ارتياح من الأرباح وبيانات الإسكان الأمريكية تشعل فتيل المكاسب

ارتياح من الأرباح وبيانات الإسكان الأمريكية تشعل فتيل المكاسب

وصلت الأسهم الأمريكية والأوروبية هذا الأسبوع أعلى مستوياتها خلال عام 2009، في الوقت الذي ساعدت فيه مشاعر الارتياح الناتج عن أن أغلبية التقارير حول أرباح الشركات فاقت التوقعات، ساعدت على الاحتفاظ بالزخم الصاعد إلى أعلى.
والعلامات المبدئية الدالة على وجود استقرار في سوق الإسكان وسوق العمل الأمريكية أضافت إلى النزعة المتفائلة المحيطة بالموجودات الخطرة، إلى جانب تراجُع المخاوف حول إمكانية الانهيار الشامل، في الوقت الذي تمكن فيه البنك الأمريكي سي آي تي جروب CIT Group «المتخصص في قروض الشركات الصغيرة»، حتى الآن على الأقل، من تجنب الإفلاس. لكن كثيراً من المحللين بدأوا بالتساؤل حول مستوى نتائج أرباح الشركات، التي كانت الأساس الذي قام عليه الاندفاع المذهل في حركة أسعار الأسهم خلال الأسبوعين السابقين.
وقال ديفد روزنبيرج كبير الاقتصاديين والمحلل الاستراتيجي لدى مؤسسة جلاسكين شيف Gluskin Sheff «ربما تكون الأرباح أعلى من التقديرات المتدنية «عن قصد» لمعظم الشركات المدرجة في مؤشر ستاندارد آند بورز 500، ولكن ليس هناك مجال للتشكيك في الحقيقة التي تقول إننا نشهد الآن كذلك هبوطاً مستداماً في الأرباح»، «وإن ما نزال نشهده حتى الآن هو فرصة للتداول وليس تحولاً جوهرياً في الآفاق. لا بد أن نأخذ في الحسبان ماذا ستكون المخاطر حين يضيع زخم الشراء».
وأوضح ستيفن لويس وهو كبير الاقتصاديين لدى مؤسسة مونيومنت سيكيورتيز Monument Securities، أن إجماع السوق كان حتى قبل أسبوعين فقط يرى أن «البراعم الخضراء» للتعافي الاقتصادي كانت في حالة ذبول.
وقال «المشاركون في السوق كانوا غير راغبين في الإقرار بأن نتائج أرباح الشركات التي يحتفلون بها الآن إنما هي مرتبطة بالأسابيع التي كانت فيها ‘البراعم الخضراء’ في حالة تفَتُّح»، وأضاف «من الممكن أن يعني هذا أنه حتى إذا كانت أرباح الشركات، إلى حد بسيط، هي علامة على تحسن حقيقي كامن في الظروف الاقتصادية، إلا أن العوامل التي أدت في أوائل هذا الشهر بالمستثمرين إلى إعادة تقييم معقولية سيناريو «البراعم الخضراء» يفترض فيها كذلك أن تكون قد دفعتهم إلى الشك في استدامة أي موجة صاعدة في أرباح الشركات».
ولكن خلال معظم الأسبوع الماضي، كان هناك قليل من المخاوف التي من هذا القبيل، في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات الأسهم الكبيرة أرقاماً مثيرة للإعجاب. قفز مؤشر داو جونز للشركات الصناعية إلى ما فوق مستوى تسعة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ كانون الثاني (يناير)، وتمتع مؤشر ناسداك المركب بأطول فترة مكاسب منذ عام 1992، كما أن مؤشر فاينانشال تايمز 100 في لندن حقق أفضل أداء له منذ نهاية عام 2003، حيث واصل الارتفاع خلال عشر جلسات على التوالي.
وبحلول منتصف يوم الجمعة ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 3.5 في المائة على مدى الأسبوع، حيث سجل ارتفاعاً فوق الارتفاع الذي سجله في نصف الشهر السابق على النصف الحالي بنسبة 11 في المائة تقريباً. وأنهى مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا تسع جلسات من المكاسب يوم الجمعة، ولكنه ارتفع مع ذلك بنسبة 4.1 في المائة خلال الأسبوع، في حين أن مؤشر نيكاي 225 ارتفع بنسبة 5.5 في المائة. وسجلت أسهم الأسواق الناشئة أعلى إقفال لها منذ أيلول (سبتمبر) الماضي.
من جانب آخر هبط مؤشر فيكس لتقلب الأسهم الأمريكية «التي يشار إليه في الغالب على أنه «مؤشر الخوف» في وول ستريت»، هبط إلى ما دون 24، وهو أدنى مستوى له منذ الفترة السابقة على انهيار بنك ليمان براذرز في أيلول (سبتمبر) الماضي.
مزيد من الأدلة على التحسن في الأوضاع المالية جاء من التقلص الشديد في تكاليف التأمين على الائتمان والفروق في العوائد على السندات، حين تقلص مؤشر ماركِت آي تراكس أوروبا Markit iTraxx إلى ما دون 100 نقطة أساس، وهو مستوى آخر يعود إلى المستويات التي كانت سائدة قبل الفترة السابقة على انهيار بنك ليمان براذرز.
العلامات على البيئة المتحسنة للمخاطر استمرت في الظهور في أسواق العملات، وذلك من خلال هبوط الطلب على ما يعتقد أنه الملاذ الآمن للدولار والين.
وحتى الجنيه الاسترليني حقق مكاسب مقابل الدولار، على الرغم مما نشر يوم الجمعة من التقارير المخيبة للآمال حول النمو في الربع الثاني في بريطانيا.
وتقدمت السلع انسجاماً مع أسواق الأسهم، حيث قفز النفط بمقدار 6 في المائة ليصل إلى ما فوق 67 دولاراً للبرميل، وسجل النحاس مستويات جديدة من الأسعار المرتفعة خلال عام 2009، حيث تجاوز سعره 5500 دولار للطن، وحققت أسعار المواد الزراعية مكاسب كبيرة كذلك. تحرك الذهب إلى ما فوق 950 دولاراً للأونصة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1.7 في المائة.
وأكبر التحركات في أسواق السندات الحكومية في الأسبوع المضي جاءت استجابة للمضاربات حول الإستراتيجيات التي سيقررها البنكان المركزي الأمريكي والمركزي البريطاني للخروج من السياسات النقدية المتساهلة.
وحاول بن برنانكي رئيس مجلس البنك المركزي الأمريكي، تهدئة المخاوف حول قدرة البنك على رفع أسعار الفائدة الرسمية، رغم أنه أكد أن الوضع الهش للاقتصاد يعني أن أي قرار بهذا الشأن لا يزال بعيداً إلى حد ما.
بالمقابل أخفق البنك المركزي البريطاني في إعطاء طمأنات من هذا القبيل، حيث إن محضر اجتماع الجلسة الأخيرة للجنة السياسة النقدية يشير إلى أن اللجنة تعتقد أن الاقتصاد يتمتع بزخم على الأجل القصير يفوق ما كان يُظَن في السابق.
وقال سايمون هيز وهو اقتصادي لدى بنك باركليز كابيتال «لا نظن أن رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي البريطاني قريب بأي حال من الأحوال، ولكن لجنة السياسة النقدية يبدو عليها التوتر، ما يشير إلى أن بريطانيا ربما تكون مبكرة نسبياً في الخروج من حومة السياسة النقدية غير التقليدية».
وتمكنت سندات الخزانة الأمريكية من الاستقرار في أعقاب الهبوط الحاد في الأسبوع الماضي، حيث ارتفع العائد على السندات لأجل عشر سنوات بمقدار نقطتي أساس فقط ليصل إلى 3.67 في المائة، لكن العائد على سندات الخزانة البريطانية قفز بمعدل 15 نقطة أساس ليصل إلى 3.96 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات ارتفع بمقدار ثماني نقاط أساس، ليصل إلى 3.48 في المائة.

الأكثر قراءة