رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل يُكتَب البقاء للتحالف بين أمريكا واليابان؟

يوافق العام المقبل مرور 50 عاماً منذ التوقيع على المعاهدة الأمنية بين الولايات المتحدة واليابان، التي تُـعَد السمة الأساسية للاستقرار في شرق آسيا طيلة نصف قرن من الزمان. ولكن الآن وبينما يعيش اليابانيون فترة من انعدام اليقين السياسي في الداخل، وفي ظل المخاوف المتزايدة نتيجة للاختبارات النووية والصواريخ التي تطلقها كوريا الشمالية، فهل تعمد اليابان إلى التراجع عن قرارها الذي التزمت به مدة طويلة بعدم السعي إلى امتلاك قوة ردع نووية وطنية؟ وهل يشارف التحالف بين الولايات المتحدة واليابان على نهايته؟
في أوائل التسعينيات كان عديد من الأمريكيين يرون أن اليابان تشكل تهديداً اقتصادياً. وكان بعض الناس في كل من البلدين - ينظرون إلى التحالف الأمني باعتباره من بقايا الحرب الباردة التي يجب نبذها.
غير أن هذه الميول اتخذت اتجاهاً عكسياً بفضل ''التقرير الاستراتيجي لشرق آسيا'' الذي أصدرته إدارة كلينتون في عام 1995. وفي عام 1996 نص إعلان كلينتون – هاشيموتو على أن التحالف الأمني بين الولايات المتحدة واليابان يشكل أساساً للاستقرار الذي من شأنه أن يسمح بالرخاء المتنامي في شرق آسيا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. ولقد استمر ذلك التوجه بدعم من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، وأظهرت استطلاعات الرأي أنه يحظى بقبول واسع النطاق في اليابان. ويتفق أغلب المراقبين القريبين من العلاقة بين البلدين على أن التحالف بين الولايات المتحدة واليابان بات اليوم في حالة أفضل كثيراً مقارنة بما كانت عليه الحال منذ 15 عاماً.
ومع ذلك فإن التحالف يواجه ثلاثة تحديات رئيسة في بيئة خارجية جديدة. الأول يتمثل في كوريا الشمالية، التي كان سلوكها بارعاً ومخادعاً في الآونة الأخيرة. فقد انتهكت كوريا الشمالية اتفاقاتها، مع علمها بأن الصين، وهي الدولة ذات النفوذ المحتمل الأعظم عليها، منشغلة أعظم الانشغال باحتمالات انهيار النظام في كوريا الشمالية، وبالتالي التهديد بانتشار الفوضى على حدودها.
إن اليابان تؤيد رسمياً هدف إخلاء العالم من الأسلحة النووية، ولكنها تعتمد على الردع النووي الممتد الذي توفره الولايات المتحدة، وترغب في تجنب الخضوع للابتزاز النووي من جانب كوريا الشمالية (أو الصين). ويخشى اليابانيون أن تتعرض قوة الردع الأمريكية للضعف إذا ما قررت الولايات المتحدة تقليص قوتها النووية بحيث تتعادل مع الصين.
ولكن من الخطأ أن نتصور أن الردع النووي الممتد يعتمد على التعادل في عدد الأسلحة النووية. فهو يعتمد في الحقيقة على تركيبة تتألف من القدرة والمصداقية. فأثناء فترة الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة قادرة على الدفاع عن برلين لأن وعدنا بالالتزام بالدفاع عنها اكتسب المصداقية بفضل وجود قوات حلف شمال الأطلنطي والقوات الأمريكية، التي كانت أرواح أفرادها ستصبح على المحك في حال وقوع هجوم سوفياتي.
والحقيقة أن أفضل ضمانة لامتداد الردع النووي الأمريكي إلى اليابان تظل متمثلة في وجود ما يقرب من 50 ألف جندي أمريكي (الذين تساعد اليابان في الإنفاق عليهم بسخاء) على أراضيها. وتتعزز المصداقية أيضاً بفضل المشاريع المشتركة مثل مشروع تطوير الدفاع الصاروخي الإقليمي.
وعلى القدر نفسه من الأهمية، تأتي التحركات الأمريكية التي تؤكد على الأولوية التي تمنحها الولايات المتحدة لهذا التحالف، والضمانات التي تقدمها بعدم الانخراط فيما تخشى اليابان أن يشكل ''تجاوزاً لليابان'' في العلاقات الأمريكية مع آسيا. ولهذا السبب كان من الأهمية بمكان أن تكون أول زيارة تقوم بها وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون إلى آسيا، إلى اليابان. ومن الخطأ للسبب نفسه أن نتحدث عن تشكيل مجموعة رسمية تضم الولايات المتحدة والصين فقط بدلاً من التحدث عن سبل التعاون المتعددة الأطراف.
ويتلخص التحدي الثاني الذي تواجهه اليابان في النهضة الهائلة التي شهدها اقتصاد الصين. فرغم أنها تشكل شريكاً مهماً لليابان، إلا أن القوة المتنامية للصين تجعل اليابان في غاية التوتر والعصبية. عند إعادة التفاوض على التحالف الأمني بين الولايات المتحدة واليابان في التسعينيات، كان قادة اليابان في بعض الأحيان يسألونني في لقاءات خاصة عما إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم التخلي عن اليابان لصالح الصين.
وكنت أجيبهم آنذاك (واليوم) بأن احتمالات مثل هذا التحول الشديد ضئيلة للغاية، وذلك لسببين. الأول أن الصين تشكل تهديداً محتملاً، في حين لا يصدق هذا القول على اليابان. والثاني أن الولايات المتحدة تشترك مع اليابان في قيم الديمقراطية، في حين أن الصين ليست ديمقراطية.
فضلاً عن ذلك فإن التطور الداخلي للصين يظل غير مؤكد. فرغم أن الصين أصبحت أكثر تحرراً اليوم مقارنة بأي وقت مضى في تاريخها، إلا أن التطور السياسي للصين تخلف كثيراً عن تقدمها الاقتصادي. وعلى النقيض من الهند فإن الصين لم تنجح بعد في حل مشكلة المشاركة السياسية. ويظل بعض الخطر قائماً دوماً في تبني الصين النزعة القومية سعياً إلى درء المشكلات الداخلية.
وفي الوقت نفسه فمن مصلحة الولايات المتحدة واليابان والصين أن تكون نهضة الصين سلمية ومتناغمة (على حد تعبير قادة الصين). إن من يتعامل مع الصين كعدو يضمن عداوتها. وعلى هذا فإن اعتماد استراتيجية التكامل، إلى جانب التصدي لحالة عدم اليقين، يشكلان سلوكاً منطقياً بالنسبة لكل من الولايات المتحدة واليابان. وهناك في الواقع أرضية قوية للتعاون بين الولايات المتحدة واليابان والصين في مجالات التعاون الثلاثي وغير ذلك من مشاريع التعاون الإقليمي.
ثالثاً، سيضطر التحالف بين الولايات المتحدة واليابان إلى مواجهة مجموعة جديدة من التحديات العابرة للحدود الوطنية التي تهدد مصالحنا الحيوية، مثل الأوبئة، وخطر الإرهاب، وتدفقات الهجرة البشرية من البلدان الفاشلة. ومن بين أهم هذه التحديات ذلك التهديد الذي يفرضه الانحباس الحراري العالمي، حيث تجاوزت الصين الولايات المتحدة الآن باعتبارها أضخم منتج لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (ولو لم يكن ذلك صحيحاً بالقياس على نصيب الفرد في هذه الانبعاثات).
من حسن الحظ أن هذه المنطقة بالذات تلعب لصالح تعزيز قوة اليابان. فرغم تذمر بعض اليابانيين بشأن الطبيعة غير المتكافئة للعناصر الأمنية التي يتألف منها التحالف، نظراً للقيود التي تقبلتها اليابان على استخدام القوة، إلا أن اليابان في هذه المناطق الجديدة تشكل شريكاً أعظم قوة. إن مساعدات التنمية الخارجية التي تقدمها اليابان في أماكن مثل إفريقيا أو أفغانستان، ومشاركاتها في مشاريع الصحة العالمية، ودعمها للأمم المتحدة، ومشاركاتها البحرية في عمليات مكافحة القرصنة، ومشاريعها البحثية والتطويرية في مجالات كفاءة الطاقة، تضعها في الطليعة حين نتحدث عن التحديات الجديدة العابرة للحدود الوطنية.
ونظراً للأجندة العالمية اليوم، فقد أصبحت احتمالات الشراكة المتكافئة هائلة، في العمل مع الآخرين على توفير المنافع العامة العالمية التي ستستفيد منها الولايات المتحدة واليابان وبقية العالم. ولهذا السبب أظل محتفظاً بتفاؤلي بشأن مستقبل التحالف بين الولايات المتحدة واليابان.

خاص بـ «الاقتصادية»
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2009.
www.project-syndicate.org

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي