الاهتمام بالإضاءة الطبيعية أثناء التصميم يقلل تكاليف التكييف

تلقي عمليات الصيانة في المساجد بعبئها على القائمين بأمرها والسبب في ذلك ببساطة إصرار المسؤولين عن بناء هذه المساجد على استخدام أساليب بناء تقليدية مكلفة غير عابئين بما يترتب عليه مستقبلاً، وما يدل على ذلك عشرات المساجد التي تعاني مشكلات هندسية متصلة بأنظمة البناء أو الكهرباء أو المياه أو غيرها, واعتمادا على المعلومات التي تجمعت لي فإن تكاليف الصيانة في الكثير من المساجد تكون باهظة، حيث يعجز عن القيام بها الكثير من القائمين على أمرها، خاصة أن معظم هذه المساجد قد قام ببنائها متبرعون انتهت علاقتهم بالمسجد مع افتتاحه.

ما نريد البحث عنه هنا هو الكيفية المثلى لتخفيض تكاليف صيانة المساجد سواء أكان ذلك قبل بنائه أو بعده.

#2#
بحسب المهندس الاستشاري أيمن بن عمر آل عابد فإن هناك طريقتين لتفادي هذه الأعباء المالية التي تتراكم مع بناء هذه المساجد، أولى هذه الطرق تكون مع عمليات التصميم الأولى قبل عمليات البناء, وثانيتها وهي التي تكون بعد إنشائها.
في هذه السلسلة والتي سنبحث فيها عن هذه الجوانب سنبدأ بالحديث عن طرق تقليل تكاليف الصيانة قبل عملية البناء, وفي هذه الحلقة سنركز البحث على الأنظمة المتصلة بالكهرباء.

#الاعتبارات التصميمية

يقول آل عابد في هذا الصدد إن هناك عددا من الاعتبارات التصميمية لابد أن تؤخذ في الحسبان قبل البدء في عملية البناء, وهذه الاعتبارات من شأنها أن تساعد على تقليل صيانة المسجد فيما بعد, ومن ذلك يقول آل عابد الاهتمام بالإضاءة الطبيعية، حيث يمكن أن نقتصد في تكاليف الإنفاق على الإضاءة من خلال الفتحات المدروسة التي توضع بناء على خط مسار الشمس، حيث نستطيع توفير الإضاءة المحببة خلال ساعات النهار دون التأثير على ارتفاع درجة الحرارة على وجه المثال -يضيف آل عابد - في جدة تكون الواجهة الشرقية والغربية أكثر الواجهات التي تسطع عليها الشمس خلال فترة النهار, فعند التصميم لابد أن نضع الفتحات في الواجهات التي تسمح بدخول الضوء مثل الشمالية والشرقية إلى حد ما وتقليلها في الواجهة الغربية لأن حرارة الشمس تكون عالية ومزعجة أثناء الغروب، ويمضي قائلاً: «مثل هذه الاعتبارات تعمل على تقليل تكاليف الإنفاق على الكهرباء وبالتالي تقليل تكاليف الصيانة فيما بعد, نظرا لقلة استخدام الأدوات الكهربائية من مصابيح ومفاتيح وتسليك وخلافه».

وبحسب رأيه فإن الاهتمام بالإضاءة الطبيعية أثناء عمليات التصميم من شأنه كذلك تقليل تكاليف التكييف, وهو ما يأتي بحسب رأيه بزيادة الفتحات (النوافذ) ومراعاة أماكنها قبل التنفيذ، حيث تكون متوافقة مع اتجاه الرياح.

#الفوائد الاقتصادية والجمالية

وحتى بعيدا عن الفوائد الاقتصادية التي يمكن جنيها في هذه الحالة، فإن الاهتمام بدراسة وتهيئة أعمال الإنارة والتكييف في المساجد أثناء عملية التصميم المعماري وفقاً لآراء المتخصصين في هذا الجانب يعد عاملا جماليا كونه لا يؤدي إلى تشويه المظهر المعماري للمسجد، فالاهتمام بتوزيع مقابس الكهرباء بشكل مناسب «تعميمه على جدران المسجد» مثلاً، يساعد مستقبلاً على إضافة ما يحتاج إليه المسجد من مكيفات إضافية، أو مراوح، أو تسجيل صوتي إضافي، أو تنظيف للمسجد، دون الحاجة إلى عمل تمديدات مستقلة، أو توصيلات كهربائية، وهذا ما ينطبق، كما يؤكد المتخصصون على توزيع الصوتيات والذي يجب أن يكون بإشراف خبير في هذا الجانب «مهندس صوتيات مثلاً» قبل البدء بعمل التمديدات - أي أثناء التنفيذ - حتى لا يُضطر لعمل تمديدات خارجية قد تعطي منظرا غير مناسب للشكل الداخلي والخارجي أيضا.

هذه الآراء تنطبق كذلك على عمليات التكييف والتي يتطلب تركيبها وتحديد أماكنها وتعيين عناصرها وجود متخصص في هذا المجال وذلك منذ البدء، ويرى المهتمون في هذا المجال أن من يقوم بتحديد كل ذلك هو مهندس التكييف وليس المهندس الكهربائي، فالأول هو من يعرف بصورة دقيقة كل التفاصيل الخاصة بالتمديدات الكهربائية للتكييف، وكذلك أماكن وضعها وطريقة توزيعها بشكل مناسب يقلل من عددها وتكاليف صيانتها فيما بعد، فمهندس التكييف هو الوحيد الذي يستطيع ومن خلال عمليات حسابية معينة معرفة عدد المكيفات التي يحتاج إليها المسجد وكذلك أحجامها وأنواعها.

#التركيز على جودة المواد

وفي هذا الإطار يشدد آل عابد على ضرورة الاهتمام باختيار المواد والتركيز على الجودة، ويقول إن ذلك ينعكس على تكاليف الصيانة وقبل ذلك على تكاليف التشغيل.
وفي السياق نفسه يشدد عدد من المختصين في هذا المجال على ضرورة اختيار وحدات الإضاءة المتاحة والحرص عند تصميم الإضاءة على ما هو متاح، ومتداول في الأسواق، خاصة مع إصرار الكثيرين على اختيار وحدات الإضاءة النادرة والتي يصعب الحصول عليها في السوق حين الحاجة إليها فيما بعد أو عند عمليات الصيانة وذلك بسبب الندرة أو بسبب غلاء أسعارها، إذ إن تركيب الوحدات المتعارف عليها يسهل عمليات التبديل دون اللجوء إلى تغيير قواعدها المركبة والتي تعمل على زيادة التكاليف.

بشكل عام ينادي من أخذنا برأيهم في هذا المجال بضرورة العمل منذ البدء بشكل مدروس مع تخصيص مراحل العمل والبعد عن العشوائية والتي من شأنها زيادة تكاليف البناء ومن ثم الصيانة فيما بعد.