عصر الخطأ الأمريكي: عواقب الحرب على الإرهاب

لكل منا رؤية معينة للواقع تحددها الطريقة التي يفكر ويكتسب المعرفة بها. ربما تمنعنا بعض الأفكار الراسخة لدينا من أن نكون موضوعيين. يكشف العلم يوما بعد الآخر آليات التعلم والمعرف، إلا أن أحدا لا يعرف كيف تبدأ التفاعلات العقلية بين الأفكار والحقائق.
يستخدم الناس المعلومات التي يعرفونها، سواء أكانت دقيقة أم لا، ليحددوا ما يرون أنه الحقيقة بشأن الطريقة التي يسير بها العالم. تبعا للقواعد العلمية الصارمة نجد أن الواقع هو ذلك الذي تثبته الحقائق. ولكن عندما يعرف الناس الواقع فإنهم ينظرون إليه من واقع نظرتهم الخاصة إليه.
ولكن هذا لا يمنع معظم الناس من افتراض أن بإمكانهم اكتشاف الواقع بأنفسهم بعيدا عن التحيزات التي تفرضها عليهم وجهات نظرهم. تعتمد هذه النظرية على رسم خط واضح يفصل بين التفكير والواقع الموضوعي.
إلا أن هذه الطريقة لا تفلح في الغالب، لأن الناس لا يستطيعون إبعاد عنصر المشاعر عن التفكير, فهم لا يستطيعون إدراك الواقع الكامن وراء أفكارهم الخاصة المسبقة وإدراكهم المحدود، وهو ما ينعكس سلبا على القرارات التي يتخذونها.
عندما يكتسب الناس معرفتهم بالعالم فإنهم يريدون الاستزادة. وكلما تعلموا أكثر واتسع مجال معرفتهم، يلجأون إلى الاستعانة بالمعلومات التي يعرفونها بالفعل ليفسروا اكتشافاتهم الجديدة ليدخلوها في حيز إدراكهم، على الرغم من أن معرفتهم القديمة ربما لا تكون ذات صلة، وهذا هو ما يطلق عليه الكتاب العرضة للخطأ.
وهذا المفهوم قابل للتطبيق على العلم مثلما هو قابل للتطبيق على التاريخ، فالمفاهيم الخاطئة في كل من هذين المجالين هي التي تشكل نتائج الأحداث. ولهذه المشكلة تأثيرها في الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة على الإرهاب وعلى صورتها أمام العالم.
عندما تصر دولة على أنها وحدها تمثل صورة الواقع، نجدها تطلب أيضا الولاء الكامل من باقي الدول، وسيكون هذا عن طريق القمع وفرض المعتقدات. فالمجتمعات التي تطلب رؤية واحدة للعالم هي مجتمعات مغلفة في حين أن المجتمعات التي تقوم على الحرية تكون مفتوحة وعرضة للخطأ. فمثلا بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، قامت إدارة الرئيس بوش باستغلال الموقف مدعية أن الإرهابيين يستعدون لاستخدام أسلحة نووية، وهو ما زاد من قلق الأمريكيين وجعلهم أكثر قبولا وحماسا لفكرة الانتقام العنيف.
وهنا نجد سؤالا مهما يطرح نفسه بقوة على الساحة: كيف يمكن شن حرب على الإرهاب ضد عدو غير مرئي ليس لديه دولة وليس لديه جدول أعمال؟
يؤكد الكتاب على أهمية أن تعترف الولايات المتحدة بعرضتها للخطأ، خاصة بعد أن تراجعت مكانتها في العالم وانقلب عليها الرأي العام العالمي. فالولايات المتحدة الآن أصبحت أقل أمنا وصار العالم أقل استقرارا على الرغم من الحرب التي تم شنها على الإرهاب.

Title: The Age of Fallibility: Consequences of the War on Terror
Author: George Soros
Publisher: PublicAffairs
ISBN-10: 1586483595
June 2006
Pages: 288