أكبر أزمة اقتصادية تدفع العالم لإنهاء أطول مفاوضات للتجارة الحرة

أكبر أزمة اقتصادية تدفع العالم لإنهاء أطول مفاوضات للتجارة الحرة

لعل آخر ما كان يرد بخاطر باسكال لامي المدير العام لمنظمة التجارة العالمية أن تتسبّب أكبر أزمة اقتصادية يشهدها العالم في وقتنا الراهن، في إنهاء أزمة أطول مفاوضات مستمرة منذ سبع سنوات لإنهاء ما اتفق على تسميته «أجندة الدوحة». وهذا الحلم هو ما يسعى لامي لتحويله إلى حقيقة بعد أن تعهدت قمة العشرين التي عقدت في لندن مطلع نيسان (أبريل) الماضي، بإنهاء جولة الدوحة بحلول عام 2010 كواحدة من السبل لانتشال العالم من براثن الركود الاقتصادي عبر فتح الحدود أمام تدفق التجارة عبر العالم. وصدرت بعدها تصريحات سياسية من كبار قادة العالم تؤكد عزمها على تحقيق هذا الهدف.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

لعل آخر ما كان يرد بخاطر باسكال لامي المدير العام لمنظمة التجارة العالمية أن تتسبب أكبر أزمة اقتصادية يشهدها العالم في وقتنا الراهن في إنهاء أزمة أطول مفاوضات مستمرة منذ سبع سنوات لإنهاء ما اتفق على تسميته بـ «أجندة الدوحة».
وهذا الحلم هو ما يسعى لامي لتحويله إلى حقيقة بعد أن تعهدت قمة العشرين التي عقدت في لندن مطلع نيسان (أبريل) الماضي بإنهاء جولة الدوحة بحلول عام 2010 كواحدة من السبل لانتشال العالم من براثن الركود الاقتصادي عبر فتح الحدود أمام تدفق التجارة عبر العالم. وصدرت بعدها تصريحات سياسية من كبار قادة العالم تؤكد عزمها على تحقيق هذا الهدف.
وقد قدم باسكال لامي تقرير إلى المجلس الوزاري للمنظمة الذي انعقد يوم 28 تموز (يوليو) الماضي في جنيف طالبهم باستغلال هذه الفرصة التاريخية لتحويل التصريحات السياسية إلى أفعال من خلال تكثيف اللقاءات والاجتماعات الثنائية والجماعية خلال الأسابيع المقبلة وذلك لإعطاء فرص أكبر لنجاح اجتماعات المجلس خلال شهر أكتوبر المقبل. وقد لامي ما عرف بـ «خريطة طريق» للوصول إلى إنهاء المفاوضات بحلول العام المقبل تتضمن اجتماعات اللجان الفرعية المختلفة الخاصة بالمفاوضات لضمان عدم تكرار سيناريو الفشل الذي شهدته آخر جولة للمفاوضات في تموز (يوليو) العام الماضي.
قبل عام تقريبا، فوجئ وزراء أكثر من 40 دولة وبعد عشرة أيام من المفاوضات الشاقة استمرت حتى 30 تموز (يوليو) بانهيار محادثات جولة الدوحة الجديدة حول موضوع لم يكن يحظى باهتمام وسائل الإعلام، وهو يتعلق بمدى إمكانية قيام الدول النامية بزيادة تعريفاتها الجمركية لحماية صغار المزارعين من خلال آلية تسمى آلية الوقاية الخاصة SSM. وعزز مـن الشعور بخيبة الأمل آنذاك أنه كان قد تم في الوقت نفسه حسم خلافات حادة بشأن موضوعات شائكة ظـلت معلقة لسنوات عديدة مثل خفض الدعم الزراعي والتعريفات الصناعية وتآكل الأفضليات.
وتركز الخلاف الرئيسي فيما يخص آلية الوقاية حول أسلوب عملها وطبيعة التعريفات التي سيمكن تطبيقها في إطارها بما يتجاوز السقف الحالي للتعريفات (ما قبل الدوحة). وعقدت مجموعة الدول الـ 7 اجتماعات مكثفة لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة، وشهدت المناقشات تباينا كبيرا في المواقف بين الصين والهند من جانب - والتي تسع إلى الحد من الواردات الزراعية المدعمة - والولايات المتحدة من جانب آخر التي تسعى إلى الحصول على نفاذ أكبر إلى أسواقهما.
وبالرغم مـن أن آلية الوقاية الخاصـة تعد السبب الرئيسي لفشل المفاوضات، فإن تعثر المفاوضات بشأن هذه الآلية تسبب أيضا في عدم إحراز تقدم على صعيد مـوضوعات أخـرى مثل دعم القـطن وحماية المؤشرات الجغرافية لبعض المنتجات الغذائية مثل الجبن.
وقبيل الاجتماع الذي بدأ يوم 21 تموز (يوليو) 2008 أعلنت منظمة التجارة العالمية عن الانتهاء من إعداد المسودات النهائية الخاصة بطرائق تخفيض الضرائب على الزراعة والمنتجات غير الزراعية NAMA، حيث كان لامي يأمل أن تفتح الموافقة على هذه المقترحات الباب واسعا أمام إزالة أهم العقبات التي تعترض طريق أجندة التنمية التي أطلقها المؤتمر الوزاري الرابع في الدوحة عام 2001. وقد اعتبرت المسودات المقدمة لاجتماع يوم 21 تموز (يوليو) هي الرابعة التي يعاد تنقيحها منذ عام 2007، حيث شهد العامين الماضيين جولات مكثفة بعدها تقدم مسودات جديدة كما حدث في اجتماعات تموز (يوليو) 2007 ثم شباط (فبراير) 2008 ثم أيار (مايو) 2008 وأخيرا في تموز (يوليو) 2008. وفي كل مرة تنشب خلافات جديدة. وتهدف هذه المسودات الأخيرة بشأن الزراعة إلى التوصل إلى طرائق ومعادلات مركبة يتم بموجبها إلغاء الدعم الزراعي من قبل الدول الصناعية تماما بحلول عام 2013 مع إلغاء جانب مهم من الدعم يراوح ما بين 60 و70 في المائة مع حلول عام 2010. أما المفاوضات بشأن المنتجات غير الزراعية، فإن الهدف هو إلغاؤها تماما مع حلول العام 2013. يذكر أن المؤتمر الوزاري الرابع في الدوحة الذي عقد عام 2001 وضع إطارا عاما لجولة جديدة من المفاوضات. كما أمكن للمجلس العام لمنظمة التجارة العالمية التوصل في أول آب (أغسطس) 2004 إلي صفقة تضمنت أسسا عامة لمبادئ المفاوضات وموضوعاتها عرفت باسم حزمة أو صفقة تموز (يوليو) July Package . واحتدمت الخلافات بعد ذلك حول الأسس التي سيتم التفاوض وفقا لها. وقد نجح مؤتمر هونج كونج الوزاري «كانون الأول (ديسمبر) 2005» في التوصل لقرارات محددة بشأن بعض مبادئ وأسس المفاوضات وتحديد عدد من التواريخ لإتمام الاتفاق على تفصيلات هذه المبادئ وخاصة بصدد الموضوعات الثلاثة الرئيسة في جولة المفاوضات متعددة الأطراف الجارية وهي: الزراعة، الوصول للأسواق للمنتجات غير الزراعية NAMA، وتجارة الخدمات، فضلا عن إضافة موضوع تسهيل التجارة إلى موضوعات المفاوضات.
وبالنسبة للزراعة تم الاتفاق على الإلغاء التام التدريجي لدعم الصادرات الزراعية قبل نهاية عام 2013، وبحيث يتم إجراء خفض جانب جوهري من الدعم التصديري مع نهاية النصف الأول من الفترة الكلية لإلغاء الدعم.
وبالنسبة للمنتجات غير الزراعية أقر إعلان هونج كونج استخدام الصيغة السويسرية (وهي إحدى الصيغ المطروحة لإجراء خفض في التعريفة الجمركية على المنتجات غير الزراعية). وطالب الإعلان بتكثيف الجهود للانتهاء من تحديد قواعد المفاوضات، وأن تتقدم الدول الأعضاء بمشاريع جداول تحرير تجارة منتجاتها غير الزراعية على أساس هذه القواعد .
وبالنسبة للخدمات استحدث إعلان هونج كونج مبدأ المفاوضات متعددة الأطراف إلى جانب المفاوضات الثنائية التي اقتصرت عليها مفاوضات تحرير تجارة الخدمات منذ قيام المنظمة والتي كانت تتم على أساس العرض والطلب في إطار مفاوضات ثنائية بين الدول الأعضاء، الأمر الذي كان يعطي الدول النامية قدرا كبيرا من المرونة في تحديد قطاعات الخدمات التي ترغب في تحريرها وتحديد درجة التحرير المناسبة لكل قطاع. وقد أثار هذا التعديل مخاوف عديد من الدول النامية لإمكانية استخدام الضغط الجماعي من قبل مجموعة من الدول الأعضاء لإلزام دولة ما بتحرير قطاعات معينة وتوسيع نطاق التحرير بقدر ما تعتبر هذه الدولة نفسها غير مستعدة للقيام به على الفور لتعارضه مع ظروفها ومصالحها الاقتصادية. وقد حدد الإعلان عددا من المواعيد خلال عام 2006 لتقديم الدول لمطالبها الجماعية لتحرير الخدمات لدى الأعضاء الآخرين، ثم للجولة الثانية لتقديم العروض المراجعة لتحرير الخدمات، ثم لتقديم الدول لمشاريع جداول الالتزامات النهائية لتحرير تجارة الخدمات.
وفيما يتعلق بتسهيل التجارة، فإن المفاوضات الجديدة تدور حول عدد من الموضوعات مثل: مراجعة قواعد اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ذات العلاقة بتسهيل التجارة ومنها اتفاقية جات1994، واتفاقيات التقييم الجمركي، والمعاينة قبل الشحن، وتراخيص الاستيراد، وقواعد المنشأ، والعوائق الفنية علي التجارة كالمقاييس والمعايير وإجراءات الصحة والصحة النباتية. كذلك - تبسيط إجراءات الاستيراد والتصدير ومتطلباتها- بما في ذلك المستندات وإجراءات الجمارك- والحد من استخدامها لإعاقة حركة التجارة والتجارة العابرة.
إلا انه منذ تموز (يوليو) 2006، وهو الشهر الذي كان من المقرر أن يتم مع نهايته التوصل إلى اتفاق حول موضوعات المفاوضات كافة، تفاقمت الخلافات بين وفود الدول الأعضاء المتفاوضين، وتمسك كل طرف بمواقفه، وتبادل الاتهامات بين جميع الأطراف بالعجز عن تقديم تنازلات مقبولة يكون من شأنها التوصل إلى توافق رأي حول موضوعات التفاوض المهمة.

الأكثر قراءة