الأسهم العالمية تنهي شهراً عاصفاً بأداء قوي مدعوما بأرباح الشركات
كانت حصيلة الأسهم العالمية الأسبوع الماضي إيجابية، منهية أداء عاصفاً خلال الشهر، مع موجة من أرباح الشركات فاقت التوقعات، وظهور بيانات مشجعة بصورة عامة حول الاقتصاد، ما ساعد على المحافظة على شهية المستثمرين للموجودات الخطرة. حتى تقرير الخميس الذي حمل نتائج إيجابية وسلبية حول الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني في الولايات المتحدة لم يعمل إلا بصورة هامشية على إضعاف الحماسة للأسهم فقد أظهرت البيانات أن الاقتصاد تقلص بنسبة تقل عن النسبة التي كانت متوقعة، ومقدارها 1 في المائة، في مقابل تقلص مقداره 6.4 في المائة في الربع الأول من العام، رغم أن المقارنات ازدادت صعوبتها بفعل المراجعات التي أدت إلى تخفيض المعدلات، وذلك بسبب تبني سنة أساس جديدة.
وقال سينيي رود فريدريكسن، وهو محلل أول لدى البنك الدنماركي Danske Bank «هذا التقرير يضع الاقتصاد الأمريكي في وضع طيب للنمو على مدى الأرباع المقبلة»، «وكان الانخفاض في أرقام المخزون أكبر حتى من التقديرات الأولية في الربع الأول، وانخفض في الربع الثاني إلى مستوى أدنى مما كان متوقعاً».
وأشار ماركو أنونزياتا، وهو كبير الاقتصاديين لدى بنك يوني كريديت، إلى الأداء المخيب للآمال للاستهلاك الشخصي، الذي تقلص بنسبة 1.2 في المائة، أي أكثر من ضعف النسبة التي توقعها المحللون. وقال «يبحث المستثمرون الآن فيما وراء التعافي في الأسهم ويركزون أنظارهم على استدامة التعافي الاقتصادي، ورغم كل مظاهر الحماسة حول أداء الصين، فإن استدامة التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة وفي مختلف أنحاء العالم لا تزال معلقة بالاستهلاك في قطاع الأسر الأمريكية».
وكانت هناك أنباء مخيبة للآمال على هذه الجبهة خلال الأسبوع، حيث قال مجلس المؤتمر الأمريكي US Conference Board إن ثقة المستهلكين تراجعت للشهر الثاني على التوالي. وكان من شأن البيانات الضعيفة في الطلبات على البضائع الصلبة أن زادت المخاوف حول الاستهلاك.
أظهرت الآفاق المتوقعة لقطاعين آخرين في الاقتصاد الأمريكي، وهما الإسكان وسوق العمل، علامات مبدئية على التحسن، والواقع أن أسعار المساكن ازدادت في أيار (مايو) للمرة الأولى خلال ثلاث سنوات، في حين أن المطالبات المتواصلة على تعويضات البطالة هبطت إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاثة أشهر، رغم أن المحللين يظلون حذرين حول آفاق معدلات البطالة في الولايات المتحدة.
وقالت مؤسسة آي إتش إس جلوبال إنسايت IHS Global Insight «عند أخذ جميع العوامل في الاعتبار فإن سوق الإسكان تمر الآن في طور التغير نحو الأحسن، لكن حيث إن من المتوقع أن تهبط معدلات البطالة بصورة بطيئة، وحيث إن السوق لا تزال مشبعة بالمساكن غير المبيعة، فإن أحوال وظروف السوق لن تعود إلى وضعها الطبيعي قبل عام 2012».
وتركزت الأضواء على التعافي الذي يشهده الاقتصاد الصيني واندفاع أسواق الأسهم، بعد ظهور تقرير يفيد أن أكبر بنكين مملوكين للدولة في الصين ربما يقومان بتقليص الإقراض بصورة حادة في النصف الثاني من العام».
يذكر أن الإقراض البنكي انفجر في النصف الأول من العام في الوقت الذي أخذت فيه بكين بتطبيق إجراءات التحفيز الاقتصادي، ما أثار المخاوف حول إمكانية نشوء فقاعات في الموجودات.
وكان من شأن التقرير المذكور أن دفع لفترة وجيزة بالأسهم الصينية إلى الأدنى ودفع بالبنك المركزي الصيني إلى أن يتعهد بأنه سيحافظ على السياسة النقدية على نحو ينسجم مع الظروف والأحوال الاقتصادية وتعهد كذلك بألا يضع حدوداً أو قيوداً على الإقراض البنكي. قالت لينا كوميلفا، وهي رئيسة اقتصادات السوق في مجموعة البلدان السبعة لدى مؤسسة تاليت بريبون Tullett Prebon إن هذا الفصل يبرز بوضوح المدى الذي كانت فيه الموجودات الخطرة تتلقى المساندة من فكرة السيولة العالمية المفرطة، بدلاً من أن تتلقاها من الثقة في قوة واستدامة التعافي الاقتصادي العالمي. لكن على الرغم من استمرار الجو العام، الذي يتسم بالحذر حول الاقتصاد العالمي، لم يكن هناك مجال لإنكار الحماسة على الأسهم.
وفي نيويورك ارتفع مؤشر ستاندارد أند بورز 500 بنسبة 0.3 في المائة عند منتصف يوم الجمعة، حيث أخذ المؤشر بالسير على مسار يحقق فيه زيادة مقدارها 1.1 في المائة على مدى الأسبوع وزيادة أكثر من 7 في المائة خلال تموز (يوليو). وفي أوروبا سجل مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا زيادة مقدارها 2.4 في المائة على مدى الأسبوع وزيادة مقدارها 9.3 على مدى الشهر، في حين أن مؤشر نيكاي 225 في طوكيو قفز بنسبة 4.1 في المائة على مدى الأسبوع و 4 في المائة على مدى الشهر.
وكانت أسواق الأسهم في بلدان الأسواق الناشئة متجهة نحو تحقيق مكاسب خلال تموز (يوليو) بنسبة تزيد على 10 في المائة. لكن مؤشر فيكس لقياس التقلب، الذي يهبط في العادة مع ارتفاع الأسهم، سجل ارتفاعاً خلال الأسبوع. كذلك كانت شهية المخاطرة واضحة في أسواق العملات، حيث استمرت في التبخر مكانة الدولار كملاذ آمن. وقد تضرر الدولار الأمريكي بصورة خاصة في مقابل الدولار الأسترالي، الذي قال عنه ستيف بارو، وهو محلل استراتيجي لدى ستاندارد بانك، إنه يأخذ الآن أهمية متزايدة، وذلك بالنظر إلى الاحتمال القوي بأن من الممكن أن تبدأ أستراليا برفع أسعار الفائدة.
وقال «ليست هناك كمية هائلة للتمييز بين اليورو والدولار، لكن الذي يحدث بدلاً من ذلك هو أن محرك أسواق العملات سيرجح له أن يكون زوجاً من العملات، أو أزواجاً من العملات، حيث تكون هناك مقادير أكبر من الفروق الأساسية. في الوقت الحاضر نعتقد أن الدولار الأسترالي هو الذي تنطبق عليه هذه الأوصاف».
وتقدمت السندات الحكومية في الوقت الذي طغت فيه الأرقام الخاصة بالناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة على الاستجابة الضعيفة للإصدار القياسي هذا الأسبوع لأوراق مالية جديدة من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة عشر نقاط أساس على مدى الأسبوع، ليصل إلى 3.57 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات بنسبة 16 نقطة أساس ليصل إلى 3.32 في المائة. وعانت أسعار السلع من أسبوع متقلب وسط مخاوف حول الطلب من الصين والولايات المتحدة. أقفل النفط هذا الأسبوع دون تغير يذكر، عند مستوى 68 دولاراً للبرميل، وارتفع الذهب إلى مستوى 952 دولاراً للأونصة.