رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سياحة لا تجوز إلا بالخدم !! ترف أم تباه؟

مما لا شك فيه أن السياحة أصبحت نمطاً شبه ثابت في حياة المجتمع السعودي، وذلك بسبب تغير النسيج الاقتصادي والاجتماعي حتى أضحى جزءاً من جدول الأسرة السعودية السنوي. وقد كانت أنماط السياحة مقصورة على نزر يسير من المجتمع بحكم الالتزامات المالية المترتبة عليها حيث لم تكن في الأولويات غير أنه بتغير المداخيل الرأسمالية للفرد وبتغير متوسط الأعمار للمجتمع وإيمانهم بضرورة قضاء وقت الإجازة خارج أسوار البيوت داخل المملكة أو خارجها وكذلك لعوامل أخرى صارت تلك المهمة واحدا من هواجس رب الأسرة كل عام وجزءاً من وقته وميزانيته ومع هذا التفويج السنوي خصوصاً إلى خارج المملكة صارت تُنقل بعض الانطباعات عن المجتمع السعودي حيث رأت المجتمعات التي تزار ويقضى فيها وقت الإجازة بأم عينها كثيراً من الممارسات التي لا تلام تلك المجتمعات سواء الغربية أو العربية أو الإسلامية إذا ما نظروا إلى السعوديين بمثل هذه النظرة والانطباع غير الصحيح. لقد كان الغرب مثلاً في السبعينيات ونحوها ينظر إلينا كما لو كان كل منا يمتلك بئراً بترولية، وهو يقيم في خيمته. ومع التغير في التعايش وأنماطه والانفتاح الإعلامي وغيره تغيرت هذه الصورة نوعاً ما وقد ظننت أنها اختفت غير أن ما شاهدته يدلل على شيء قريب من هذه الصورة المتخلفة وذلك بسبب ممارسات بعض السياح الخليجيين وبالأخص - ما يهمني - السعوديين. إنني مع كل صباح ومساء أشهد مثل هذه الممارسات التي تغيرت في شكلها بينما لم يتغير مفهومها. أرى أسراً عدد أفراد أولادها لا يتجاوز اثنين أو ثلاثة على الأكثر في حين أن الذين يمشون خلفهم من الخدم ممن جلبهم رب الأسرة معه أكثر من أفراد الأسرة المحتاجين للخدمة، خصوصاً من الأطفال.
أنا لا أعارض أبداً من يحتاج بجد إلى جلب السائق أو عاملة المنزل مع الأسرة في إجازتها إذا كان الإنسان قادراً على ذلك ولكنها الصورة النمطية التي يرانا بها الغرب خصوصاً في الإفراط في ذلك حين يصرف على هؤلاء في أغلى المواقع سكناً ومعيشة فقط للتباهي والانسلاخ من المسؤولية عن الأولاد.
إن المفهوم في الإجازة هو قضاء وقت مريح مع الأسرة بكاملها والقرب منها في كل الأوقات، خصوصاً لأولئك الذين ينشغلون طيلة السنة في أعمالهم وترحالهم العملي وهذا ما نراه في جميع المجتمعات المتحضرة علماً بأن بمقدورهم أن يجيشوا عشرات الأشخاص لخدمتهم وخدمة ذويهم غير أنهم يكتفون بالقدر الأيسر من ذلك لإيمانهم بأن الإجازة والسياحة وقضاء وقت مع الأسرة تكتمل بكل سرور دون التباهي – أو لا أعرف السبب ربما – بجلب كل عاملات البيت والسائقين في بيوتهم الأصلية لخدمتهم .
إنني لا أحسد أو حتى أغبط مثل هؤلاء السياح الباذخين ترفاً على مثل هذه الممارسات ولكن المشكلة أن كثيرا ممن يراها خصوصاً الغربيين يظن أن مجتمعنا كله بهذه الطريقة وعلى هذا القدر من الرفاه لدرجة أن الخدم يتنقلون مع الأسرة أينما كانوا بغض النظر عن التكاليف ولا يلام من يرونا بمثل هذه الرؤية التي استبدل فيها ملكية بئر الزيت والخيمة إلى أعداد الخدم الذين ينتقلون مع الأسرة أينما كانوا.
مرة أخرى أعيد القول إن هذا ليس الكل لوجود نماذج مشرفة أينما رحلوا في سلوكياتهم وتعايشهم مع المجتمعات ونقل صورة جميلة عن مجتمع متسامح متكاتف محتشم لكن مثلما يقال «الشر يعم والخير يخص» وليت أولئك الذين للأسف عايشوا النظرة السلبية للمجتمع السعودي في السبعينيات يعوا كم هي مخجلة أن تعود هذه النظرة وبثوب أشد سواداً لوجود محاذير مدنية جديدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي