مهندس فرنسي يصمم مسجدا بصورة حديثة وفريدة على مستوى العالم

مهندس فرنسي يصمم مسجدا بصورة حديثة وفريدة على مستوى العالم
مهندس فرنسي يصمم مسجدا بصورة حديثة وفريدة على مستوى العالم

قريبا من منطقة ''البوكرا'' في قلب مدينة ''كان'' الفرنسية الشهيرة ثمة مسجد جديد يجاهد القائمون عليه على بنائه، وهو ما سيكون حدثاً فريداً ليس لجهة المدينة الشهيرة، ولكن لتصميمه الغريب الخالي من المئذنة والقبة التقليديتين والمعبرة عن المساجد كما نعرف، وبديلاً عن ذلك سيشاهد زوار المسجد حين اكتماله قريباً سهما طويلا يزين السطح ويتجه إلى القبلة حيث مكة المكرمة، أما المصلى فقد صُمم على شكل مثلث يتدرج رويدا بالمصلين إلى أن يصل إلى الإمام.

يعترف مهندس المسجد وهو فرنسي ويدعى ''إميل دي ماتيو'' بأن تصميم المسجد لا يشبه أيا من التصاميم التقليدية المعروفة للمساجد، ولا تحمل أي علامة تشير إلى كونه مسجدا، هذه ''التقليعة'' إن جاز القول يمكننا بحثها في سياق ''غابة'' من الأسئلة تجتاح هذا العالم الذي نشهد فيه ''انقلاباً'' في التصاميم المعمارية الخاصة بالمساجد والتي تنحي باتجاه الحداثة واستلهام التصاميم الغربية .. ترى هل هناك غزواً معمارياً غربياً حقيقياً على مساجدنا ؟ وهل استلهام بعض المعماريين للتصاميم الغربية واستخدامها في مساجدنا ضرورية؟ وهل تحقق مثل هذه الخطوات أي فوائد ملموسة على البناء الكلي للمساجد ؟ أسئلة كثيرة يمكن نثرها في هذا المحور والذي نفتحه ونبقيه كذلك لأسابيع قادمة من أجل بحث المزيد،

#2#

وفي هذا الإطار يواصل المهندس الاستشاري أيمن بن عمر آل عابد مشاركاته القيمة معنا، ويدعو محبي هذا الاتجاه إلى الإمعان جيداً فيما يقومون به خاصة أن الاهتمام بالشكل دون النظر إلى الوظيفة يشكل – كما يقول - عبئاً واضحاً في التكلفة الإجمالية لبناء المسجد، ويضيف قائلاً إنه قد حان الوقت للمسلمين أن ينهجوا منهج الكفاف والكفاءة في ظل النصوص الشرعية التي تحث على الاقتصاد وعدم الإسراف.

وفي السياق نفسه يتحدث آل عابد قائلاً ''إن من الأخطاء الفادحة التي لا أعلم كيف استقبلها المسؤولون والمتخصصون قبل المسلمين العوام، استخدام التصاميم التي لا تحقق أي وظيفة من وظائف المسجد، فنفاجأ برؤية مسجد منفذ على شكل مسدس أو دائري لا يتفق تماما مع الوظيفة الأساسية له، والتي يجب أن تراعي وضعية الصف الأول والذي يجب أن يكون أفضل من غيره فتجده في مثل هذه الإشكال (المسدس والدائري على سبيل المثال لا الحصر) أقصر من الصف الذي يليه، بل إن الساجد في أحد طرفي الصف يجد صعوبة في السجود حيث إن البعد بين قدم المصلي وموقع السجود لا يكفي للسجود، وذلك لوجود الانحراف في الجدار لتحقيق الشكل الدائري أو المسدس، ويمضي آل عابد ''كذلك نجد أن تطبيق بعض العناصر أو استخدام نوعية معينة من المواد في التنفيذ يحقق الشكل ويقضي على الوظيفة فنجد الأعمدة التي لا حصر لها لتحمل سقف خرساني أو قبة تحول بين اتصال الصفوف ولا أعتقد أن ذلك يحقق الكفاءة التي تميز به الفكر في العمارة الإسلامية''.

الاستفادة من تجارب الآخرين
لكن آل عابد يستدرك في حديثه السابق قائلاً ''بلا شك أنا لا أدعو إلى إلغاء العناصر المعمارية والجمالية في مساجدنا، ولكن أدعو إلى استخدام التقنية الحديثة في تنفيذه بحيث يصبح العنصر غير مكلف باستخدام مواد أخرى مثل الحديد الملبس بالجي آر سي أو الفيبر أو الخشب المعالج مع بقاء الوظيفة، ويشدد هنا إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين الذي هو – كما قال - مطلب يحث عليه الدين الإسلامي، ويمضي'' وإن أروع ما تتميز به الشريعة الإسلامية هي الجمع بين الشكل والوظيفة، وهذا يظهر واضحا وجلياً في العمارة الإسلامية القديمة , فلا تجد عنصرا معماريا (عامود- قبة – قوس ... إلخ) أو زخرفة (مقرنصات – النقش – الفسيفساء ... إلخ ) إلا وله وظيفة واضحة ولم يستخدم عبثا، لذلك تجد البناء في العمارة يتسم بالجمال والتميز والإبداع.

ويضيف ''لا شك أن الحكمة ضالة المؤمن إن وجدها كان أحق الناس بها، فالإسلام دعانا إلى الاستفادة من الآخرين من شعوب العالم بلا استثناء ما دامت تتفق مع الشريعة الإسلامية، أي اقتباس أو تقليد للغرب يخدم الشكل والوظيفة في عمارة المساجد، لا شك أن هذا محبب ومرغوب، فالتقليل من العناصر المعمارية (كما سبق الذكر في لقاءات سابقة) والتي تتسبب في قطع الصفوف يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها بحيث تنفذ بمواد أخرى.

لذلك – يمضي آل عابد - نجد أن المنارة كانت ذات وظيفة وهي إيصال صوت المؤذن إلى أبعد مدى لذلك أثرت هذه الوظيفة في الشكل فترى المنارة مرتفعة وعالية، أما الآن فيتم وضع كميات هائلة من الخرسانة والحديد وتشكل عبئا على التكلفة الإجمالية في تنفيذ المنارة وهكذا أصبح شكل دون وظيفة، وهذا برأيي ليس من الحكمة''.

الأكثر قراءة