رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إجمالي الناتج المحلي السعودي

يعد إجمالي الناتج المحلي من المؤشرات الاقتصادية الأكثر شيوعا وشهرة في إعطاء صورة أكثر واقعية عن توقعات نمو المنظومة الاقتصادية. ويسهم ربط إجمالي الناتج المحلي مع مؤشرات معدلات التضخم، وأسعار الفائدة، والبطالة في الحصول على صورة أكثر واقعية عن النمو الاقتصادي للمنظومات الاقتصادية.تتجه أدبيات الاقتصاد الكلي إلى ثلاث آليات لقياس إجمالي الناتج المحلي: إجمالي المصروفات الموجهة للحصول على المنتجات والخدمات المتاحة للتبادل التجاري. وإجمالي الإنتاج من القطاعات الإنتاجية، كالبتروكيماويات والزراعة، المكونة للمنظومة الاقتصادية. وإجمالي العوائد من القطاعات الإنتاجية المكونة للمنظومة الاقتصادية.
تعد الآلية الأولى الأكثر شيوعا لقياس إجمالي الناتج المحلي. حيث تعرف من المنظور الرياضي على أنها حاصل جمع كل من الاستهلاك، والاستثمارات الثابتة، واستثمار المخزون، والمشتريات الحكومية، والفرق بين مجموعي الصادرات والواردات.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة على الصعيدين الدولي والمحلي لقياس إجمالي الناتج المحلي والخروج بخلاصة موضوعية عن النمو الاقتصادي، إلا أن آليات قياس إجمالي الناتج المحلي تواجه تحفظات مجموعة من الاقتصاديين حول كفاءة آليات القياس في إعطاء صورة أكثر واقعية عن النمو الاقتصادي.
من أهم هذه التحفظات أن آليات قياس الناتج المحلي تفترض أن الأفراد في الاقتصاد المحلي الواحد يتمتعون بمستوى دخل متساو. بمعنى آخر، أنه ليست هناك طبقة غنية، ومتوسطة، وفقيرة في الاقتصاد المحلي الواحد. وبالتالي، فإن مساهمة جميع أفراد الاقتصاد المحلي الواحد متساوية. تسهم هذه الفرضية في تقليل قيمة إجمالي الناتج المحلي في نهاية المطاف.
من أهم التحفظات أيضا أن آليات قياس الناتج المحلي لا تراعي استدامة عوامل النمو الاقتصادي. بمعنى آخر، أن هذه الآليات تنظر إلا جميع ما ينتجه الاقتصاد المحلي خلال العام الواحد بغض النظر عما إذا كان هذا الإنتاج هو إنتاج مستديم أو إنتاج وقتي. وبالتالي، فإن الاقتصادات التي تمر بفقاعة اقتصادية وقتية، كفقاعة الأسهم، ينعكس إنتاج هذه الفقاعة بالإيجاب على معدل إجمالي الناتج المحلي، مما سيزيد من قيمته خلال وقت الفقاعة.
أدت هذه التحفظات وغيرها إلى توصية مجموعة من الاقتصاديين باستخدام مؤشرات إضافية مع مؤشر إجمالي الناتج المحلي لإعطاء صورة أكثر واقعية عن توقعات النمو الاقتصادي. من هذه المؤشرات الإضافية مؤشر التنمية البشرية، ومؤشر الرفاهية الاقتصادية، ومؤشر مستوى المعيشة.
يقودنا هذا النقاش حول وجهات النظر المختلفة عن كفاءة إجمالي الناتج المحلي، وآليات قياسه، وتحفظات مجموعة من الاقتصاديين حولها، ومؤشراتها الإضافية إلى التقرير الإلحاقي الصادر من صندوق النقد الدولي قبل أسبوعين حول بعض المستجدات على الساحة العالمية. حمل التقرير الإلحاقي في طياته مجموعة من المبشرات حول زيادة معدل نمو الاقتصاد العالمي، مع بقاء مجموعة أخرى من التحديات.
حيث دأب صندوق النقد الدولي على إصدار تقرير سنوي مطلع كل عام ميلادي حول مرئيات الصندوق لنمو الاقتصاد العالمي. يصدر التقرير تحت عنوان ''آفاق الاقتصاد العالمي''، ويحمل في طياته رؤى تطورات الاقتصاد العالمي.
كما دأب صندوق النقد الدولي على إصدار تقرير إلحاقي لتقريره السنوي حول المستجدات التي من شأنها تعديل قراءته لنتائج تطورات الاقتصاد العالمي. يصدر التقرير الإلحاقي تحت عنوان ''مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي''.
خلص التقرير الإلحاقي إلى أن ''القوة الانكماشية ستنحسر ولكن التعافي سيكون ضعيفا''. حملت الخلاصة في طياتها مجموعة من المبشرات مع بقاء مجموعة من التحديات حول نمو الاقتصاد العالمي. من التوقعات المهمة في سياق التقرير الإلحاقي توقعات نمو إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد السعودي في عام 2010.
حيث توقع التقرير الإلحاقي أن يسجل الاقتصاد السعودي معدل نمو في إجمالي الناتج المحلي بمقدار 3.9 في المائة، مقارنة بما قد يسجله الاقتصاد السعودي في نهاية العام الحالي من تراجع في إجمالي الناتج المحلي بمقدار 0.9 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وعلى الرغم من الثقة في آليات صندوق النقد الدولي المتبعة في استخلاص التوقعات المستقبلية، إلا أنه من الأهمية الوقوف على إحصاءات الاقتصاد السعودي للوصول إلى صورة أكثر واقعية عن الواقع والمستقبل. تشير إحصاءات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية إلى إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد السعودي ومعدلات نموه خلال الـ 11 عاما الماضية. حيث سجل إجمالي الناتج المحلي في عام 1998 ما قيمته 546.648 مليون ريال سعودي.
شكل هذا الإجمالي معدل تراجع بلغ 11.53 في المائة عن عام 1997. ولعل وصول أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى قرابة العشرة دولارات للبرميل كان السبب خلف معدل الانخفاض هذا. وأقصى ما سجله إجمالي الناتج المحلي خلال الأعوام العشرة الماضية في عام 2005 عندما سجل ما قيمته 1.182.514 مليون ريال سعودي.
شكل هذا الإجمالي معدل نمو بلغ 26 في المائة عن عام 2004. ولعل نمو السوق المالية خلال تلك الفترة ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة خلف معدل النمو هذا. وبلغ معدل النمو السنوي خلال الـ 11 عاما الماضية قرابة 2.72 في المائة.
نخلص مما سبق إلى أنه وعلى الرغم مما تحمله معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي من مؤشرات حول نمو الاقتصاد السعودي، إلا أن النظر في آليات قياس إجمالي الناتج المحلي، ومن ثم ربطها بمؤشرات النمو الأخرى للوصول إلى خلاصة موضوعية عن واقع اليوم وآفاق الغد من الأهمية بمكان كونه يعطي صورة أكثر واقعية عن توقعات نمو الاقتصادي السعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي