تحرير التجارة العالمية مرتبط بالدعم الأمريكي للذرة والقمح وفول الصويا والأرز
دعا زعماء الاقتصادات الكبرى إلى اتفاقية عالمية جديدة للتجارة العام المقبل لكن المفاوضين في جنيف يقولون إنه لا توجد فرص تذكر للتوصل لاتفاق في جولة الدوحة إلى أن تشير الولايات المتحدة بوضوح إلى أنها جاهزة للتحرك.
والرزنامة الدبلوماسية حافلة باجتماعات لرؤساء الحكومات والوزراء الذين ستتاح لهم الفرصة لتجديد تعهدات لإبرام اتفاق عالمي للتجارة ومكافحة الإجراءات الحمائية. وفي قمتهما الأسبوع الماضي في إيطاليا وافقت الدول الغنية الأعضاء في مجموعة الثماني وأكبر الاقتصادات الصاعدة على إتمام جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية التي طال أمدها في 2010 للمساعدة في إحياء الاقتصاد العالمي.
وفي سلسلة اجتماعات في الأشهر القليلة الماضية أكد الممثل التجاري الأمريكي الجديد رون كيرك أن إدارة أوباما تريد العمل مع شركاء أمريكا التجاريين نحو اتفاق، لكن باستثناء دعوة إلى الاقتصادات الصاعدة الكبيرة مثل البرازيل والهند والصين لفتح أسواقها بشكل أكبر لم تصدر عن كيرك إشارة تذكر بشأن رؤية إدارة أوباما – التي لا تزال تجري مراجعة لسياسة التجارة- لكيفية تطور المحادثات.
وقال سفير دولة من الاقتصادات الصاعدة الرئيسة لدى منظمة التجارة «الجميع ينتظرون ليروا ماذا ستفعل الولايات المتحدة، الاعتقاد العام هو أن هذه الجولة ستبقى مجمدة ما لم تبدأ الولايات المتحدة في إذابة جليدها»، وسيجري زعماء عالميون تقييما للتقدم في محادثات الدوحة أثناء قمة لمجموعة العشرين في بيتسبرج في 24 و25 أيلول (سبتمبر).
وفي كلمة أمام عمال الصلب في بيتسبرج يوم الخميس الماضي أكد كيرك تصميم الإدارة على تطبيق الاتفاقات التجارية القائمة لحماية الوظائف الأمريكية، وخص بالذكر الحاجة إلى حماية معايير العمالة وهي مسألة حساسة مع تخوف العمال في الدول الغنية من أن مثل هذه الممارسات يمكن أن تؤثر فيهم سلبا في المنافسة في حين تخشى الدول الفقيرة أنها يمكن أن يساء استخدامها لتعزيز الإجراءات الحمائية.
ويمكن اعتبار كلمة كيرك على أنها محاول لطمأنة جمهور محلي متشكك في فوائد التجارة، وقال «من اليوم الأول ركز الرئيس أوباما على السير ببلدنا نحو الانتعاش الاقتصادي، زيادة التجارة مصحوبة بتطبيق قوي للمعايير جزء لا يتجزأ من خطتنا».
ومنذ انطلاقها في العاصمة القطرية في 2001 لمساعدة الدول الفقيرة على التعافي من خلال التجارة تعثرت جولة الدوحة عدة مرات مع تشاحن أعضاء منظمة التجارة بشان دعوات لخفض الدعم والرسوم الجمركية لتعزيز تجارة السلع الغذائية والبضائع والخدمات، لكن حدثت عودة للإرادة السياسية لإتمام الاتفاق الذي يقدر الأمين العام لمنظمة التجارة باسكال لامي أنه قد يزيد حجم الاقتصاد العالمي بمقدار 130 مليار دولار.
وبعد اجتماع فاشل للوزراء في تموز (يوليو) من العام الماضي علقت المحادثات انتظارا لانتخابات الرئاسة الأمريكية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي والانتخابات في الهند في نيسان (أبريل) وأيار (مايو). وقال وزير التجارة الهندي الجديد أناند شارما أيضا انه يريد تنشيط المحادثات وستستضيف الهند اجتماعا لوزراء أبرز القوى التجارية في الثالث والرابع من أيلول (سبتمبر) لمراجعة التقدم في محادثات الدوحة. ولا يتوقع المفاوضون أي شيء مثير من الاجتماع لكنه سيضاف إلى الضغوط الدبلوماسية من أجل اتفاق. وقال سفير دولة نامية كبيرة لدى منظمة التجارة «إنه جزء من عملية بناء إجماع حول إتمام سريع لجولة الدوحة». ومن المرجح أن يصدر مزيد من الإعلانات للإرادة السياسية عندما يجتمع وزراء تجارة الدول المطلة على المحيط الهادي في سنغافورة الأسبوع المقبل. لكن دبلوماسيين قالون إن محادثات تفصيلية للمفاوضين في جنيف هذا الأسبوع بشأن السلع الصناعية والأسبوع المقبل بشان الزراعة يبدو أنها تراوح مكانها في توضيح المواقف.
وأوضح خبراء اقتصاديون أن إحدى المشكلات أنه لا أحد يعرف قيمة محددة لاتفاق مع وجود اختلافات واسعة في التقديرات لقيمته، وبشكل أكثر تحديدا فإنه لا أحد لديه أكثر من فكرة غامضة عن كيف ستترجم العروض المختلفة والتنازلات في الممارسة العملية إلى تعريفات ودعم فعلي بالنظر إلى الإعفاءات والاستثناءات الكثيرة التي يمكن للمجموعات المختلفة للدول أن تطبقها. وذلك هو السبب في أن الولايات المتحدة تدعو الاقتصادات الصاعدة الكبيرة على وجه الخصوص إلى أن توضح بشكل محدد أي الأسواق ستفتحها؟ وبأي قدر؟ وأوضح خبراء في الزراعة كيف يمكن للحكومات أن تعيد تصنيف الدعم لإبقائه ضمن قواعد منظمة التجارة. وعلى سبيل المثال فإن الولايات المتحدة يمكنها - إذا أرادت ـ أن تتقيد بالتخفيضات المقترحة لجولة الدوحة لدعم الزراعة بخفض الدعم لمزارعي مزارع الألبان وهو ما يسمح لها بالإبقاء بشكل كامل على الدعم لسلع مثل الذرة والقمح وفول الصويا والأرز.