محللون: محافظ الاستثمار المحلية تعطل تعافي أسواق الأسهم الإماراتية
أنحى محللون ماليون باللائمة على محافظ الاستثمار المؤسساتية المحلية, وليس الأجنبية, في تأخر تعافي أسواق الأسهم الإماراتية التي قالوا إنها الأقل ارتفاعا مقارنة بالارتفاعات التي سجلتها الأسواق المجاورة وحتى الأسواق العالمية الواقعة في قلب الأزمة المالية.
وأجمعوا على أن المحافظ المحلية تقتفي في حركتها تحركات الأسواق الأوروبية والأمريكية والآسيوية بصورة ميكانيكية مما يؤخر تعافي الأسواق الإماراتية التي تكبدت الأسبوع الماضي خسائر في قيمتها السوقية بلغت 14,6 مليار درهم نتيجة تراجع المؤشر العام لسوق الإمارات المالي بنسبة 3,5 في المائة.
ووفقا للمحلل المالي نبيل فرحات الشريك في شركة الفجر للأوراق المالية, تأثرت حركة الأسواق الإماراتية بحركة الاستثمار المؤسساتي المحلي الذي دأب على التسييل في بداية الأسبوع على خلفية الانخفاض الحاد الذي شهدته الأسواق المالية العالمية والتي استطاعت فيما بعد ان تعوض جزءا كبيرا من خسائرها, في حين لم تستطع الأسواق الإماراتية ذلك.
ويبدو أن ظاهرة العلاقة النفسية للأسواق الإماراتية بالخارج ترسخت بين المستثمرين وتتفوق على واقعية تحسن أسعار النفط وتداولها على فائض العشرين دولارا فوق الخمسين دولارا لميزانية الدولة وتفوقت على التقييم المنخفض لأسعار الأسهم على جميع المستويات (مضاعف الربحية والمضاعف الدفتري) مقارنة بالأسواق المجاورة التي تتداول على مستوى تقييم يصل في بعض الأحيان إلى 45 في المائة فوق مستويات تقييم الأسواق الإماراتية وتفوقت على القرار السياسي الذي اتخذته الدولة لدعم الاقتصاد المحلي والعمل على تعزيز الثقة بالأسواق المالية.
ويرى فرحات أن اعتماد المحافظ المؤسساتية المحلية هذا النهج في إدارة المحافظ لا يخدم المصلحة العليا حيث إنها تقوم بتسييل الأسهم عندما تنخفض الأسواق العالمية ليس استراتيجية للاستثمار وقد تكون لها انعكاسات سلبية على أداء المحافظ ذاتها على المدى الطويل ناهيك عن التأثير السلبي في الأسواق المحلية من خلق حالة من الهلع بين المستثمرين .
ويضيف « بدلا من أن يكون الاستثمار المؤسساتي قدوة لبقية المستثمرين نراه يتحول إلى مضارب من النوع الحساس جدا (يبيع ويشتري على أي أخبار ذات علاقة أو غير ذات علاقة) مستغلا حجم الصناديق التي تتم إدارتها للتأثير في الأسواق سواء من خلال البيع أو الشراء والتأثير السلبي الذي نخشاه نتيجة لهذه السياسة أنها تعزز من العلاقة الطردية بين أسواقنا المحلية والأسواق العالمية.
ويتفق الدكتور همّام الشمّاع المستشار الاقتصادي في شركة الفجر للأوراق المالية, مع رأي فرحات, مضيفا أن الأسواق الإماراتية باتت تتبع خطى وتحركات الأسواق الأمريكية بصورة حرفية دون عناء يبذل في محاولة فهم طبيعة هذه التحركات وهل أنها تعكس آفاقا تراجعية إثر بيانات اقتصادية سلبية أم أنها تتحرك وفق مؤشرات فنية بحتة؟
هذا هو ما نصفه بالمحاكاة الميكانيكية التي تتغافل الارتفاعات الكبيرة نسبيا التي حققتها الأسواق الأمريكية مقارنة بالقيعان التي كانت قد بلغتها في الفترة الواقعة ما بين الخامس والعاشر من آذار (مارس) من عام 2009 حيث نلاحظ أن أسواقنا هي الأقل ارتفاعا حتى بداية الأسبوع الحالي مقارنة بالأسواق الأخرى, فسوق الإمارات هي الأقل من بين الأسواق العالمية وبعض أسواق الدول المجاورة، ارتفاعا عن قاعها حيث لم ترتفع منذ الرابع من شباط (فبراير) من العام الحالي وحتى نهاية الأسبوع الماضي سوى بنسبة 21.4 في المائة فيما تمكنت السوق القطرية أن تحقق منذ الثالث من آذار (مارس) من العام الحالي عندما بلغت قاعها ارتفاعا في نهابة الأسبوع الماضي بمقدار 39 في المائة تليها «ناسداك» ثم «نيكي» و»ستاندر آند بورز» وهكذا بقية الأسواق.
ويضيف الشماع كون سوق الإمارات هي الأقل ارتفاعا من قاعها يحمل في الوقت ذاته دلالات سلبية وأخرى إيجابية, وتتمثل الدلالة السلبية في أن تقلباتها والتصحيح الذي تشهده من وقت لآخر لا يتمان على أسس موضوعية خاصة بمعطيات السوق، وإنما على أساس المحاكاة اليومية لما يدور في الأسواق الأمريكية والأسيوية والأوربية فإذا كانت الأسواق الأمريكية مرتفعة بينما «الآسيوية» افتتحت على تراجع, فإن المتداولين يحذون حذو الآسيوية وليس الأمريكية، ثم يتابعون حركة الأسواق الأوربية التي تفتتح في الساعة الحادية عشرة قبل الظهر فإذا كانت متراجعة فإنهم يعززون البيع, أما إذا ارتفعت فإن السوق تميل إما إلى الثبات أو الارتفاع الطفيف. وقد تكررت هذه الحالات في عدة أيام من الأسابيع الماضية, وهذا الأمر هو الذي جعل أسواق الدولة تنحدر بأكثر من الأسواق العالمية والتي تحاكي بعضها بعضا بدرجات تقل كثيرا عن حالة الأسواق الإماراتية.
ويعود هذا السلوك الجمعي غير الواعي للمستثمرين في أسواق الإمارات, إلى ما يمكن وصفه بفوبيا الأزمة المالية التي تولدت في أسواق الإمارات بأكثر من غيرها من الأسواق المجاورة والعالمية. ولعل السبب في ذلك هو أن القاع الذي كانت بلغته الأسواق الإماراتية كان الأعمق على الإطلاق من بين كل الأسواق المجاورة والعالمية.
غير أن عدم ارتفاع أسواق الإمارات عن قاعها بنفس نسبة ارتفاع بقية الأسواق المجاورة والعالمية عن قيعانها، فإنه يعني وجود قوة كامنة قد تمكنها قريبا من الارتفاع في الفترة المقبلة بأعلى من وتيرة ارتفاع بقية الأسواق, في حال فكت ترابطها النفسي مع الأسواق المتقدمة. ويدلل الشماع على توقعاته بارتفاعات قوية للأسواق الإماراتية خلال الفترة المقبلة بعدد من المعطيات الإيجابية, أهمها أن السوق العقارية في دبي أظهرت خلال الربع الثاني من العام الجاري علامات على عودة الثقة والاستقرار مقارنة بالأسواق الأخرى, إضافة إلى انخفاض مضاعفات ربحية عديد من الأسهم إلى مستويات جذابة.