فلسفة عبد السلام!
يقول في رسالته التي صافحت بريدي الإلكتروني: نحن كأفراد لا نشبه أنفسنا، لنا أكثر من صورة، واحدة نستخدمها للأصحاب، وأخرى للأغراب، وثالثة للأسرة، ورابعة للشلة، وخامسة للمكتب وزملاء العمل. هذا التعدد في الصور يجعل الإنسان عندنا يتقنع بأكثر من قناع، فلا يكاد هو نفسه يعرف نفسه ولا يكاد يعرف صورته بين هؤلاء: هل هو الرجل الطيب؟ أم أنه الشرير؟
أعطاني القارئ عبد السلام فرصة للتأمل، واختتم رسالته بالقول: كثيرون يتحدثون عن النفاق، لكنهم في الغالب يحصرونه في مفهومه الديني، بينما نحن في ممارساتنا اليومية نغوص في نفاق حتى لأنفسنا.
الحوار مع قارئ مثل عبد السلام، هو رياضة فكرية، ولهذا فقد شكرته بريديا على رسالته، وأبديت إعجابي بالنسيج الذي قدمه لبنية «بعض» الأفراد لدينا، و»بعض» هذه من عندي، فعبد السلام يتكلم بالعموم، ويرى أننا أكثر ناس نتخفى ونتخوف. وهو يقول أيضا إننا نحفظ أن «الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس»، ومع ذلك فما أكثر الأمور التي نكره أن يطلع الناس عليها، والقليل الذي نسمح للناس بشكل عام بالتعرف عليه غالبا ما يكون ناقصا ومبتورا. ويرى أن الشيء الذي يجيده الناس لدينا هو الانتقاد، وهم أحيانا ينتقدون ممارسات لآخرين، لكنهم يفعلون الشيء الذي ينتقدونه، وبعضهم يحتال نفسيا على عقله الباطن فيبيح ما يراه حراما على سواه.
عبد السلام تخرج في الجامعة، وهو حاليا متفرغ لتقليب الصحف على الإنترنت ومراسلة الكتاب والصحافيين وبعض الشركات لتأمين وظيفة تليق به على حد قوله. وقد أرسلت إليه رسالة قلت له فيها «هناك وظيفة في انتظارك» لكنه لم يرد على الرسالة!