السعودية تؤكد مكانتها الريادية في سوق النفط بـ 264 مليار برميل احتياطيات
أكد الكتاب الإحصائي لعام 2008 الصادر عن منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك)، الصادر في الثامن من هذا الشهر، المكانة المحورية للسعودية في ميداني الاحتياطيات النفطية المؤكدة وكذلك حجم الإنتاج، بل وأعطي مؤشرات جيدة حول حجم النمو في إنتاج الغاز الطبيعي.
والكتاب في طبعته رقم 44 يشكل ذخيرة إحصائية جيدة تمثل مرجعا لا غنى عنه للمهتمين ومتابعي تطورات الصناعة النفطية، إذ يحتوي على معلومات حتى العام الماضي، مع سرد تاريخي يغطي الدول الأعضاء الـ 13 في المنظمة وتم تجميع المعلومات الخاصة به من عدة مصادر من الدول الأعضاء نفسها، إلى جانب ما توافر للأمانة العامة للمنظمة، وهو يوفر قوائم خاصة بمختلف جوانب الصناعة النفطية من حجم الاحتياطيات المؤكدة، إلى الإنتاج والاستهلاك مقارنة بما تشهده مختلف الأقاليم، هذا إلى جانب إحصائيات أساسية أخرى تتعلق بالسكان وحجم الصادرات والواردات والعائدات إلى غير ذلك.
وفي الفترة الزمنية التي يغطيها التقرير الأخير، وهي عشر سنوات من 1998 حتى العام الماضي، يلاحظ أنه فيما يتعلق بالاحتياطيات السعودية المؤكدة تصاعد حجمها من 254.989 مليار برميل قبل عقد من الزمان إلى ما يزيد قليلا على 264 مليارا في العام الماضي، علما أن حجم الاحتياطيات العام الماضي سجل تراجعا طفيفا عما كان عليه في العام الأسبق 2007، إذ بلغت وقتها 264.209 مليار برميل.
وهذه الأرقام تشير إلى نقطتين، أولاهما أنه وعلى غير ما كان سائدا في الماضي عندما كانت الدول الأعضاء تعطي أرقاما لا تتغير بين عام وآخر، الأمر الذي أدى إلى نشوء إحساس عام بأن الأرقام التي توفرها الدول الأعضاء إنما تنبع من حسابات سياسية لارتباطها ببعض السياسات مثل تخصيص الحصص الإنتاجية، لكن تذبذب الأرقام يؤكد حقيقة أن الكميات المستخرجة تخصم مما هو معروف من احتياطي مؤكد، ثم يأتي التصاعد مرة أخرى ليشير إلى وجود نشاط استكشافي يسهم في تحسين وضع المخزون بما تم اكتشافه من احتياطيات جديدة.
تشير الصورة العامة للاحتياطي العالمي المؤكد الذي ورد في أرقام الكتاب إلى أنه بنهاية العام الماضي بلغ الاحتياطي المؤكد عالميا أكثر من تريليون برميل، وذلك مقارنة بما يزيد قليلا على 952 مليار برميل في العام الأسبق و915.45 في 2006 و809.96 مليار في 2005، أي أن حجم الاحتياطي العالمي المؤكد في تصاعد عاما إثر عام، وهو ما يسدد ضربة إلى نظرية ذروة النفط التي شغلت الناس كثيرا وأصبحت ميدانا للكثير من النقاشات والحوارات.
وفي الوقت الذي أكدت فيه السعودية مكانتها من ناحيتي الاحتياطي المؤكد والإنتاج اليومي، فإن المرتبة الثانية احتلها العراق طوال سنوات هذا العقد وبحجم يبلغ 115 مليار برميل، وجاءت الكويت في المرتبة الثالثة باحتياطي تجاوز 101 مليار برميل ومرتفعا من 99 مليارا في 2003، ثم الإمارات باحتياطي بلغ 97.8 مليار برميل.
احتياطي النفط الإيراني ارتفع من جانبه من 130 مليار برميل في 2002 إلى 137.6 مليار في غضون ست سنوات، أي بنهاية العام الماضي. أما فنزويلا فتعتبر حالة استثنائية، إذ قفز حجم الاحتياطي المؤكد لديها مما يزيد قليلا على 99 مليار برميل في نهاية العقد الماضي إلى 172.3 مليار بنهاية العام الماضي، ومع أن الكتاب الإحصائي لا يقدم شرحا تفصيليا، إلا أن يعتقد أن إضافة حجم الاحتياطيات من الخام الثقيل أسهمت بصورة رئيسية في تحقيق هذه القفزة.
وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، الذي يعتبر مصدرا مهما سواء لمستقبل الطاقة المستهلكة داخل دول (أوبك) وخارجها، فإن إيران تتبوأ مقعد الدول الأولى داخل أوبك احتياطيا مؤكدا وإنتاجا، تليها قطر فيما يتعلق بالاحتياطيات والجزائر فيما يتعلق بالإنتاج. على أن السعودية التي تحتل المرتبة الثالثة من ناحية الاحتياطي حققت تقدما ملحوظا فيما يتعلق بحجم الاكتشافات التي تضيفها إلى ما هو مؤكد لديها، ويظهر هذا في أنها تجاوزت الإمارات التي كانت تتفوق عليها حتى عام 1997. كما أن حجم الإنتاج السعودي من الغاز الطبيعي سجل قفزات كبيرة منذ مطلع هذا العقد، فمن إنتاج 57.32 مليون متر مكعب في 2002 إلى 80.44 مليون العام الماضي، يبدو الجهد واضحا للاستفادة من هذا المادة في ميادين التصنيع، خاصة الصناعة البتروكيماوية والاستفادة من الميزة النسبية التي يوفرها اللقيم، هذا إلى جانب الاستهلاك المحلي سواء باستخدام الغاز في بعض محطات تحلية المياه أو توليد الكهرباء.
والغاز الموجود في السعودية واحد من نوعين: إما أنه ينتج مصاحبا للنفط الخام، وإما مستقلا يتم إنتاجه في حد ذاته. والأول، وهو الغالب، كان يعاني تذبذبا في حال تقلص حجم ما تنتجه السعودية إما لظروف تتعلق بالسوق وإما تقيدا ببعض قرارات (أوبك) الخاصة بتقييد الإنتاج دعما للأسعار، كما حدث عدة مرات من قبل. لكن السعودية اتجهت إلى تكثيف عمليات التنقيب والاستكشاف لاستخراج الغاز غير المصاحب حتى يمكن توسيع هامش المرونة والتحرك وتقليل التأثيرات الجانبية على الصناعة البتروكيماوية بسبب تقييد إنتاج النفط الخام. ومع أن الكتاب الإحصائي لا يعطي تفسيرات واضحة تسلط الأضواء على هذا الجانب، إلا أنه يمكن استخلاص حقيقة أن التصاعد في حجم الإنتاج يعود في جزء منه إلى نمو حجم إنتاج الغاز غير المصاحب.