رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


كل منا يمكن أن يكون مليونيرا .. إذا أردنا ذلك (2 من 2)

انتهينا في مقال الأسبوع الماضي إلى حالة محددة لإثبات فرضية العنوان، بعد أن أعطينا تصورا عن أنفسنا كسعوديين، وأننا في حاجة إلى أن نعمل بجد لتحقيق الطموحات الذاتية بعيدا عن كل المثبطات! ووعدنا الإخوة القراء أننا سنحاول إعطاء إجابات عن حالة محددة من خلال استعراض أمثلة لكيفية التعامل المادي معها وهي للسواد الأعظم من شبابنا!
ذكرنا في حالة الشاب أنه يصرف نحو (25 في المائة) من راتبه على الإيجار، ونحو (20 في المائة) من راتبه على مصاريفه الخاصة من فواتير وغيرها. الأمر الذي يعني أن 45 في المائة من راتبه تذهب قسرا من أصل الخمسة آلاف ريال. بالتأكيد هذا الشباب بحاجة إلى سيارة، وهو لا يملك مبلغها نقدا. إذن سيحاول الحصول عليها من خلال قرض! مما يعني أن نحو 30 في المائة من المصاريف ستضاف إلى قيمتها الحالية وبالتالي قد تصل قيمة سيارة متوسطة بالتقسيط نحو 91 ألف ريال على أقل تقدير، مقسطة على 48 شهرا، بقسط 1900 ريال شهريا! مما يعني أنه لم يتبق إلا 850 ريالا فقط من راتبه!
وعليه أيضا أن يبدأ خطط الزواج، والذي يعني مصاريف لا تقل عن 200 ألف ريال في أحسن الأحوال. وهذا يشمل المصاريف «التأسيسية»، فضلا عن المصاريف «التشغيلية» للحياة الزوجية!
كيف سيوفر هذا الشاب تلك المبالغ؟ وكما علق أحد الإخوة على المقال السابق بالقول «إني لم أخرج من بيتي وإن الشيخ سليمان الراجحي - حفظه الله - يقول إن من دخله خمسة آلاف ريال يستحق الزكاة»! كلام جميل لا اعتراض عليه. ولكن هل على هذا الشاب وغيره أن ينتظر حتى تُقر الزكاة بحقهم؟
عملياً، أنت شاب عمرك في حدود 20 ربيعاً، وسوف تعمل ـ بإذن الله ـ حتى سن الـ 60، سواء في عملك الحكومي أو كموظف في القطاع الخاص. أي أمامك 40 عاماً من الحياة النشطة. عليه يمكن تقسيم الـ 40 عاماً إلى مراحل مخططة وكل مرحلة مدتها خمسة أعوام.
ما الحلول إذن؟
الاقتراض! كيف ذلك إن لم يكن لديه فائض للتسديد! علما بأن هذا الشاب وعلى افتراض أنه قرر عدم شراء سيارة جديدة، والاكتفاء بشراء بسيارة بعشرة آلاف ريال (خردة)، واستطاع توفير نحو ألفي ريال شهرياً من راتبه، فهو بحاجة إلى عشرة سنوات كاملة حتى يستطيع توفير 240 ألف ريال للزواج ومصاريفه وإيجار شقة تناسب وضعه كمتزوج وتأثيثها!
في هذه المرحلة من عمرك عليك أن تحذر من الدخول في دوامة القروض والأقساط، فهي قاتلة في هذا المرحلة من العمر، وبالذات إن كانت لتلبية حاجات استهلاكية! ثانياً وكما قلنا في بداية الحديث إن لديك ثماني مراحل عمرية يجب التخطيط لها حتى سن الـ 60. لذا عليك حسابها بشكل دقيق. وإذا لم تكن بداية أول خمس سنوات سليمة (المرحلة الأولى)، فلن تستطيع أن تحقق شيئاً يذكر في المراحل اللاحقة، لأنك ستكون مشغولا في تصحيح أخطاء المرحلة الأولى! من تلك الأخطاء تحميل نفسك بقروض وأقساط لتسهيل متطلبات استهلاكية!
إذن تخطيط أول خمس أعوام من عمرك الوظيفي مهم جداً، ويجب أن تسير على مسارين متوازيين. المسار الأول الجانب الوظيفي، عليك أن يكون لديك طموح في أن ترتقي في العمل وأن تحقق النجاح المطلوب من خلال العمل الجاد حتى لو تطلب الأمر العمل 12 ساعة يومياً، ورفع المستوى التعليمي والعملي بشكل مستمر خصوصا أنك في بداية حياتك. ولا أنصح بالاكتفاء بالشهادة الجامعية أو الدبلوم ولكن عليك أن تسعى إلى مزيد من العلم من خلال الدورات والتدريب وإكمال الدراسات والشهادات المهنية. بهذه الطريقة سترتقي بالعمل إلى أعلى مراتب ممكنة مما يعني مركزا وظيفيا أعلى ودخلا ماديا أفضل.
المسار الثاني هو التخطيط المالي، مثلما أن الراتب محسوب عليك بدقة، مصاريفك يجب أن تحسبها بدقة أكثر، والابتعاد عن تعقيدات الاقتراض والتي تنتهي في كثير من الحالات بلعبة «تلبيس الطواقي»! التزام جديد لتسديد التزام مستحق! وهي دوامة لا تنتهي أبدا! بطبيعة الحال كل إنسان أعلم بظروفه، ولكن ولمثل حالة هذا الشاب نقول ماذا لو أنك استطعت توفير مبلغ ثابت شهرياً ولمدة خمسة أعوام من عمرك، دون التفكير في الزواج والاستمتاع بملذات الحياة بشكل مفرط، وإنما في الرفع من مستوى عملك وعلمك وكذلك دخلك المادي وأنت في مقتبل العمر. أعتقد أن ذلك سهل جداً. حيث توفر في نهاية مدة الخطة مبالغ محترمة.
يمكن تحقيق ذلك من خلال استراتيجية «التوفير والاستثمار»؟ يعني توفير مبلغ بسيط شهريا، يزيد أو ينقص حسب الظروف، وتكون في الوقت نفسه لديك برامج استثمار واضحة لتلك المبالغ المتوافرة تراكمياً في نهاية كل شهر، حيث إن هذا الاستثمار وبنهاية السنة الخامسة يكون قد حقق هدفين رئيسين: توفير مبلغ محترم مقارنة بدخلك، والاستثمار المتحقق من هذا التوفير والذي حسب اختيار نوعية الاستثمار، قد تكون أرباحه بنهاية السنة الخامسة، 300 ألف ريال، أكثر أو أقل حسب إدارة هذا الاستثمار! ولكن تذكر أن هذا الاستثمار يجب أن يكون بنسب مخاطرة صفر في المائة.
ما الاستثمار الذي يحقق مثل هذه المعادلة؟ الفكرة ليست إعطاء توصيات محددة، ولكن محاولة تقديم أمثلة بهدف فتح الأعين فقط على الفرص لا غير. واكتفي لمساحة المقال بمثالين فقط. لو أنك وفرت في نهاية كل شهر في المتوسط ألف ريال، ثم وضعت برامج لاستثمارها في سوق الأسهم كما يلي: الشراء بهدف الاستثمار. والشراء فقط على أساس «نسب نمو الشركات المستهدفة» في السنوات المقبلة. الاستثمار فقط للشركات التي أسعارها السوقية متدنية (قريبة من عشرة ريالات)، وسوق الأسهم اليوم هي فرصة لكل مستثمر طويل الأجل (ثلاثة إلى خمسة أعوام كحد أدنى). شراء سهم (هـ) قيمته عشرة ريالات اليوم، بمتوسط ألف ريال شهرياً (أكثر أو أقل)، يعني 1200 سهم في السنة، 6000 سهم في خمسة أعوام. ولو حسبناها على أساس أن متوسط تكلفة السهم عليك خلال تلك الفترة 15 إلى 20 ريالا للسهم الواحد، ووصل سعر السهم إلى 50 ريالا بنهاية السنة الخامسة، وهو أمر واقعي للشركات الجيدة خلال مدة خمسة أعوام، فأنت تتحدث عن 180 إلى 210 آلاف ريال صافي ربح، طبعاً هناك تبسيط بهدف الشرح، وإلا يمكن التحدث عن تكوين محفظة متعددة الأسهم وذات ديناميكية استثمارية خلال الأعوام الخمسة (يعني تعديل وتنويع المحفظة بين الحين والآخر)، يستطيع معها الشاب أن يرفع صافي الأرباح إلى 300 أو 400 ألف سهم بنهاية الأعوام الخمسة بكل بساطة.
المثال الثاني، يمكن من خلال متوسط ألف ريال شهرياً أيضا، أن تلتزم بشراء أرض في منطقة بعيدة نسياً ولها مستقبل جيد بالتقسيط لمده خمسة أعوام بقيمة معقولة. وعلى افتراض أن قيمة الأرض سترتفع خلال تلك المدة بمعدل 15 في المائة سنويا، الأمر الذي يعني أن هناك إمكانية أن تصل قيمة الأرض إلى نحو 180 ألف ريال في أسوا الحالات. بهذه الطريقة أنت أجبرت نفسك على التوفير والاستثمار بشكل منهجي، وبالحدود الدنيا من المخاطر التي تتناسب مع ظروفك.
هذه أمثلة فقط، ويمكن سرد الكثير منها، المهم لا تكن سلبياً في تفكيرك وأن تعلم أن هناك فرصا لمن يريد اقتناصها بدلاً من الشكوى والونين المستمر، إذا ما توافر التخطيط، فلن يضع أحد لقمة في فمك بعد اليوم! والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي