على غرار أمريكا.. قانون صيني لتفضيل المنتجات المحلية
اعتمدت بكين إجراءات لتفضيل منتجاتها المحلية في الشراء لمصلحة القطاعات الحكومية، وهي خطوة يمكن وصفها بالحمائية التجارية التي انتشرت في العالم عقب اندلاع الأزمة المالية العالمية. وكانت الولايات المتحدة قد طبقت قانونا مماثلا تحت عنوان «اشتر منتجات أمريكا»، فيما اتخذت دول أوروبية إجراءات شبيهة تلزم البنوك التي لقيت دعما حكوميا بتوجيه تمويلاتها للأنشطة الداخلية وليس للأسواق الخارجية.
وأفادت وزارتان صينيتان أمس، أن تعليمات في الآونة الأخيرة للوكالات الحكومية بشراء منتجات محلية الصنع متى كان ذلك ممكنا للمشاريع التي تدعمها الحكومة ليست إجراء حمائيا يستهدف الشركات الأجنبية.
وقالت وزارة التجارة ولجنة الإصلاح والتنمية الوطنية وهي وكالة التخطيط القوية في الصين إن بكين بإصدارها هذا المنشور الدوري في أوائل حزيران (يونيو) سعت إلى وقف ما رأت أنه تمييز ضد الشركات المحلية.
وقالت الوزارتان إن هذه المذكرة تعزز فقط التعليمات القائمة، وأشارتا مجددا إلى القواعد السارية في الصين بشأن المشتريات الحكومية.
وقال البيان «هذا ليس إجراء جديدا للمساعدة على تنشيط الاقتصاد الصيني وليس إجراء حمائيا ضد الشركات أو المنتجات الأجنبية».
وأثارت هذه المذكرة دهشة في البنك الدولي ولدى بعض المسؤولين الأوروبيين. وقالت وزارة التجارة ولجنة الإصلاح والتنمية الوطنية «إنه سوء فهم من جانب بعض وسائل الإعلام الدولية أن تفسر ذلك على أنه إجراء للحماية التجارية (بشراء المنتجات الصينية)».
ونشرت عدة أقاليم صينية المذكرة الخاصة ببرامج «شراء المنتجات المحلية» في وقت سابق من العام الحالي للاستفادة من صفقة الحوافز بينما شكا مديرون غربيون في الآونة الأخيرة من عدم إعطائهم نصيبا عادلا في السوق المزدهرة في الصين. وقالت الوكالتان إن الصين عاملت المنتجات المحلية والأجنبية بنزاهة وتعهدتا بألا تتخذ الصين أي إجراء ضد الشركات أو المنتجات الأجنبية. وأبلغ رئيس الوزراء الصيني وين جيا باو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الخميس بأن الصين لن تميز على الإطلاق ضد الشركات أو المنتجات الأجنبية حسبما ورد في صحيفة «الشعب» الرسمية.
وهناك 17 دولة في مجموعة العشرين فرضت نحو 47 إجراء حمائيا (بأشكال مختلفة) منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 حتى نيسان (أبريل) 2009 وهذه الإجراءات جاءت في إطار معالجة أوضاع اقتصادها مع تفاقم الأزمة العالمية، لكنها تؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالاقتصاد العالمي. وأثار إدراج بند» حماية» للمنتجات الأمريكية ضمن مشروعي خطة الإنقاذ التي طرحها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لتحفيز الاقتصاد الأمريكي، استياء الشركاء التجاريين لأمريكا وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي، واليابان، والصين، والهند وعدد من دول العالم، إذ يرون فيه انتهاكا لقواعد التبادل الحر والمنظمة العالمية للتجارة. وفي صيغة البند المسمى» اشتر المنتجات الأمريكية»، التي وافق عليها مجلس النواب، يمنع هذا البند شراء الحديد والفولاذ من الخارج لمشاريع بنى تحتية ستمولها خطة الإنقاذ، إلا إذا لم يكف الفولاذ الأمريكي المعروض أو رفع سعر الفاتورة النهائية أكثر من 25 في المائة. وترتفع حدة التحذيرات، كما تزداد مخاوف المستثمرين من حول العالم من انتهاج سياسات للحماية التجارية كرد فعل على أسوأ أزمة اقتصادية في 80 عاما، خصوصا بعد أن تحدث صناع السياسات ورجال الأعمال في منتدى دافوس الأخير عن متاعب جديدة تنتظر الاقتصاد العالمي، إذ حذر وزير التجارة الهندي من الحماية التجارية، وبعد أيام من قول قادة الصين وروسيا خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري إن استهلاكا بلا قيود يغذيه الاقتراض هو المسؤول عن الأزمة المالية العالمية، منتقدين في الوقت نفسه اتخاذ أي إجراءات معيقة لحركة التجارة العالمية.
من جهة أخرى، قال وليام كوفاكيك المفوض التجاري الاتحادي الأمريكي أمس إن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لدعم الصناعات الخاسرة يغامر «بقتل» محاولات أمريكية لبحث التجارة مع الصين والدول النامية الأخرى.
وقال إن الدعم يمكن أن يضر بالمنافسة الداخلية ويقوض الجهود لإقناع دول أخرى بتجنب سياسة الحماية أثناء أسوأ أزمة اقتصادية في عدة عقود.
وقال كوفاكيك الذي رأس المفوضية التجارية الاتحادية حتى آذار (مارس) في كلمة أمام مؤتمر عن المنافسة في مؤسسة تشاتام هاوس للدراسات في لندن، «توجد رحلات سأقوم بها هذا العام لزيارة مسؤولين صينيين».
وأضاف «إنهم يرصدون التناقضات التي تتسلل فيما يبدو إلى السياسة. لذلك تجد نفسك تقول لا تحاول عمل هذا في الداخل لأنه يمكننا التعامل معه ونحن كبار لكن هذا الأمر سيئ بالنسبة لك».
وتعهد زعماء مجموعة العشرين الاقتصادية الرئيسية في قمة في تشرين الثاني (نوفمبر) بمكافحة سياسة الحماية الاقتصادية لكن 18 من اقتصادياتهم وردت أسماؤهم في تقرير لمنظمة التجارة العالمية في آذار (مارس) بشأن إجراءات اتخذت يمكن أن ينظر إليها على أنها تقيد التجارة.
ويقضي جزء من صفقة تحفيز أمريكية تتكلف 787 مليار دولار بأنتستخدم مشاريع الأشغال العامة الحديد والصلب والسلع الأخرى التي تصنع في الولايات المتحدة إذا لم يتعارض هذا مع التعهدات التجارية.
واستحوذت واشنطن على حصة قيمتها 50 مليار دولار في شركة جنرال موتورز لصناعة السيارات وحصة نسبتها 8 في المائة قيمتها 12 مليار دولار في شركة كرايزلر في إطار خطتها لإعادة هيكلتها في الإفلاس.
وقال كوفاكيك «مشاريع الدعم لن تؤثر فحسب على المنافسة داخليا لكنها تبعث برسالة أكبر إذا تعثرت بدرجة كبيرة فإننا سنساعدك على الخروج وإذا نجحت فشكرا لك على مساهماتك للاقتصاد الأمريكي لكن لا توجد مساعدة خاصة لك».