ليست (للسعوديين فقط)
«المشاريع التنموية الكبرى في المملكة مثل مشاريع المدن الاقتصادية ستتطلب أكثر من 10.8 مليون عامل بحلول عام 2014، ما سيوفر مزيدا من الوظائف سواء للمواطنين أو الأجانب، لكن حسب دراسة أعدتها غرفة تجارة الرياض، فإن 5.45 مليون سعودي فقط سيكونون جاهزين لشغل هذه الوظائف، بما يخلق فجوة طلب تقدر بـ 5.4 مليون أو ما نسبته 49.8 في المائة». الخبر وردني عن طريق موقع زوايا مأخوذ من جريدة وهو ما يعد مؤشراً خطيراً في المستقبل، ففي عام 2014 سنحتاج إلى ما يقارب ستة ملايين عامل أجنبي إضافية إلى السبعة ملايين الموجودين حالياً ليصل العدد خلال ما يقارب خمس سنوات فقط إلى 13 مليون عامل أجنبي.
لذلك، يجب أن نشحذ جميع إمكانات الدولة لتهيئة الجو الملائم لهذه العمالة القادمة خلال السنوات المقبلة، لنكون جاهزين لاستقبالهم أحر استقبال. وهذا سيتطلب تشكيل كثير من اللجان المعنية بهذا الأمر، لكي نفكر في كيفية توفير السكن الملائم والمواصلات الملائمة، ومدى الحاجة إلى زيادة قدراتنا الإنتاجية من المنافع العامة كالكهرباء، الماء، والصرف الصحي، وغيرها من الخدمات.
أضف إلى ذلك أننا سنحتاج إلى زيادة عدد الموظفين الذين سيقومون على خدمة هؤلاء منذ وصولهم إلى المطارات أو عن طريق المنافذ البحرية والبرية إلى إنهاء إجراءات إقامتهم في الجوازات، البلديات، والدوائر الحكومية الأخرى. كذلك، ستكون هناك حاجة إلى توفير التعليم العام لأبناء هؤلاء في حالة اصطحابهم لأبنائهم معهم وتوفير الخدمات الصحية اللازمة لهم. ويستطرد الخبر «إن السعوديين العاملين يمثلون ما نسبته 12.8 في المائة فقط من حجم العمالة في القطاع الخاص، وهذا سيجعل من الصعب على الشركات الخاصة الفوز بالعقود الحكومية بسبب القيود على توظيف العمالة الأجنبية». بالطبع لم أفهم العلاقة بين نسبة العمالة السعودية المتدنية في القطاع الخاص وبين صعوبة حصول الشركات على عقود حكومية. ولم أفهم من ذلك إلا أن محرر الخبر كان يحاول إرسال رسالة مفادها أن (السعوديين) يؤدون إلى خسارة الشركات للفرص التجارية، وبالتالي يجب القضاء على النسبة القليلة منهم في القطاع الخاص.
ثم يعاود الإشارة إلى أنه «على الرغم من تخرج الكثير من السعوديين من معاهد مهنية وتقنية، إلا أن الكثير منهم ليسوا مؤهلين للعمل في القطاع الخاص الذي يفضل العمالة من أصحاب الخبرة». وكأن كاتب الخبر مدعوماً بدراسة الغرفة التجارية يرسل حكماً أبدياً على عدم صلاحية السعوديين للعمل في القطاع الخاص، الأمر الذي يستدعي الاستعانة بالخبرات الأجنبية وعلى جميع المستويات.
ثم يشير الكاتب إلى أن «دراسة الغرفة التجارية تتوقع أن تنخفض البطالة من 10.5 في المائة عام 2008 إلى 7.1 في المائة عام 2014 .. وحسب الدراسة فإن هذه البطالة بطالة هيكلية بسبب عدم قدرة السعوديين على القيام بالأعمال التي يقوم بها نظراؤهم الأجانب». وكأن هذه الدراسة ترسم الخط الدقيق للهدف منها وهو الترويج لحاجة الاقتصاد إلى مزيد من العمالة الأجنبية بسبب عدم كفاءة السعوديين، وفي الوقت نفسه سلن يؤثر ذلك في معدلات البطالة، بل سيؤدي إلى تخفيضها. والمحصلة النهائية منحونا مزيداً من الفيز لاستقدام مزيد من العمالة.
يجب أن يكون لوزارة العمل، وزارة الثقافة والإعلام، وزارة التعليم العالي، المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، والجهات الحكومية ذات العلاقة وقفة لهذا النوع من الدراسات التي تروج لعدم كفاءة السعوديين أو عدم كفاءة مناهج التعليم المهني والجامعي في تخريج مواطنين صالحين للعمل في القطاع الخاص بهدف تحقيق مآرب لناشريها ومموليها على حساب سمعة وتماسك وتقدم الوطن. أي دراسة علمية تخرج باستنتاجات غير علمية وغير منطقية وتعممها على السعوديين كتلك الدراسة لا يجب أن تمر مرور الكرام.
يكفينا من هذه الدراسة أنها وضعت المواطن السعودي والتعليم السعودي بكل فئاته في أسفل القائمة أمام كل الأجانب الذين يقدمون إلى هذه البلاد من دول متخلفة علميا وثقافياً مقارنة بالمملكة، ومع ذلك يتبجحون بارتفاع إنتاجيتهم وتأهيلهم مقارنة بالمواطن السعودي. ومن الغريب أن تجد أن هذا التحامل على المواطن السعودي ليس في صحف أجنبية، ولكن في صحيفة سعودية تصدر داخل المملكة وتتطرق إلى دراسة تمول وتصدر من إحدى أهم الغرف التجارية في المنطقة وهي غرفة تجارة الرياض.