علامات تثبيت الاستقرار تساعد الموجودات الخطرة

علامات تثبيت الاستقرار تساعد الموجودات الخطرة

علامات جديدة على تثبيت الاستقرار في الاقتصاد العالمي كانت هي الخلفية التي استندت إليها الحركة القوية للأسبوع الثاني على التوالي في الأسهم والموجودات الخطرة الأخرى، في الوقت الذي بدأ فيه تركيز الأسواق بالتحول بعيداً عن أرباح الشركات.
عاد مؤشر ستاندارد آند بورز 500 من جديد إلى ما فوق مستوى الألف نقطة، وتقلصت الفروق في العوائد على السندات إلى أدنى مستوى لها منذ 14 شهراً، في الوقت الذي تراجعت فيه السندات الحكومية ووصل الدولار إلى أدنى مستوى له منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وقال المحللون الاستراتيجيون لدى بنك جيه بي مورجان «إن انتقال الاقتصاد العالمي من الركود إلى التعافي يجري الآن على نحو أسرع مما كان متوقعاً. نحن متمسكون بموقفنا حول التعافي، ونرجح وزن الأسهم والائتمان في مقابل السندات الحكومية».
وعلامات التحسن في سوق العمل وسوق الإسكان الأمريكية، والاستبيانات القوية من قطاعات التصنيع في مختلف أنحاء العالم، أعطت علامات بأن الاقتصاد العالمي غيَّر مساره وهو متجه نحو التعافي.
والأمر الذي له دلالته البالغة هو أن تقرير الوظائف الأمريكية أظهر أن الاقتصاد فَقَدَ 247 ألف وظيفة، وهو رقم أقل بكثير من توقعات السوق، كما أنه يعتبر أدنى معدل للهبوط منذ نحو سنة. تراجعت معدلات البطالة من 9.5 في المائة إلى 9.4 في المائة، وهو أول تراجع لها منذ شهر نيسان (أبريل) 2008.
وقالت لينا كوميليفا رئيسة قسم اقتصاد السوق في مجموعة البلدان السبعة لدى مؤسسة تاليت بريبون «بصورة عامة فإن الأرقام لها أهمية نفسية أساسية بالنسبة للمستثمرين، وستساند الآمال بأن الاقتصاد ينتقل الآن ويبتعد عن مستوياته التاريخية في الضعف، «لكن في حين أن الاتجاه العام المتمثل في ارتفاع معدلات البطالة يمكن أن يكون في سبيله إلى الاقتراب من الذروة، إلا أن من السابق لأوانه أن نقول إذا كان هذا التعافي سيحتفظ بزخمه بمجرد تصحيح الضعف الابتدائي الذي وقع في مرحلة ما بعد انهيار بنك ليمان براذرز».
وكانت النزعة المتفائلة التي استقبلت بها السوق تقريرَ الوظائف الأمريكية قوية إلى درجة أن سوق العقود الآجلة الأمريكية قررت احتساب زيادة مقدارها ربع نقطة مئوية بالتمام والكمال في أسعار الفائدة في الاجتماع الذي سيعقده البنك المركزي الأمريكي في شهر كانون الثاني (يناير) المقبل. كذلك اندفعت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية إلى الأعلى.
وفي أماكن أخرى كانت التوقعات بأن البنوك المركزية الأخرى ربما تقرر خلال فترة قريبة رفع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية، كانت من المحركات الرئيسية لقرارات السوق، وعانت الأسهم الصينية من أسوأ أسبوع لها منذ خمسة أشهر، على الرغم من تعهد البنك المركزي الصيني بأنه سيحتفظ بسياسة نقدية «متساهلة بصورة معتدلة».
وفي أستراليا، كان من شأن الأنباء القائلة إن معدلات التوظيف ارتفعت على نحو غير متوقع في الشهر الماضي، كان من شأنها أن عززت التوقعات بأن أسعار الفائدة ربما تكون في سبيلها إلى الارتفاع خلال فترة قريبة، وساند ذلك الدولار الأسترالي. لكن كانت هناك نغمة تتسم بالحذر صادرة عن البنك المركزي البريطاني، حيث إنه فاجأ الأسواق من خلال قراره بتمديد برنامج شراء الموجودات بمقدار 50 مليار جنيه استرليني.
وقال جورج باكلي وهو كبير الاقتصاديين لمنطقة بريطانيا في دويتشه بانك «من الواضح أن المركزي البريطاني غير راغب في المخاطرة بأي شكل من الأشكال في التعافي الهش الذي نشهده في الوقت الحاضر في الأسواق المالية وفي الاقتصاد بصورة عامة».
من جانب آخر قرر البنك المركزي الأوروبي إبقاء أسعار الفائدة على حالها عند 1 في المائة، وأكد أنه يعتبر أن المستوى الحالي من أسعار الفائدة «مناسب». وعلى الرغم من قرار السوق الذي اتخذته هذا الأسبوع باحتساب احتمال رفع أسعار الفائدة، إلا أن أشرف العايدي وهو كبير المحللين الاستراتيجيين للسوق لدى مؤسسة سي إم سي ماركتس CMC Markets، يشير إلى أن تطورات السوق تشير بصورة متزايدة إلى شعور واسع بالتمترس والتقوقع في شهية المخاطرة. وأضاف العايدي أن مؤشر شنغهاي المركب كان أول مؤشر يعطي علامة على بداية الحركة الواسعة لبيع الأسهم العالمية في شهر شباط (فبراير) 2007. لكن القرار الواسع في أسواق الأسهم يعطي صورة أكثر إيجابية.
وبحلول منتصف يوم الجمعة في نيويورك كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 صامداً فوق مستوى الألف نقطة، وكان في سبيله إلى تسجيل ارتفاع مقداره 2.7 في المائة على مدى الأسبوع. وارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بمقدار 2.3 في المائة ليسجل أعلى مستوى له منذ تسعة أشهر، حيث واصل تقدمه للأسبوع الرابع على التوالي. وفي طوكيو ارتفع مؤشر نيكاي 225 بمقدار 0.5 في المائة، مسجلاً أعلى مستوى له منذ عشرة أشهر. لكن أسواق الأسهم في بلدان الأسواق الناشئة كان أداؤها متدنياً، وكان ذلك بفعل الثقل الناجم عن الخسائر في الصين والهند.
وأشارت مؤشرات السندات إلى وجود تحسن على نطاق واسع، حيث وصل مؤشر السندات الممتازة ماركيت مي دي إكس نورث أمريكا Markit CDX North America لعقود التأمين المتقابل على السندات أدنى مستوى له منذ حزيران (يونيو) من السنة الماضية.
كذلك كانت هناك مكاسب في مختلف أنحاء أسواق السلع، رغم أن التداول أثناء الأسبوع كان متقلباً وغير سلس. وتمكن سعر الخام الأمريكي القياسي من التحرك إلى ما فوق مستوى 72 دولاراً للبرميل، أي بزيادة مقدارها 4 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن النحاس سجل أعلى مستوى له لهذا العام.
وفي أسواق العملات، سجل الدولار تراجعاً واسعاً، لكنه تمكن من الاندفاع يوم الجمعة على خلفية تقارير الوظائف الأمريكية. وقال العايدي «أخيراً يندفع الدولار للأسباب الصحيحة». ولاحظ انهيار العلاقة العكسية بين الأسهم والدولار، وكذلك بين العوائد على السندات الحكومية والدولار.
والواقع أن التحسن في الآفاق الاقتصادية دفع بسندات الخزانة الأمريكية بحدة إلى الأدنى، وبذلك ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بمقدار 35 نقطة أساس ليصل إلى 3.86 في المائة.
وقفز العائد على سندات الخزانة الألمانية بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 3.53 في المائة، ولكن إمكانية شراء المزيد من الأوراق المالية من قبل البنك المركزي البريطاني أدى إلى أن يظل العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات أعلى بمقدار نقطتي أساس، ليصل إلى 3.82 في المائة.

الأكثر قراءة