اقتصادي: حكومات دول الخليج نجحت في إدارة الأزمة المالية بهدوء
أعرب خبير اقتصادي متخصص في إدارة الأصول عن تفاؤله بمستقبل اقتصاد المنطقة والأسواق الناشئة، بعد أن تمكنت من تجاوز المرحلة الأسوأ من الأزمة، مؤكدا أن أزمة الائتمان العالمية التي تعيق تعافي الاقتصاد العالمي تبدو أقل حدة في الاقتصادات النامية، إذ لم تعان اقتصادات الدول الناشئة من إفراط في منح القروض كما الحال في الدول المتقدمة، مشيرا إلى أن معظم حكومات المنطقة نجحت في إدارة الأزمة بهدوء، بعد أن تفهمت خطورة هذه الأزمة وتدخلت بفعالية لإعادة الهدوء إلى الأسواق.
وأوضح زياد مكاوي الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة الجبرا كابيتال، المتخصصة في مجال إدارة الأصول، أن الأنظمة المصرفية في معظم الأسواق الناشئة، باستثناء تلك الواقعة في أوروبا الوسطى والشرقية، لم تعان مشكلات في النظام المصرفي كما الحال لدى المصارف الأمريكية والأوروبية الغربية، حيث تتميز البنوك في معظم الأسواق الناشئة وبشكل خاص في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بتوافر الموارد الكافية لتغطية تأثيرات أي مشكلة يمكن أن تبرز، وقد تم استخدام هذه الموارد بحرص للتكيف مع الأزمة وإدارتها بنجاح.
أما بالنسبة للاقتصادات المرتبطة بالدولار، سواءً من حيث الأصول أو المدخرات أو العملة، فستواجه تحديات على المدى المتوسط، حيث ستلجأ السلطات النقدية الأمريكية إلى طباعة نقود لإعادة إغراق الاقتصاد بالسيولة وشراء الديون المتراكمة في مختلف القطاعات الاقتصادية، ما يضاعف من مخاطر التضخم على المدى المتوسط، وهذا ما يستدعي الحرص والتخطيط بحذر. وقد لاحظنا خلال قمة الدول الأربع الناشئة الكبرى الـ (بريك) «البرازيل، روسيا، الهند، الصين» التي عُقدت في روسيا الشهر الحالي جهودا ونقاشات تركزت على ضرورة حماية المدخرات عبر اللجوء إلى تنويع العملات.
وأضاف مكاوي أن معظم حكومات المنطقة نجحت في إدارة الأزمة بهدوء، بعد أن تفهمت خطورة هذه الأزمة وتدخلت بفعالية لإعادة الهدوء إلى الأسواق، وقد تم تحديد مواطن الضعف في أسواق المنطقة، ولاسيما انعدام الشفافية والافتقار لقوانين إفلاس الشركات، وستتم معالجة هذه النقاط في المستقبل القريب. وتمت المحافظة على معدلات الإنفاق العام التي بلغت مستويات قياسية قبل الأزمة لمواصلة بناء البنى التحتية اللازمة، ويمكن لعجز الموازنة أن يبقى في أدنى مستوياته عند تجاوز أسعار النفط 50 دولارا للبرميل، أما عند تجاوز السعر مستوى 70 دولارا للبرميل فسنشهد مرة أخرى فائضا في الميزانية.
وأعرب مكاوي عن تفاؤله بقدرة اقتصادات المنطقة على التعافي، مؤكدا أن المرحلة الأسوأ من الأزمة قد باتت وراءنا، بيد أننا قد نشهد بعض الضغوط والتذبذب في أسعار الأصول في مختلف الأسواق العالمية التي كنا على صلة معها خلال الأزمة.
ولفت إلى أن قطاع إدارة الأصول الناشئ في المنطقة سيواصل الازدهار والتطور مع زيادة وعي المستثمرين الأفراد والشركات بأهمية تفويض متخصصين لإدارة صناديقهم ومدخراتهم مع تجدد شهيتهم للإقدام على الاستثمار، ومع عودة شركات الاستثمار الدولية للأسواق الناشئة، ستنجح أسواق المنطقة في استقطاب العديد من هذه الصناديق القادمة لما تتميز به من نمو اقتصادي قوي، وعائدات إيجابية، وانخفاض في معدلات التضخم، وستثبت أسواق الصكوك والسندات جاذبيتها كفئة أصول معتدلة المخاطر.
وعبر مكاوي عن اعتقاده بأن التحديات ستتواصل خلال عام 2009 بسبب عدم استعادة الاقتصاد الثقة اللازمة بقدرة النظام المصرفي على معاودة الإقراض بشكله السابق، لكن إذا ما أخذنا موجة الصعود الأخيرة في السوق كمؤشر على أداء الشركات المستقبلية، فإننا نلاحظ تحسنا ملحوظا في ثقة المستثمرين بالقياس إلى النمط السابق الذي أدى إلى قيامهم بإيداعات بقيمة ثلاثة تريليونات دولار في صناديق الأسواق قصيرة الأجل في الولايات المتحدة لوحدها في بداية العام. واليوم نرى بعض هذه الصناديق وقد باشرت مجددا في تحويل بعض هذه الإيداعات إلى أدوات مالية أكثر مجازفة وأطول أجلا من قبيل الاستثمار في السندات وصناديق الأسهم الخاصة، وهي في طريقها إلى الأسواق الناشئة مما يمنح هذه الأسواق زخما إيجابيا تبدو أسواقنا في أمس الحاجة إليه.