ساركوزي: الأزمة أعادت النموذج الفرنسي إلى الواجهة

ساركوزي: الأزمة أعادت النموذج الفرنسي إلى الواجهة

أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي البارحة الأولى في فرساي قرب باريس أن فرنسا ستطلق الخريف المقبل اكتتابا في قرض وطني لتمويل أولوياتها في الخروج من الأزمة، معتبرا أن صدمة الانكماش أعادت النموذج الفرنسي إلى الواجهة.
وكان ساركوزي قد دعا إلى اجتماع مجلسي البرلمان في قصر فرساي لرسم آفاق النصف الثاني من ولايته. وهذا الاجتماع الأول من نوعه منذ 150 عاما الذي أجازه تعديل للدستور تم تبنيه العام الماضي، كان موضع انتقاد المعارضة التي رأت فيه تأثيرات "ملكية".
وأكد الرئيس الفرنسي أنه سيدخل تعديلا على الحكومة اليوم، وقال ساركوزي "إن المهمة الأولى للحكومة هي التفكير في الأولويات الوطنية وتنظيم اكتتاب لتمويلها"، وأوضح أن هذه التمويلات ذات الأولية لفرنسا واقتصادها سيتم تحديدها إثر استشارات لمدة ثلاثة أشهر مع البرلمان والشركاء الاجتماعيين والأوساط الاقتصادية والثقافية.
وأضاف ساركوزي "أما عن القرض وقيمته والمقاييس المعتمدة فيه، فسيتم تحديد ذلك بعد الانتهاء من تحديد مجمل الأولويات، وسنقوم بذلك سواء بالتعويل على الفرنسيين أو على الأسواق المالية". واعتبر أنه "ليس من الطبيعي" تمويل الاستثمارات بقرض أي "العجز الذي يحضر المستقبل".
واعتبر الرئيس الفرنسي الذي انتخب في 2007 على أساس برنامج ليبرالي جدا، أن الأزمة زعزعت ثوابت سادت منذ عدة سنوات في الاقتصاد العالمي وقال "إن العالم اكتشف حدود الرؤية القائمة فقط على (اقتصاد) السوق".
وأضاف "إن الأزمة أعادت البريق للنموذج الفرنسي. وبعد أن كان موضع انتقاد في الماضي، أصبح اليوم معترفا به لدوره في تخفيف الصدمة على المستوى الاجتماعي" وتابع "من خلال إجبارنا على إعادة النظر في كل شيء والقضاء على ثوابت وقناعات جامدة، جعلتنا الأزمة أكثر حرية في رسم مستقبل آخر"، غير أن فرنسا تواجه علاوة على الانكماش، تدهورا كبيرا في المالية العامة.
وبحسب وزير الميزانية إريك وورث فإن العجز العمومي في فرنسا سيكون ما بين 7 و7.5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في 2009 و2010 متجاوزا بشكل كبير القيم المرجعية المحددة في المعاهدات الأوروبية التي تنص على ألا يتجاوز 3 في المائة.
وأنحى ساركوزي باللائمة على "العجز السيئ" الذي قال إنه "يجب أن يتم إنزاله إلى صفر من خلال إصلاحات شجاعة"، ووعد في هذا السياق بخفض عدد المنتخبين المحليين ومواصلة سياسة تخفيف عدد العاملين في الوظائف العمومية وبالقيام خلال 2010 بإصلاح جديد لأنظمة التقاعد.
غير أنه أكد أن ذلك لن يكون له تأثير في دافعي الضرائب الفرنسيين. وقال "لن أرفع قيمة الضرائب لأن من شأن ذلك أن يؤخر طويلا الخروج من الأزمة" من خلال أثره في الانتعاش، إضافة إلى الأزمة كان الجميع في انتظار معرفة رؤية ساركوزي للعلمانية في الوقت الذي يدور فيه جدل في فرنسا حول البرقع أو النقاب الذي أكد أنه "ليس مرحبا به في أراضي الجمهورية الفرنسية". بيد أنه حرص مع ذلك على تأكيد أنه "يجب احترام الدين الإسلامي مثل باقي الديانات".
ورأى النائب الاشتراكي فرانسوا هولند أن الخطاب الرئاسي مجرد "جعجعة بلا طحين". وقال إن الحديث "عن اكتتاب لا يطمئن أحدا لأنه في نهاية المطاف عبارة عن عجز إضافي لتمويل سياسة لم يعرضها بوضوح". وانسحب ساركوزي أثر إلقاء خطابه من الجلسة، فاسحا المجال أمام نقاش برلماني رفض الاشتراكيون المشاركة فيه.

الأكثر قراءة