المستثمرون يبتعدون عن الموجودات الخطرة في بورصات العالم
الشهية نحو المخاطر شهدت تدهوراً ملحوظاً خلال الأسبوع الماضي في أسواق المال العالمية، حيث إنه مع بداية موسم أرباح الشركات الأمريكية تعمق الإحساس المتزايد بالقلق والتوتر من آفاق الاقتصاد العالمي. وقال ثيموس فيوتاكيس، وهو محلل لدى بنك جولدمان ساكس: "حتى الأسبوع الماضي كانت السوق تحتسب في الأسعار إمكانية التعافي السريع على نحو أسرع مما كنا نظن أنه يمكن أن يتم على نحو واقعي".
و"على مدى الأسبوع الماضي بدأت السوق بالشعور بالقلق حول استدامة مسار التعافي الذي كانت تحتسب الأسعار بناء عليه".
وسجلت الأسهم والسلع وعملات الأسواق الناشئة تراجعاً واسعاً، في الوقت الذي اختار فيه المستثمرون المتوترون الذهاب إلى الملاذ الآمن الذي يرونه في السندات الحكومية والدولار، وفي الين على وجه الخصوص.
وجاء مزيد من مشاعر اللبس حين فاجأ البنكُ المركزي البريطاني الأسواقَ بأن أخفق في تمديد برنامجه لشراء الموجودات، ما أشعل مشاعر القلق والتوتر حول مسار السياسة المالية لبريطانيا.
لكن هوارد آرتشر، كبير الاقتصاديين لمنطقة بريطانيا وأوروبا في مؤسسة آي إتش إس جلوبال إنسايت IHS Global Insight، قال إنه يشك في أن المركزي البريطاني يريد أن يُنهِي البرنامج. وقال: "على الرغم من البيانات الجيدة بصورة عامة خلال الفترة الأخيرة، إلا أنه تظل هناك عقبات خطيرة من الناحيتين الاقتصادية والمالية أمام أي نمو مستدام على الأجل القريب".
البيانات الاقتصادية العالمية الصادرة هذا الأسبوع لم تُعطِ إلا طمأنة يسيرة للمستثمرين في أعقاب التقرير الكئيب الذي صدر في 2 تموز (يوليو) حول عدد الموظفين الذين تم تسريحهم في القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة.
واضطربت الأسواق اليابانية بفعل الأنباء التي تحدثت عن التراجع للشهر الثالث على التوالي في الطلبات المحلية على الآليات.
وفي الولايات المتحدة كان من شأن الاستبيان الذي تجريه جامعة ميشيجان حول المزاج العام للمستهلكين أن انضم إلى سلسلة المؤشرات الأخرى التي تشير إلى تراجع واسع في الثقة في الوقت الذي دخل فيه العام في ربعه الثالث منذ فترة.
وقد استمرت المشاعر المتشائمة على الرغم من الحديث عن صفقة ثانية للتحفيز الاقتصادي في الولايات المتحدة، والتعليقات الحذرة حول آفاق الاقتصاد العالمي من صندوق النقد الدولي، ومن اجتماع مجموعة الثماني في إيطاليا.
لكن كانت هناك أنباء لا بأس بها من أوروبا فالطلبات الجديدة وأرقام الناتج الصناعي في ألمانيا أشارت إلى أن منطقة اليورو ربما تتمكن من الصمود على نحو يخالف ما كان يخشاه كثير من المراقبين.
وجادل بنك باركليز كابيتال بأن البيانات الاقتصادية الأخيرة كانت إيجابية، وكان يبدو أنها تساند التوقعات بالنمو الإيجابي خلال الربع الثالث من العام في معظم الاقتصادات الكبيرة.
وقال سايمون هايز، الاقتصادي لدى بنك باركليز: "على الرغم من مشاعر التشاؤم لدى المستثمرين حول صمود التعافي، فإن مؤشرات الثقة في الأعمال لا تزال في حالة تحسن".
وقال: "مؤشر الثقة العالمية الذي يصدره البنك ارتفع أكثر من ذي قبل في حزيران (يونيو)، حيث وصل إلى أعلى مستوى له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2008. إذا استمرت الأمور على هذا النحو، فإن هذا يشير إلى أن التعافي في النشاط العالمي يمكن أن يكون أقوى من توقعاتنا".
لكن كان يبدو أن الأسواق لها وجهة نظر ليست على هذا القدر من التفاؤل فقد تراجعت الأسهم في جميع القطاعات والأسواق، حيث عانت أسهم الأسواق الناشئة بعض حالات الهبوط السيئة للغاية. في الهند هوت أسواق الأسهم بنسبة 9.4 في المائة على مدى الأسبوع، وهو أسوأ أداء خلال أكثر من ثمانية أشهر، في حين أن مؤشر مايسيكس في روسيا هوى بنسبة 11 في المائة ليصل إلى مستوى قريب من أدنى نقطة له من نيسان (أبريل). لكن الأسهم الصينية تمكنت من تحقيق زيادة بمقدار 0.8 في المائة. وكذلك عانت أسواق الأسهم في البلدان المتقدمة خسائر ضخمة.
وفي اليابان هبط مؤشر نيكاي 225 بمقدار 5.4 في المائة، حيث عانى خسائر على مدى ثمانية أيام متتالية، وهو أسوأ مسار له منذ كانون الثاني (يناير)، في حين أن مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا هبط بنسبة 3.4 في المائة، حيث سجل تراجعاً للأسبوع الرابع على التوالي. وفي نيويورك سجل مؤشر ستاندارد أند بورز 500 خسارة أسبوعية بنسبة 1.9 في المائة.
وقال مارك كليف، وهو الرئيس العالمي للأسواق المالية في مؤسسة آي إن جي: "الاندفاع القوي في مشاعر الارتياح في أسواق الأسهم العامة يبدو أنه يمر الآن في حالة تراجع".
وقال: "هناك شعور عام يستولي على الناس بأن التحسن في اقتصادات البلدان المتقدمة ربما لا يزيد على كونه نهاية فترة شرسة من النزيف في أسعار الأسهم".
كذلك عانت أسواق السلع بالمثل تراجعا حادا، وخصوصاً في سعر النفط، الذي هبط بنسبة 11 في المائة ليصل تداوله إلى معدلات دون مستوى 60 دولاراً للبرميل، وذلك للمرة الأولى خلال شهرين، على اعتبار أن بيانات المخزون النفطي في الولايات المتحدة ساندت المخاوف من تراجع الطلب. كذلك تضرر المزاج العام بفعل المخاوف من أن الأجهزة التنظيمية والرقابية ستشدد قبضتها على المضاربين في أسعار الطاقة.
واستمر الذهب في التراجع إلى ما دون مستوى 900 دولار للأونصة، حيث هبط بنسبة 2.3 في المائة. وعانت عملات الأسواق الناشئة أسبوعا صعبا، خصوصاً الراند، وهو عملة جنوب إفريقيا، والريال البرازيلي، حيث إن العزوف عن المخاطر دفع بالمستثمرين نحو الملاذ الآمن للين.
ولامس الين أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر في مقابل الدولار، وأعلى مستوى له منذ سبعة أسابيع مقابل اليورو. الشعور بان الدولار يشكل ملاذاً آمناً دفع بسعره إلى أعلى في مقابل اليورو والجنيه الاسترليني.
وكان هناك طلب قوي على السندات الحكومية الأمريكية على الرغم من موجة هائلة أخرى من العرض في السوق. هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 21 نقطة أساس ليصل إلى 3.29 في المائة. في أوروبا هبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات بنسبة ثماني نقاط أساس ليصل إلى 3.26 في المائة. والعائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات أقفل هذا الأسبوع دون تغير حيث بقي عند 3.74 في المائة.