الأعاصير والسياسة والمعركة حول ظاهرة الاحتباس الحراري

الأعاصير والسياسة والمعركة حول ظاهرة الاحتباس الحراري

بعد أن شهد تدمير إعصار كاترينا بيت والدته في ولاية نيو أورليانز، أصاب القلق مؤلف الكتاب كريس موني من أن تكون سياسات الحكومة لا تزال تتجاهل سيناريوهات أسوأ الحالات المحتملة عند التخطيط للمستقبل، على الرغم من هذه الكارثة غير المتوقعة التي أتت في الوقت المناسب لتنبههم إلى أهمية وضع مواجهة الكوارث في الاعتبار عند وضع الخطط المستقبلية.
كرس المؤلف جهوده ليبحث في موضوع ما إذا كانت ظاهرة الاحتباس الحراري سوف تزيد من الأعاصير أم أنها ستغير من طبيعتها، حتى وإن كان لم يستطع أن يفسر السر وراء وجود أي من هذه الأعاصير أو صفاتها.
بدأت الأبحاث حول الأعاصير تجرى في القرن التاسع عشر، إلا أن هناك انقساما في الباحثين بين أولئك الذين يرون أن البحث في هذا المجال قائم على جمع البيانات والملاحظات (مثلما يفعل علماء الأرصاد الجوية)، وأولئك الذين يفضلون النظريات القائمة على الاستنتاج من القوانين الفيزيائية (مثلما يفعل علماء المناخ).
واستمر هذا الخلاف حتى وقتنا الحالي، فمن ناحية يستخدم علماء المناخ نماذج كمبيوترية معقدة ليوضحوا وجود أدلة على العلاقة بين زيادة درجات حرارة الجو وزيادة درجات حرارة البحار وبين نشوء كثير من الأعاصير، ومن ناحية أخرى يرى علماء الأرصاد الجوية أن هذه النماذج لا يمكن الاعتماد عليها.
وحول هذا الانقسام في الرأي، يستعرض الكتاب كثيرا من السياسات والأشخاص والأحداث التي أثارتها هذه العواصف المخيفة. كانت تذكي من حدة هذا الانقسام الحاجة الملحة لمعالجة مسألة الاحتباس الحراري وصعوبة هذا الموضوع وعلاقته بالعواصف.
بالنسبة للإعلام الأمريكي، كان موسم الأعاصير السنوي يقدم أخبارا خفيفة بعيدا عن العناوين التقليدية عن أخبار المشاهير وفضائحهم، لكن في آب (أغسطس) 2005، جاء إعصار كاترينا ليغير كل هذا.
في الأخبار ظهرت صور لولاية نيو أورليانز مغمورة بالماء بينما مواطنوها محاصرون يطلبون المساعدة من فوق أسطح المنازل. هزت هذه الأنباء من ثقة الأمريكيين في قدرة حكومتهم على أداء أهم مهمة لها على الإطلاق، ألا وهي حماية الناس.
كان إعصار كاترينا في هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الأعاصير، وتلته كثير منها جاءت كلها دليلا علميا على دور البشر في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي. كانت هذه العواصف نذيرا على كوارث أكبر في الطريق.
يقدم هذا الكتاب أدلة مقنعة على أحد أهم الموضوعات بالنسبة للمؤلف ألا وهو استغلال العلم في الإعلام، فكثير من علماء الظواهر الجوية أظهروا استياءهم من استخدام الصحافة وتشويهها آراءهم العلمية بهدف كسب نقاط على المستوي الحزبي إبان العاصفة السياسية التي تلت إعصار كاترينا.

الأكثر قراءة