«أوبك» تتوقع متغيرات هيكلية في الصناعة النفطية وضعفا في الطلب

«أوبك» تتوقع متغيرات هيكلية في الصناعة النفطية وضعفا في الطلب
«أوبك» تتوقع متغيرات هيكلية في الصناعة النفطية وضعفا في الطلب

يشير كتاب التوقعات المستقبلية لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) حتى عام 2030 الصادر في الثامن من هذا الشهر، إلى متغيرات هيكلية تنتظر صناعة النفط العالمية وتؤثر بصورة مباشرة في الطلب، وعلى ذلك المتوقع من «أوبك» تحديدا خلال الفترة المقبلة.

فهناك الكساد العالمي وسياسات الطاقة الجديدة التي يلعب فيها عامل البيئة دورا أساسيا، وبدأ المستهلكون الرئيسون في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الاتجاه لوضعها موضع التنفيذ في شكل سياسات وإجراءات قابلة للتنفيذ.

ويرى التقرير أن انتعاش الطلب سيستغرق وقتا أطول حتى يعود إلى المعدلات التي كان عليها في العام الماضي، لأن السوق تعيش في الوقت الحالي ما يطلق عليه فترة تحطيم الطلب، ولهذا فإن الإقبال على نفط «أوبك» الذي وصل العام الماضي إلى 31 مليون برميل يوميا لن يعود إلى ذلك المستوى قبل عام 2013، فللمرة الأولى منذ مطلع ثمانينات العام الماضي يتراجع حجم الاستهلاك النفطي لعامين على التوالي.

من ناحية أخرى فإن اعتماد الولايات المتحدة قانون أمن واستغلال الطاقة وكذلك السياسات التي اعتمدتها دول الاتحاد الأوروبي الخاصة بالطاقة والتغير المناخي ستسهم بصورة مباشرة في إضعاف الطلب. ووفقا للتقرير، فإنه وحسب السيناريو الموضوع، فإن الطلب على النفط سيبلغ في عام 2030 نحو 106 ملايين برميل يوميا، أو أقل من التقديرات المستقبلية التي كان عليها العام الماضي بنحو سبعة ملايين برميل يوميا. ويعود ذلك بصورة مباشرة إلى هذه القوانين التي ستؤدي إلى خفض الطلب على النفط بأكثر من مليون برميل يوميا في دول الاتحاد الأوروبي في 2020، وبزيادة مليون برميل آخر بعد ذلك بعشر سنوات، فالاتحاد تبنى سياسة لخفض نسبة الانبعاثات الغازية بنحو 20 في المائة بحلول عام 2020.

ووفقا لهذا السيناريو فإن الإمدادات من «أوبك» للسوق سترتفع من 28 مليونا هذا العام إلى 29.3 مليون برميل العام المقبل ثم يتدرج حتى عام 2013 ليصل إلى ما كان عليه في 2008، ويعود ذلك بصورة رئيسية إلى النمو في الطلب من قبل الدول النامية تحديدا، بينما معدل النمو في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي يظل في حالة تراجع حتى العام 2030.

#2#

أما الصين فيتوقع لها أن تسجل زيادة مطردة حتى يمكن للطلب فيها أن يصل إلى 7.9 مليون برميل يوميا خلال الفترة من العام الحالي وحتى نهاية المدة الزمنية التي يتعرض لها التقرير حتى عام 2030. وعموما يمكن الإشارة إلى أن نحو 80 في المائة من حجم الزيادة المتوقعة في الطلب تنبع من الدول الآسيوية.

من ناحية أخرى يشير التقرير إلى أن التراجع الحالي في الأسعار والطلب الضعيف أديا إلى التأثير سلبيا في حجم ومناخات الاستثمار في ميدان العمليات الأمامية من استكشاف وحفر وتطوير وإنتاج. وكانت فترة الأعوام الخمسة بين 2003/2008 قد شهدت طرح عدد من المشاريع التي كانت ستضيف 14 مليون برميل جديدة يوميا إضافية من النفط الخام والسوائل، وهذه هي الفترة التي نشطت فيها عمليات الحفر للدرجة التي وصلت فيها الحفارات العام الماضي إلى 400 تعمل في مختلف الدول الأعضاء في «أوبك»، وهو أعلى رقم يتم الوصول إليه على الإطلاق.

المعلومات المتوافرة تشير إلى تأجيل 35 مشروعا كانت ستضيف خمسة ملايين برميل نفط وغاز تم تأجيل العمل فيها حتى عام 2013 على الأقل، وذلك لأن السوق أصبحت تتمتع في الوقت الحالي بطاقة إنتاجية فائضة، ونتيجة لهذا سجل حجم الاستثمارات المالية التي كانت مطلوبة على المدى المتوسط بين 2009 و2013 تراجعا من 165 مليار دولار إلى ما بين 110 و120 مليارا.

الصناعة النفطية ظلت تعاني إلى حد كبير حالة من عدم الوضوح واليقين، ثم جاءت الأزمة المالية والاقتصادية لتفاقم المشكلة، ما جعل من الضروري طرح السؤال إذا كان هذا الوضع سيدفع إلى حدوث متغيرات هيكلية في مجمل الصناعة النفطية على المدى البعيد كما حدث في فترة الكساد العظيم قبل أكثر من نصف قرن من الزمان. ولهذا وضع سيناريو أكثر تشاؤما حيث يصل حجم الطلب على نفط «أوبك» إلى 85.9 مليون برميل بنهاية العقد الثاني، أو عشرة ملايين برميل يوميا أقل من السيناريو الأول.

وهناك السيناريو الثاني الذي يتوقع وصول الطلب إلى 99.1 مليون برميل يوميا في 2020 وإلى 113،9 ملايين في 2030، وسيكون مطلوبا وقتها من «أوبك» توفير 36.6 مليون في 2020 و48.1 مليونا بعدها بعقد من السنين.

السيناريو الأقل يتطلب استثمار مبلغ 100 مليار دولار بحلول عام 2015، بينما الأعلى يتطلب استثمار 240 مليارا، لكن بحلول عام 2020 ستتسع الفجوة إلى 250 مليارا بين السيناريوهين.

مع أن فترة الكساد الحالية تعد الأعمق والأطول والأكثر انتشارا، إلا أن الدراسة تتوقع تصاعد الطلب تدريجيا، الأمر الذي يعني أن الانتعاش يحتاج إلى وقت أطول لتحقيقه.

ويرى التقرير أن العام الحالي يشكل القاعدة التي يستقر عليها وضع الطلب ليبدأ مرحلة الصعود الذي يقدر له أن يبدأ في أواخر هذا العام، ليتسارع في العام المقبل ودون تحقيق اختراقات كبيرة لأن معدلات النمو في منطقة دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي تظل ضعيفة وستتراوح في حدود 0.04 في المائة، بينما متوسط النمو في الدول النامية يتوقع له أن يكون في حدود 4.6 في المائة، الأمر الذي يضع متوسط معدل النمو الاقتصادي خلال هذه الفترة في حدود 3 في المائة، كما يعني نهاية الكساد في عام 2012. ويضيف التقرير أنه يتوقع لسعر البرميل أن يكون في حدود 70 إلى 100 دولار خلال العقد المقبل.

الأكثر قراءة