رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المعرفة والإدراك نقطة انطلاق لصناعة تأمين سعودية

نحتاج عند الحديث عن التأمين معرفة بديهيات التأمين على اعتبار أن صناعة التأمين في المملكة هي صناعة ناشئة ولا توجد لها قاعدة معرفية داعمة سواء بين أوساط المهتمين أو المعنيين أو حتى العاملين بالتأمين. ولذلك فأي معلومة تبدو عادية وبسيطة في المجتمعات التي ترسخت فيها صناعة التأمين فإنها تبدو لدينا عكس ذلك تماماً.
والحديث يطول عن أسباب هذا القصور المعرفي، وعموماً فهذه الأسباب تعود بمجملها إلى حداثة تجربة تأمين الأفراد في المملكة، وكذا الإشكالات الشرعية التي تحيط بالتأمين، والثقافة المتجذرة لدى المجتمع والمتعلقة بكيفية التعامل مع المخاطر في المستقبل، وكذلك مدى توافر أدوات أو وسائل المعرفة التأمينية في المملكة البعيدة عن الأغراض التجارية أو سياسة التسويق التي تقوم بها شركات التأمين، هذا إضافة إلى الخصوصية التي يتميز بها علم التأمين وبمختلف جوانبه الفنية والقانونية والتي تتطلب معرفة خاصة بالقواعد والأعراف التي تحكم علم التأمين وصناعته.
ومع ذلك فإن البحث الصحيح في أساسيات أو مكونات هذه المعرفة لا بد أن ينطلق من القواعد الفنية والموضوعية والمجردة التي تحكم علم أو صناعة التأمين بعيداً عن الأحكام أو التصورات المسبقة والتي قد تمثل حاجزاً يمنع من التعرف بموضوعية على التأمين وطرح كافة جوانبه. فالقنوات التي نستقي منها معلومتنا عن التأمين ونكوّن من خلالها معرفتنا به يجب أن تُؤسس على الوسائل الصحيحة والفعالة وهي متنوعة ومتعددة وكثيرة أيضاً.ثم بعد ذلك لا ينبغي إغفال ما نرى أنه لازم للتعامل مع هذه المعرفة الكاملة والصحيحة من حيث إسقاط الحكم الشرعي الصحيح عليها بعيداً عن الأحكام المسبقة والمتسرعة كما ذكرت. وهذا لا ينطبق فقط على المسائل الشرعية ولكنه ينسحب بنفس القدر من الأهمية أيضاً على الأنظمة التي تصدر بهدف تنظيم صناعة التأمين في السعودية.
فالتساؤل هو نفسه الذي أطرحه بخصوص ما يمكن أن أسميه مجازاً بفن الصياغة النظامية المهنية وأقصد تحديداً صياغة الأنظمة المتعلقة بالتأمين في المملكة، فهل هذه الأنظمة مبنية على معرفة سليمة بعلم التأمين وصناعته أم أنها مجرد اجتهادات أو توقعات لأحكام بعيدة كل البعد عن واقع التأمين وصناعته؟ أو أنها لا تفي بأقل القليل من حاجتنا إلى وجود أنظمة مهنية وفعالة قادرة على الرقي بالتأمين وصناعته؟ بل وقادرة حتى على التأطير لصناعة تأمين محلية تستطيع استيعاب المتطلبات الشرعية المبنية على الفهم الصحيح للتأمين.
إن صناعة التأمين لدينا لن تكون بالمستوى المأمول منها ما لم تتحقق هذه المعادلة أو ذلك الانسجام المبني على وجود علم شرعي صحيح قائم على فهم الأشياء بفنياتها وحقائقها المجردة ثم وجود أنظمة قائمة تتقاسم أيضاً هذا الفهم العلمي الصحيح للتأمين وبعد ذلك تستطيع فهم واستيعاب الأحكام الشرعية الواقعية والصحيحة والقابلة للتطبيق ووضعها في قوالب ونصوص نظامية حتى تتحول إلى نصوص مقروءة ومقننة. وكي يتحقق هذا الامر فلا بد من وجود برنامج معرفي متكامل في التأمين يتضمن التعريف الصحيح بصناعة التأمين من مختلف جوانبه نظرياً وتطبيقياً ثم يتم استعراض الفتاوى المعتمدة والتي صدرت من جهات موثوقة ومعرفة مدى توافقها مع حقيقة التأمين واستيعابها وإدراكها له الإدراك الصحيح ثم بعد ذلك يكون دور الأنظمة بحيث تعكس هذه الأخيرة مكونات هذه المعرفة بشكل دقيق ومتكامل.
نعم ينبغي لا تظل هذه الفجوة موجودة وأن تغض الأنظمة القائمة النظر عن الجوانب الموضوعية وتتركها دون تنظيم فهذه الجوانب الموضوعية هي التي تتكون منها المعرفة التأمينية الصحيحة ومن خلالها أيضاً يتم استيعاب الجوانب الشرعية التي ستكون بحول الله نقطة انطلاق مهمة لصناعة تأمين سعودية خلاقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي