توقعات بعودة اقتصادات الخليج للنمو 2010 .. والبنوك تواجه مخاطر تدهور نوعية الموجودات
قال معهد التمويل الدولي في تقرير المراجعة الشهرية للتطورات الاقتصادية العالمية الذي أصدره يوم أمس، إن الجهود العالمية التي بذلت منذ نشوب الأزمة العالمية أواخر العام الماضي، خاصة ضخ الأموال في الأسواق، أسهمت في وضع حد للتدهور الاقتصادي، وشجعت المؤسسات على الإنفاق الاستثماري، وهو ما أدى بدوره إلى تحفيز الطلب على النفط وأسهم في تحسن أسعاره لتراوح بين 60 - 70 دولارا خلال الأسابيع الماضية، وقد أدت هذه التطورات الاقتصادية إلى تحسن توقعات أداء الاقتصاديات الخليجية لعام 2009، وبات من المتوقع عودتها للنمو عام 2010.
وأضاف المعهد أن السياسات النقدية والمالية التي اعتمدت من قبل دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر 6 - 12 الماضية، علاوة على تحسن الطلب المحلي، والارتفاع الحالي في أسعار النفط أسهمت جميعها في تحسن توقعات أداء الاقتصاديات الخليجية لما تبقى من العام، خاصة لجهة تخفيف الضغوط على الميزانيات العامة والحسابات الخارجية، وبات من المتوقع عودتها للنمو الطبيعي بدءا من عام 2010.
وركز التقرير بشكل خاص على الأوضاع المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي نظرا لحساسيتها تجاه الأزمة العالمية وتداعياتها التي طالت الموجودات الاستثمارية فقد استطاع النظام المصرفي الخليجي بشكل عام مواجهة الأزمة بشكل جيد، وتتمتع معظم البنوك الخليجية بملاءة مالية جيدة، حيث يظهر التقرير أن نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك السعودية تبلغ 16.3 في المائة، الإماراتية 16.2 في المائة، الكويتية 15.5 في المائة، القطرية 15.5 في المائة، العمانية 14.7 في المائة، البحرينية 15.5 في المائة، كما تتمتع البنوك السعودية بأعلى نسبة مخصصات 145 في المائة من التسهيلات غير المخدومة تليها العمانية 119 في المائة، البحرينية 100 في المائة ،الإماراتية 96 في المائة، القطرية 83 في المائة، الكويتية 78 في المائة.
أما بالنسبة لنسب التسهيلات غير المخدومة كنسبة إلى مجموع التسهيلات فقد بلغت 1.2 في المائة في قطر، 2.1 في المائة في السعودية، 2.4 في المائة في عمان، و2.9 في المائة في الإمارات، 3.7 في المائة في البحرين، 5.3 في المائة في الكويت. وأضاف التقرير أن التعرضات العالية من قبل البنوك الخليجية للقطاع العقاري والشركات المثقلة بالديون قد أثر بشكل هامشي في أداء البنوك، ولكنها الحقت الضرر بنوعية الموجودات.
وشدد التقرير على أن الحذر تجاه البيانات المالية المعلنة في الحسابات المالية للشركات والبنوك على حد سواء سيبقى مسيطرا خلال الأشهر المقبلة، وسيحد من التوسع في التمويل، خاصة إزاء إعلان بعض الشركات الكبرى معاناتها مشاكل مالية مثل مجموعتي القصيبي وسعد.
وفيما يخص التطورات الاقتصادية في دول المجلس، قال التقرير إن القطاع غير النفطي سوف ينمو بمعدلات معتدلة، مقدرا لها أن تبلغ 3 في المائة في السعودية، 1.2 في المائة في الإمارات، 9 في المائة في قطر، 3.5 في المائة في عمان، 4 في المائة في الكويت، 3 في المائة في البحرين، إلا أن القطاع النفطي، وبسبب التراجع في أسعار النفط، سيكون نموه بالسالب 8 في المائة في السعودية، 7.5 في المائة في الإمارات، 4.5 في المائة في الكويت، و2.1 في المائة في البحرين، بينما سينمو بنسبة 1.4 في المائة في عمان، و26 في المائة في قطر بسبب مشاريع الغاز. وسيؤدي ذلك إلى تحقيق المملكة معدل نمو اقتصادي حقيقا سالبا بنسبة 0.6 في المائة و1 في المائة في الإمارات 1.1 في المائة في الكويت، بينما ينمو الاقتصاد العماني بنسبة 3 في المائة، البحريني 2.1 في المائة، القطري 10 في المائة، وجميع هذه التقديرات مبنية على أساس سعر متوسط 61 دولارا للبرميل خلال لعام 2009.
وتتفق هذه التوقعات مع تقديرات صندوق النقد الدولي الذي توقع ان تحقق البلدان المصدرة للنفط بما فيها الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي نموا بمعدل 1.3 في المائة في عام 2009 مقابل 5.6 في المائة حققتها في عام 2008، ويتوقع الصندوق أن يبلغ الناتج المحلي الخليجي 856 مليار دولار عام 2009 بالمقارنة بـ 1076 مليار دولار عام 2008، بانخفاض نسبته نحو 20 في المائة.
كما توقع أن تنخفض قيمة الصادرات النفطية في المنطقة بنسبة 60 في المائة لتبلغ نحو 200 مليار دولار عام 2009، وهو المستوى نفسه الذي كانت عليه عام 2004، بينما ينخفض إجمالي الصادرات من السلع والخدمات من 822 مليار دولار عام 2008 إلى 532.4 مليار دولار عام 2009، بينما تنخفض واردات السلع والخدمات بشكل بسيط من 510.7 مليار دولار عام 2008 إلى 492.4 مليار دولار عام 2009. ولكون الصادرات النفطية تمثل أكثر من 60 في المائة من الدخل القومي، فإن انخفاض عوائد الصادرات سيؤدي بدوره إلى انخفاض بنسبة 20 في المائة في هذا الدخل.
فيما قدر صندوق النقد الدولي أن يؤدي تراجع أسعار النفط وتخفيضات إنتاج البلدان الأعضاء في «أوبك» إلى تخفيض عائدات تصدير النفط بنسبة ستصل إلى 50 في المائة في عام 2009، مضيفا أن ذلك ينطوي على خسارة في الإيرادات الحكومية بنحو 300 مليار دولار مقارنة بعام 2008، كما توقع انخفاض نسبة الإيرادات إلى الناتج المحلي من 54.9 في المائة عام 2008 إلى 37 في المائة عام 2009.
وتوقع الصندوق أن تتحول الحسابات الجارية في دول المجلس من فائض بلغ 292.3 مليار دولار تقريبا عام 2008، إلى فائض مقداره 16.2 مليار دولار في 2009، مشيرا إلى إمكانية احتواء هذا التدهور ضمن حدود مريحة بالنظر إلى مخزون الاحتياطات الكبير الذي تمكنت هذه الاقتصادات من تكوينه. واعتبر الصندوق أن اقتصادات دول المنطقة عانت تداعيات الأزمة المالية وآثار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي على أسعار النفط، إلا أن الاستجابة السياسية للسلطات، والاحتياطيات الدولية الضخمة، واستمرار الإنفاق الحكومي الاستثماري أسهمت في تعزيز مناعة اقتصادات المنطقة لآثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وبين الصندوق أن وضع الحسابات الجارية سيتأثر بمدى قدرة تلك البلدان على تخفيض الواردات أيضا، خاصة بالنسبة للدول الأكثر تعرضا للعجز مثل البحرين وعمان، غير أنه أشار إلى أن الحفاظ على مستويات الواردات بالنسبة للدول الأكبر مثل السعودية والإمارات سيسهم في تنشيط الطلب العالمي، وهو الأمر الضروري لعودة الانتعاش للأسواق العالمية.
ووفقا لصندوق النقد الدولي فقد أبدت معظم مجلس التعاون الخليجي عزمها على مواصلة خطط الإنفاق والاستثمار دون تغيير، مشددا على ضرورة أن تعزز الحكومات تنظيماتها وإجراءاتها من أجل تفادي الوقوع في أزمة مشابهة في المستقبل، مؤكدا في ذلك زيادة حجم الإنفاق والحفاظ على مستويات النمو. هكذا، فعن طريق مواصلة الإنفاق، تسهم البلدان الخليجية في دعم الطلب العالمي بنسبة كبيرة ومتنامية، وتقوم بدور الحافز على تحقيق الاستقرار خلال مرحلة الهبوط العالمي.
ويتوقع الصندوق ارتفاع نسبة الإنفاق الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 28.5 في المائة عام 2008 إلى 38.4 في المائة عام 2009 في دول المجلس «يعود انخفاض الناتج المحلي من جهة وارتفاع الإنفاق من جهة أخرى»، في الوقت نفسه، ستنخفض نسبة رصيد الميزانية إلى الناتج المحلي من فائض بنسبة 26.5 في المائة عام 2008 إلى نسبة سالبة تقدر بنحو 1.4 في المائة عام 2009.