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مسلسلات رمضان .. أي تصوير للمجتمع!

دفع لي أحد الأشخاص الذين لهم موقع في نفسي, علاوة على ثقتي به وطروحاته, بفكرة مقالي اليوم حين طلب مني متابعة إحدى حلقات مسلسلات رمضان وكيف الانحدار في أحداث ذلك المسلسل وتصويره الخاطئ للمجتمع.
ومن تلك الفكرة, وإن كنت لا أتابع إنتاج رمضان التلفزيوني إلا نادراً ومن دون اختياري حين يتحكم أحد أفراد الأسرة بالإصرار على مشاهدة ومتابعة حلقة, خصوصاً بُعيد الإفطار.
ولكن على أية حال ومن تلك الحصيلة الضئيلة وكما لو كنت أخذت عينات فقط من واقع الإنتاج التلفزيوني الرمضاني الذي يشهد حمى بل (إسهالا) في الإنتاج, مسلسل ذلك الصديق الذي طلب مني مشاهدة جزء منه خرجت بتصور لا أخفيكم أنه قاتم جداً وذلك لتصويره المجتمع بهذه الطريقة.
صحيح أن الدراما أو حتى الفكاهة لا تخلو من المبالغة لإظهار حجم الحدث وجذب المشاهد وغيره من عناصر نجاح العمل, لكن الإسفاف في تثبيط المجتمع ورسم صورة غير منطقية أصلاً هي كذب على الواقع وتجن, خصوصاً حين تنقل الصورة للمجتمعات الخارجية.
الغريب أن القاسم المشترك هو عدم الواقعية في نقل هذه الصورة الحقيقية من خلال الإنتاج الرمضاني هذا. بالطبع لا أريد أن أنحى بأن المجتمع مجتمع ملائكي مثالي لكنه أيضاً فيه من القيم والأخلاق والجدية على الأقل ما يدحض ما رسمته الكوميديا أو الدراما الرمضانية. سؤالي بالله إليكم: هل مجتمعنا سواءً السعودي أو الخليجي بهذه الضحالة المتكررة التي تصورها الكوميديا أو الدراما الرمضانية سواءً في مؤسساته أو أفراده؟ هل طبقاته الأرستقراطية تعيش بهذه الدرجة من الانحلال الأخلاقي مثلما صورها أحد المسلسلات؟ بالطبع لا. ولن أقول هكذا صناعة السينما والأفلام تبالغ في أخراج الأحداث ولكن المشكلة أن صيغ المبالغة أتت على محاور غير مقبولة من أهمها الأخلاقية والجدية.
لقد بنت البلدان الخليجية مجتمعاتها من الصفر وطورت اقتصاداتها لتجعلها في مصاف شبه المتقدمة وما وجود السعودية في قائمة العشرين إلا أكبر دليل على دحض تلك الصورة القاتمة, التي مع الأسف لو كانت صحيحة لما اعترضت أبداً, لأن المطلوب من كل عمل أن يكون ذا مصداقية يعبر عن واقع الحال بلا تطبيل أو تبجيل وأيضاً بلا تجن على الواقع. إن رسم الصورة النمطية ما زالت مجتمعاتنا أسيرة لها وقد كنا نستنكرها إذا ما جاءت من خارج أسوار المجتمع الخليجي فالنظرة النمطية المتمثلة في برميل النفط والخيمة وأعداد الزوجات والجواري كانت (وأظنها خفت ـ إن شاء الله) هي المنظور الذي يرانا به الغرب وغيره من المجتمعات التي إلى حد ما بعيدة جغرافياً عنا إلا أنه بكل تأكيد حين انفتح الاقتصاد وتعامل معنا الآخرون وتعاملنا معهم رأى صورة مغايرة غير تلك التي عادة ما صورتها أفلام هوليود وتندر الفكاهة المسرحية.
لقد بدأت تتغير تلك النمطية حتى إن كان التحسن بطيئاً, لكن مع الأسف ما يدعو إلى استنكار الواقع الإعلامي من خلال الإنتاج الرمضاني هو نقله تلك الصورة النمطية ولكن بثوب مختلف, وبدلا من أن يكون إعلامنا سلاحاً للبنيان أضحى معول هدم لأنه يكرس نظرة غير صادقة لا يعيشها المجتمع أو الاقتصاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي