رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أين العدالة في القسط يا شركات التأمين؟

في سؤال عن كيفية احتساب القسط التأميني الذي يدفعه العميل لشركات التأمين، يتبين لنا أن احتساب القسط يتم بشكل عشوائي ولا يعتمد على العوامل المؤثرة في الخطر المراد التأمين عليه على الرغم من أن الأنظمة لدينا في المملكة تؤكد على أن يتم احتساب القسط بشكل عادل وبطريقة فنية. وكي يدرك القارئ الكريم فكرة العدالة التي يقوم عليها احتساب القسط فهي تعتمد أساساً على قاعدتين، هما: أن كل خطر يمكن الوصول حسابيا إلى ما يقابله من مساهمة مالية يتوجب على العميل دفعها للشركة، والقاعدة الأخرى أنه لا ينبغي المساواة بين العملاء من حيث عوامل حصول الخطر، حيث إن كل عميل لديه من العوامل الخاصة به والتي تزيد أو تقلل من حصول الخطر المراد التأمين عليه، ومن العدالة أن يتم أخذ ذلك في الحسبان.
فلو أخذنا على سبيل المثال تأمين المركبات فإن احتساب القسط يعتمد على معدل حصول الحوادث وتكلفتها المادية وهذه كلها عوامل عامة لا تختلف من شخص لآخر ولكن العدالة تقتضي أن يتم الأخذ في الحسبان العوامل المؤثرة في الخطر بالنسبة إلى هذا السائق أو ذاك، حيث يتوجب أن يدخل في احتساب القسط سجل السائق من حيث وجود حوادث مرتكبة وما إذا كانت هناك مخالفات مرورية ذات تأثير في السلامة وعدد سنوات القيادة، حيث تعمد الشركات إلى منح نسبة تخفيض سنوية لصاحب السجل النظيف وتحتسب له قسطاً أقل مقارنة بمن لديه سجل غير نظيف من الحوادث أو المخالفات.
ولذلك ففكرة العدالة في احتساب القسط يمكن الوصول إليها بسهولة والأمر فني وإداري بحت وشركاتنا لديها من الإمكانيات الفنية وهي تستطيع أن تدخل في احتساب القسط جميع العوامل المؤثرة به وألا تتعامل مع مسـألة احتساب القسط بشكل عشوائي وغير مفيد، فالفكرة كذلك هي أن يتعاون العميل مع الشركة على درء حصول الخطر ويجب أن يكافأ العميل الواعي واليقظ. فالقسط هو وسيلة فعالة بيد الشركات لتحث عملاءها على التعامل الأمثل مع المخاطر ومحاولة درء حصولها. نحن نلاحظ أن شركات التأمين في الخارج تحاول أن تزرع هذه الثقافة أو هذه الممارسة السليمة ليأتي العميل إليها ولديه من الاحتياطات ومن ثقافة التعامل مع الخطر ما يكفي لأن تضعه الشركة ضمن شريحة العملاء الأكثر وعيا وأماناً وهي تكافئهم بلا شك بقسط أقل وتحاول أن تحتفظ بهم قدر الإمكان بل وتتنافس الشركات على ضمهم لقائمة عملائها.
لقد كنت أستغرب أثناء دراستي في فرنسا وجود قفلين أو حتى ثلاثة أقفال للباب الواحد إلى أن عرفت أن صاحب المنزل يريد أن يغري شركة التأمين بأن لديه الاحتياطات الكافية لمنع حصول السرقة وذلك عندما يريد أن يبرم وثيقة تأمين ضد السرقة ولكي تقوم الشركة في النهاية بتخفيض مبلغ القسط عليه، بل إن مندوب شركة التأمين هو من ينصحه بذلك، وإذا حصلت سرقة بسيطة لأصحاب المنازل الذين قاموا بالتأمين عليها فإنهم في الغالب لا يقومون بإبلاغ شركات التأمين خوفاً من أن تقوم الشركة بتصنيفهم ضمن العملاء الأكثر خطراً وهذا أيضاً ينسحب على تأمين المركبات حيث يقوم السائق الذي اقترف حادث سير بسيط بإقناع الطرف الآخر بعدم إخطار شركة التأمين ويقوم هو بإصلاحها على حسابه.
ومن وجهة نظري، فإن هذا لا يتنافى مع فكرة العدالة فالقسط التأميني يجب أن يكون وسيلة لمكافأة الملتزم بقواعد السلامة وأن يكون وسيلة لتقويم من ليس لديه حس سليم للتعامل مع الخطر وألا يتم النظر إلى هذا القسط من جانب العميل باعتباره طريقاً للحصول على التعويض أو من جانب الشركة باعتباره رسماً مالياً لا يتغير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي