المستثمرون يختارون السلامة وسط تجدّد الحذر في الأسواق

المستثمرون يختارون السلامة وسط تجدّد الحذر في الأسواق

عانت الأسهم العالمية بعض الصعوبات خلال الأسبوع الماضي مع تزايد مشاعر اللبس حول قوة الاقتصاد العالمي بفعل المخاوف من أن الاندفاع الصيفي في الموجودات الخطرة زاد على حده. مؤسسة إي بي إف آر جلوبال EPFR Global، المتخصصة في متابعة أخبار وأداء الصناديق لاحظت أن حركة الأموال إلى صناديق الأسهم تعطلت عند بداية الأسبوع.
وقال تقرير المؤسسة: ''مع قرب انتهاء موسم العطلة الصيفية، بدأ المستثمرون بالتطلع إلى المرحلة المقبلة ومحاولة التوفيق بين التقييمات الحالية واحتمالات المستقبل''. ''في كثير من الحالات كانوا يَجهدون لإيجاد صلة بين أسواق الأسهم في فترات الذروة بعد عشرة أشهر إلى 12 شهراً، والاقتصاد العالمي الذي هضم معظم صفقات التحفيز من المالية العامة التي قدمت له خلال الأشهر القليلة الماضية، ولكنه يستمر مع ذلك في التخلص من مزيد من الوظائف''. هذا المزاج العام الذي يتسم بالحذر كان واضحاً بصورة قوية في الاندفاع في سعر الذهب إلى أعلى مستوى له منذ ستة أشهر، في الوقت الذي سعى فيه المستثمرون نحو السلامة على الرغم من البيانات التي تشير إلى تحسن النشاط في قطاع التصنيع وقطاع الخدمات على جانبي الأطلسي. لكن مصدر القلق الرئيس بالنسبة للمستثمرين ظل يدور حول ضعف الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة، وذلك بالنظر إلى استمرار مشاعر اللبس حول آفاق سوق العمل في الولايات المتحدة، وهي غمامة لم يفلح في إزالتها تقرير الوظائف الذي صدر يوم الجمعة ويتسم بنتائج متباينة.
وفي الشهر الماضي سرحت الشركات الأمريكية 216 ألف شخص، وهو رقم يقل عن التوقعات ويعتبر أقل من أرقام تموز (يوليو)، رغم أن نسبة البطالة ارتفعت إلى 9.7 في المائة، وهي أعلى نسبة منذ 26 سنة. وقال بعض المحللين إن اختراق نسبة 10 في المائة هو الآن مسألة وقت فقط.
وقالت لينا كوميلفا، رئيس قسم اقتصادات مجموعة السبعة في مؤسسة تاليت بريبون، إن التقرير يتحدى مفهوم العودة القوية في دورة العمل وسط توقعات بأن الركود الاقتصادي انتهى في الربع الحالي.
وقالت: ''بصورة عامة، تستمر البيانات في إعطاء معضلة غريبة من صدمة الناتج المتراجعة، وذلك بفضل التحفيز من المالية العامة وتطبيع الظروف الائتمانية، في مقابل الضعف المستمر في الطلب المحلي''. ''هذا التعافي غير المتوازن يبرر التزام البنك المركزي الأمريكي بإبقاء التحوط الهائل في المالية العامة في مكانه ضد التراجع الاقتصادي في المستقبل''.
وتمكنت أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية يوم الجمعة من تجاهل الارتفاع في معدلات البطالة، ولكنها شعرت بالتوتر خلال معظم الأسبوع بفعل مزيد من علامات التقلب في الأسهم الصينية. وهوى مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 6.7 في المائة يوم الإثنين، رغم أنه بعد ذلك اندفع لينهي الأسبوع بتغير بسيط.
وكانت هناك آمال بأن قرار بكين برفع الحد الأعلى للاستثمار الأجنبي في الأسهم الصينية، الذي أُعلِن بعد انتهاء التداولات يوم الجمعة، ربما يؤمن المساندة لسوق شنغهاي. والواقع أن الأسهم الأوروبية ارتفعت يوم الجمعة للمرة الأولى منذ خمس جلسات، رغم أن مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 أقفل مع ذلك بهبوط مقداره 1.6 في المائة. وفي طوكيو هبط مؤشر نيكاي 225 بنسبة 3.3 في المائة ليسجل أدنى مستوى له منذ خمسة أسابيع، وبحلول منتصف اليوم في نيويورك كان مؤشر ستاندارد أند بورز 500 يعاني خسارة مقدارها 1.5 في المائة على مدى الأسبوع.
وأشار جيريمي باتستون كار، مدير أبحاث العملاء الخاصين لدى تشارلز ستانلي، إلى أن الوقت الحاضر ربما يكون مناسباً لتقليص نسبة المخاطر في المحافظ. وقال:''لا تزال جوانب اللبس في الاقتصاد الكلي ملموسة وبارزة، حتى لو تم تجنب الانهيار الشامل في النظام المالي العالمي''.
وأضاف: ''نعتقد أن الأسهم تحتسب في أسعارها الآن بصورة تامة سنتين على الأقل من تعافي الأرباح على خلفية التحسن المستمر في النشاط الاقتصادي''. لكن نيك تشيمي، رئيس قسم أبحاث الأسواق الناشئة لدى مؤسسة آر بي سي كابيتال ماركتس RBC Capital Markets، جادل بأن العالم، بفعل السياسات المالية العامة والنقدية المتراخية تماماً، سيظل سابحاً في السيولة الفائضة التي خلقتها تلك السياسات حتى السنة المقبلة على الأقل.
وقال: ''بالتالي فإن من المرجح أن تكون المعركة بين التقييم من جهة، والسيولة والنمو في بقية عام 2009. ومن رأينا أن الأمر المرجح هو أن النصر سيكون حليف الطرف الثاني، رغم أن التقلب في التداولات أمر وراد''.
المزاج العام الذي يتسم بالعزوف عن المخاطر في السلع كان ملحوظاً من خلال الأداء القوي للذهب.
وارتفع الذهب إلى مسافة قريبة للغاية من ألف دولار للأونصة، وهو مستوى لم يسجله هذا المعدن منذ شباط (فبراير)، حين كانت مخاوف المستثمرين من الركود الاقتصادي العالمي على أشدها. وقال يوجين فاينبيرج من بنك التجارة Commerzbank: ''نعتقد أن الزيادة في سعر الذهب هي من قبيل المضاربات، ولكننا نرى أن الذهب سيكون قادراً على إجراء اختراق مؤقت لحاجز الألف دولار''. ''لكن في الوقت الحاضر هناك قدر غير كاف من مساندة الأساسيات على نحو يسمح بالارتفاع المستدام إلى ما فوق هذا المستوى''. وهبط النفط من جديد إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل، في حين أن المعادن النفيسة عانت عمليات بيع كبيرة بصورة واسعة. لكن السندات الحكومية تقدمت مع تراجع الشهية نحو المخاطر، خصوصاً في السندات ذات الأجل القصير. وهبطت السندات الحكومية الألمانية هذا الأسبوع لأجل سنتين بمقدار 17 نقطة أساس لتصل إلى مستوى قياسي نحو الأدنى مقداره 1.80 في المائة، في حين أن سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين هبطت بمقدار 12 نقطة أساس لتصل إلى 0.9 في المائة. وتمتع الين بأسبوع قوي في أسواق العملات، على اعتبار أن النظرة المحيطة بالعملة اليابانية هي أنها عملة آمنة بعد أن أدى النصر الكاسح للحزب الديمقراطي إلى تشجيع عمليات الشراء.

الأكثر قراءة