هل هناك أزمة ائتمان؟
بعد بدء العمل أخيراً بالسوق الثانوية للصكوك والسندات ضمن إطار السوق المالية السعودية، كان من الطبيعي (و حتى وقت قريب) أن يتم تنفيذ جميع الصفقات بعلاوة تزيد على القيمة الاسمية لهذه الصكوك، والسبب في ذلك يعود إلى أن آلية التسعير كانت تتضمن هوامش ائتمان تراوح ما بين 38 و45 نقطة أساس أعلى من سعر السايبور الذي يمثل تكلفة الإقراض فيما بين المصارف العاملة في المملكة بالريال السعودي.
لكن أثناء عملية الاكتتاب على الإصدار الثاني لصكوك شركة الكهرباء (و التي تم الانتهاء منها يوم الأحد الماضي)، تبين أن هوامش الائتمان ارتفعت بشكل كبير من 45 نقطة أساس في الإصدار الأول للشركة إلى 160 نقطة أساس على الرغم من ثبات التصنيف الائتماني للشركة، مما يدل على أن الحصول على التمويل في الوقت الحالي لم يعد صعباً فقط، بل أصبح مكلفاً أيضا وبالتالي الإعلان بشكل غير مباشر عن ارتفاع أسعار الفائدة التي يدفعها المقترضون كانت نتيجته تدافع المستثمرين على الاكتتاب حتى وصلت التغطية إلى أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ الأصلي للاكتتاب!
بحكم أن أسعار الفائدة ينظر إليها دائماً على أنها تكلفة الفرصة البديلة للعائد على الاستثمار في الأسهم والصكوك، لقد كان لارتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير وخلال فترة زمنية قصيرة تأثير سلبي مطلع هذا الأسبوع في الأسواق الثانوية، تمثل ذلك في الهبوط الحاد لأسعار الأسهم يوم الأحد الماضي، وتمثل أيضاً في هبوط القيمة السوقية للصكوك المدرجة سابقاً في السوق إلى ما دون القيمة الاسمية لها (أي التداول بخصم عن القيمة الاسمية) بسبب ضرورة تقارب العائد على الصكوك المدرجة سابقاً مع العائد على الصك المصدر حديثاً.
بشكل عام، نحن بالتأكيد لا نعيش أزمة سيولة حيث إن ما حدث لم يأخذ في الحسبان انخفاض سعر السايبور إلى ما دون 70 نقطة أساس والتي تعد مستوى قياسياً لانخفاض لم يسبق الوصول إليه من قبل، لكننا في المقابل ربما بدأنا نعيش في أزمة ائتمان (أو على الأقل بوادر أزمة ائتمان) مع قيام المصارف منذ بداية 2009م بالتشدد في شروط منح الائتمان وفي عدم التوسع بمنح الائتمان بل وقيامها برفع هوامش الإقراض لتعويض انخفاض إيراداتها من ودائع العملاء ما أدى بشكل رئيس إلى ارتفاع تكلفة الإقراض بشكل مباشر أو غير مباشر!
الآن في ظل صعوبة الحصول على التمويل وارتفاع تكلفته، تبرز تساؤلات حقيقية حول الكيفية التي سيتم بها تمويل المشاريع التنموية العملاقة في هذا الوطن الغالي خلال الفترة المقبلة؟؟ وبأي تكلفة سيتم التمويل ؟ والأهم كيف سنتفادى أزمة الائتمان إن حصلت لدينا فعلاً؟ وأين المحفزات الاقتصادية التي ينبغي توافرها أسوة بما قامت به معظم الدول المتقدمة والناشئة بهدف تقليل آثار الأزمة المالية العالمية إلى أدنى مستوى ممكن؟!