مصرف البحرين المركزي يسيطر على بنكين للقصيبي والصانع ويعين إدارة جديدة
أعلن مصرف البحرين المركزي في بيان أمس أنه سيطر على مصرفين تابعين لمجموعتي سعد والقصيبي السعوديتين المتعثرتين وذلك في أحدث تصعيد لواحدة من أكبر القضايا المالية التي شهدتها منطقة الخليج.
وقال البنك المركزي إنه تولى السيطرة الإدارية على بنك أوال المملوك لمجموعة سعد السعودية، وكذلك على المؤسسة المصرفية العالمية المملوكة لمجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه. وبنهاية العام بلغت أصول المؤسسة المصرفية العالمية 3.8 مليار دولار، بينما بلغت أصول بنك أوال 7.6 مليار دولار.
وأفاد المصرف البحريني بأن بنك أوال والمؤسسة المصرفية العالمية لديهما نقص كبير في الأصول مقارنة بخصومهما. وقال كذلك إنه يحقق في تصرفات أشخاص على صلة بإدارة البنكين ويحقق فيما إذا كانوا قد التزموا بمتطلبات البنك المركزي فيما يتعلق بالاحتفاظ بمراكز في البنكين.
وتجري المجموعتان السعوديتان المتعثرتان عملية إعادة هيكلة لديون هائلة وتواجهان عددا من القضايا المرفوعة ضدهما من قبل أطراف مختلفة بسبب مزاعم عن مخالفات مالية. وقال ايكارت ورتز الاقتصادي في مركز الخليج للأبحاث في دبي «من الواضح أن هذا يعني عدم وجود إدارة كافية للمخاطر في هذين البنكين من قبل». وتابع «في وقت لاحق سيحتاج البنك المركزي إلى وضع لوائح أكثر صرامة كما يجب أن تتحسن إجراءات إدارة المخاطر لدى البنوك».
ووفقا لوثائق محكمة يواجه معن الصانع رئيس مجموعة سعد تهما بسحب نحو عشرة مليارات دولار من شركة القصيبي العائلية لصالح شركته الخاصة. وكانت مجموعة سعد قد قالت إنه ليس لديها أي أعمال تربطها بمجموعة القصيبي. ولم يذكر البنك المركزي - الذي أعلن يوم 23 حزيران (يونيو) عن إجراء تحقيق بشأن المؤسسة المصرفية العالمية - سببا مفصلا وراء ذلك القرار، وأشار فقط إلى إحدى مواد اللائحة المصرفية الخاصة به. وأكد متحدث باسم المؤسسة المصرفية قرار المصرف المركزي لكنه رفض التعليق على الأمر، كما لم يتسن على الفور الحصول على تعليق من بنك أوال.
وكان مصرف البحرين قد فتح في حزيران (يونيو) الماضي تحقيقا في مخالفات مالية داخل المؤسسة المصرفية العالمية، المملوكة لمجموعة القصيبي السعودية «أهاب».
وقال المصرف في حينها إنه يمارس سلطاته التشريعية بتكليف مؤسسة محاسبية عالمية لإعداد تقرير حول المؤسسة المصرفية العالمية، مضيفا أنه لا يستطيع التعليق على التحقيق الجاري بخصوص المخالفات. وكانت وكالة التصنيف الائتماني »ستاندارد آند بورز» قد خفضت تصنيف المؤسسة المصرفية العالمية في أيار (مايو) الماضي، بعد إعلان «أهاب» إعادة هيكلة لديونها، ووجود مخالفات مالية في ذراعها المالية دون تسميتها. وأبلغ المصرف المركزي المؤسسة المصرفية العالمية بأن أي مدفوعات مالية يجب أن تنال موافقته للتأكيد أن الدائنين يعاملون سوية.
وفي الشهر ذاته، قال البنك المركزي البحريني إن بنك «أوال» وهو جزء من مجموعة سعد ذات الملكية الخاصة ومقرها السعودية يسعى لإعادة التفاوض بشأن ديونه. وأشار إلى أن الأمور الخاصة ببنك «أوال» ليست مرتبطة بإصلاح القطاع المصرفي البحريني. وقال البنك في بيان: إن القضايا المرتبطة ببنك «أوال»ليست مترتبة على الأحداث في مجموعة سعد الأوسع، وليست مرتبطة بالقطاع المصرفي البحريني الأوسع الذي يواصل العمل بصورة طبيعية. وبنك «أوال» الإسلامي ومقره البحرين مملوك للملياردير السعودي معن الصانع، سواء بصورة مباشرة أو من خلال مجموعة السعد. وقال البنك المركزي إنه مستمر في المتابعة من كثب لوضع البنك وحث دائنيه على الاجتماع بأسرع ما يمكن.
ورحبت مجموعة القصيبي بخطوة السلطات البحرينية باعتبارها خطوة باتجاه حل تعثر ائتماني يتعلق بمليارات الدولارات. وقال مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه إنها تعمل منذ أشهر على حل مسائل تتعلق بإعادة هيكلة ديونها وإن وضع وحدتها المالية المؤسسة المصرفية العالمية تحت سيطرة البنك المركزي سيساعدها على ذلك. وقالت المجموعة في بيان أرسلته بالبريد الإلكتروني إنها كانت تسعى لحلول مع هؤلاء الشركاء على مدى الأشهر القليلة الماضية بشأن معالجة مسائل قائمة وإن تعيين إدارة جديدة سيخدم مصالح جميع الأطراف المعنية ويسهل التوصل إلى حل.
وفي السياق ذاته، قالت متحدثة باسم مصرف البحرين المركزي أمس إن قواعد جديدة تحد من تعرض بنوك البحرين للسوق العقارية سيبدأ العمل بها اعتبارا من الأول من أغسطس (آب) 2009.
واستثمرت البنوك في منطقة الخليج بكثافة في الأسواق العقارية خلال فترة ازدهار دامت ست سنوات لكن انفجار فقاعة سوق العقارات في دبي في أواخر العام الماضي أثار المخاوف بشأن التعرض.
وقال البنك المركزي في القواعد المنشورة على موقعه في الإنترنت إن بنوك البحرين زادت تعرضها لسوق العقارات في السنوات القليلة الماضية وأنه سيتخذ إجراءات لاحتواء هذا التعرض والتشجيع على تنويع المخاطر. وتحدد القواعد الجديدة الحد الأقصى لحصة التمويل العقاري من إجمالي التمويل الذي يقدمه البنك عند 30 في المائة. وتحد القواعد الجديدة كذلك من استثمارات البنوك في العقارات عند نسبة 40 في المائة من قاعدة رأس المال.
من جهة أخرى، أجلت المحكمة العليا في ولاية نيويورك الدعوى المدنية المقامة من «دويتشه بنك» الألماني ضد المؤسسة المصرفية الدولية التابعة لمجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه إلى الثامن من أيلول (سبتمبر) المقبل، وذلك بعدما طلب محامو المؤسسة المصرفية من قاضي المحكمة إسقاط الدعوى لعدم الاختصاص القضائي.
ويطالب «دويتشه بنك» من خلال هذه الدعوى بنحو 74.2 مليون دولار، حيث تنازع محاميا الطرفين فيما إذا كان النظر في ادعاء البنك أحقيته بهذا المبلغ فيما يتعلق باتفاق لمقايضة عملات أجنبية من اختصاص محكمة في نيويورك.
وقال «دويشته بنك» في الدعوى التي رفعها في 13 أيار (مايو) الماضي إنه أجرى عمليتي مقايضة عملات أجنبية مع المؤسسة المصرفية في السادس من نيسان (أبريل) الماضي، التزم بموجبهما «دويتشه بنك» بدفع 59.7 مليون دولار، والمجموعة المصرفية بدفع 40 مليون جنيه استرليني، حيث دفع «دويتشه بنك» المبلغ المتفق عليه للمؤسسة، التي لم تدفع له المبلغ المقابل.
وقال البنك الألماني من خلال أوراق القضية إن المؤسسة المصرفية الدولية مدينة له بمبلغ 72.4 مليون دولار، كما قدم محامي «دويتشه بنك» في 22 حزيران (يونيو) إفادة للمحكمة تبين أن وثائق خاصة في المؤسسة المصرفية أعدت استجابة لاستدعاءات قضائية، تظهر أنها تحتفظ بوجود ملموس في نيويورك وتملك حسابات لدى «إتش. إس. بي. سي» وبنوك أخرى، كذلك أشار «دويتشه بنك» إلى أنه أودع 59.7 مليون دولار في حساب لدى «إتش. إس. بي. سي» عن المعاملتين، مؤكدا أن وثائق لبنك إتش. إس. بي. سي تظهر أن المؤسسة المصرفية نفذت أكثر من 350 معاملة بقيمة إجمالية تبلغ نحو خمسة مليارات دولار في صورة عمليات إيداع وسحب.
وقال متحدث باسم مجموعة القصيبي «نرفض التعليق على تفاصيل هذه القضية نظرا لإجراءات التقاضي الجارية، لكن عائلة القصيبي لا تزال تبدي عزما قويا على العمل مع المساهمين. في هذا الصدد «الاقتصادية» بدورها حاولت الاتصال بعدد من المسؤولين في مجموعة القصيبي، بغرض التعليق على هذه القضية، لكنها لم تستطع التوصل لأي منهم.
وأوضح جلين ستيورات الرئيس التنفيذي للمؤسسة المصرفية في المنامة في وقت سابق، أن البنك لا يجري معاملات في نيويورك عدا الاحتفاظ بحسابات مصرفية في الولاية لتسهيل التعاملات بالدولار الأمريكي، حيث يوجد العملاء الرئيسيون للمؤسسة في السعودية.
وتواجه أيضا مجموعة القصيبي التي تملك حصة مسيطرة في المؤسسة المصرفية التي تتخذ من البحرين مقرا، دعوى قضائية منفصلة أمام المحكمة ذاتها رفعها بنك المشرق ومقره دبي، والتي مازالت تنظرها المحكمة العليا في نيويورك، حيث يطالب بنك المشرق المجموعة بمبلغ 150 مليون دولار، كذلك رفعت مجموعة القصيبي في وقت سابق دعوى قضائية في نيويورك ضد مجموعة سعد بسبب مخالفات قروض على المجموعة بقيمة عشرة مليارات دولار، حيث تعتبر هذه الدعوى ردا على دعوى بنك المشرق.
وكان بنك المشرق ثالث أكبر البنوك في إمارة دبي قد أعلن في وقت سابق، أنه يتفاوض مع المجموعتين بشأن إعادة القروض المقدمة لهما، ووضع البنك وفقا لحكم قضائي يده على أصول للشركتين في الولايات المتحدة ضمانا لحقوقه، كما اتخذ بنك المشرق إجراء قانونيا لحماية مصالحه بسبب مشكلات مع عملاء سعوديين لكن المبالغ المالية ذات الصلة «ليست كبيرة».
وقال حينها جون ايوسيفيديس رئيس الأنشطة المصرفية الدولية في بنك المشرق «ندرك إدراكا كاملا أن كل حالات التخلف عن السداد تدعو للقلق، لكن المبالغ ذات الصلة ليست كبيرة، كما يتضح من قوة البنك ومركزه التجاري بحسب نتائجنا للربع الأول من العام. وتخلفت المؤسسة المصرفية العالمية عن سداد ديون مستحقة لبنوك محلية ودولية، واعترفت شركة أحمد حمد القصيبي وإخوانه في وقت سابق بوجود أدلة قوية على حدوث مخالفات مالية كبيرة داخل الذراع المالية للمجموعة، التي تتعرض لمصاعب منذ انفجرت قضية تجميد حسابات رجل الأعمال السعودي الملياردير معن الصانع، والأنباء التي تحدثت عن تجميد أرصدة تملكها مجموعة القصيبي مرتبطة بالقضية.
يشار إلى أن مصرف الإمارات المركزي عقد أخيرا اجتماعا مع البنوك التجارية لتقييم المشكلات المحتملة نتيجة إقراض مجموعتي أحمد حمد القصيبي وإخوانه ومجموعة سعد، حيث يسعى البنك المركزي لوضع خطة عمل للبنوك التي يواجه بعضها خسائر محتملة بسبب إقراض المجموعتين، كما تعمل الجهات التنظيمية والبنوك على حد سواء لمواجهة تداعيات إعادة هيكلة ديون مجموعتي سعد والقصيبي بعد تخلفهما عن السداد، فيما يعتبر واحدة من كبرى الصفعات التي تعرضت لها منطقة الخليج منذ بداية الأزمة المالية العالمية. وقالت العديد من البنوك في منطقة الخليج أنها تواجه شطب ديون بسبب قروض قدمتها للمجموعتين وقدر بنك إتش. إس. بي. سي حجم تعرض البنوك السعودية وحدها للمجموعتين بما بين أربعة مليارات وسبعة مليارات دولار. وفي الإمارات قالت مصادر مصرفية أو البنوك نفسها إن خمسة بنوك على الأقل منها بنك المشرق وبنك أبوظبي الوطني وبنك أبوظبي التجاري معرضة للمجموعتين.