رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الكهرباء حبيتك بالصيف

منذ ما يقارب 12 عاما شاركت في دراسة ميدانية حول قطاع الكهرباء في المملكة ركزت تلك الدراسة على أفضل أسلوب لتمويل مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية. وفي تلك الدراسة التي رفعت للجهات العليا حذر الفريق المشارك من احتمالية تفاقم مشكلة نقص التمويل لمشاريع التوليد وتم اختيار أسلوب تمويل يشارك فيه مستثمرون من القطاع الخاص IPP كأحد أفضل الحلول.
وما يدور اليوم من نقاشات مستمرة حول أوضاع قطاع الكهرباء والانقطاعات المستمرة وفي كل موسم صيف ليس بجديد ويذكرنا بأغنية فيروز الشهيرة حبيتك بالصيف. فأين التخطيط لهذا القطاع الحيوي في بلادنا وما الجهة المسؤولة عن الحال التي وصلنا إليها، هل هي الوزارة أم الشركة أو الهيئة؟ لماذا تجد الشركة نفسها في موقف دفاع مستمر، ولماذا تتحمل وحدها الملامة؟ أليس من المجدي أن تكون هناك جهة مستقلة لتطوير هذا القطاع، خاصة أن المتعارف عليه أنه لا يمكن أن تستطيع أي قوة تغيير أسلوب تفكير وطريقة عمل جهة تخطت 60 عاما من عمرها ! ولا أعني هنا فيروز بل الشركة. فكيف نطلب منها - أي الشركة - ان تلحق بالركب العالمي وأن تقوم بجذب المستثمرين لتمنحهم امتيازات لفرص تمويل وتشغيل مشاريع حيوية ترى أنها هي أحق من غيرها بإدارتها دون أن تقوم جهة ما بإجراء عمليات إعادة هيكلتها بالكامل أو الاستعانة بفريق فصل التوائم كي يتم فصل قطاع التوليد عن باقي الشركة.

وأرى أيضا أن الوزارة يجب أن تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية فيما يخص أوضاع قطاع الكهرباء. ففي عام 1998م تسلمت الوزارة عدة توصيات من ضمنها تلك الدراسة التي أشرت إليها في البداية ومن توصياتها أن تعتمد الوزارة أسلوبا جديدا في التمويل وتهيئة الأرضية لانطلاقة مشاريع IPP independent power producers، أي مشاريع منتجي الطاقة المستقلين. وبالطبع تاهت تلك الدراسة في الوزارة لعدة سنوات ومن ثم بدأنا نسمع وعلى استحياء أن الشركة تتحرك نحو تشجيع المنتجين المستقلين لتمويل بعض المشاريع. الحق يقال أن الشركة تحاول لكننا يجب ألا نتوقع الكثير لأن هذا النوع من المشاريع يتطلب جهدا كبيرا فيما يخص الحملات التسويقية والإجراءات التنظيمية السيادية لجذب المستثمرين. فقد تحتاج الشركة لأن تتخلى عن الإشراف على هذا النوع من المشاريع لجهة مستقلة كي لا تتعرض الشركة نفسها لاتهامات او شبهات حول مساعدتها عددا قليلا من المستثمرين في احتكار مشاريع IPP.
فمن خلال مراجعة أولية يستطيع أي منا أن يرى حجم التحديات التي تواجهها شركة الكهرباء بل إنني أجزم بأن أي شركة أخرى مهما كان حجمها وقدراتها سوف تعاني المشكلة نفسها، ولا أدافع هنا عن شركة الكهرباء السعودية بل أتحدث عن تركيبة قطاع الكهرباء في بلادنا من حيث النقل والتوزيع والتوليد إلى أن نصل لأسعار التعرفة. وكي تنجح تجربة مشاريع منتجي الطاقة المستقلين يجب أولا أن تعنى بها جهة مستقلة كالمجلس الاقتصادي الأعلى على سبيل المثال كجزء من الخصخصة، وأن تكون شركة الكهرباء وهيئة الإنتاج أعضاء مستشارين للإشراف على النواحي الفنية الخاصة بمواصفات محطات توليد الطاقة. فقد تساعد هذه الإجراءات على تكوين شركات توليد مستقلة لكل مشروع على حدة ومن ثم يتم طرح ذلك المشروع على المستثمرين وصناديق البنوك كفرصة تأسيس في شركة جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية، خاصة أن تلك المشاريع مرتبطة بضمان سيادي وعقد شراء من شركة الكهرباء لمجمل طاقة المشروع الإنتاجية إضافة إلى ربط المشروع بالشبكة الوطنية. وفي حال فتح المجال لكافة المستثمرون للمشاركة عبر أوعية استثمارية مخصصة سوف تتجه رؤوس الأموال نحو هذا النوع من الفرص التي نتوقع لها عوائد تتخطى 8 في المائة مقارنة بسعر المرابحة الحالي 1 في المائة، بهذا نكون قد أتحنا فرصا وطرقا استثمارية جديدة أمام رؤوس أموال المستثمرين السعوديين قد تكون أفضل بكثير من اتجاه رؤوس الأموال تلك نحو بناء أبراج وتمويل مشاريع في الدول المجاورة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي