دعوة شركات التأمين للالتفات لبرامج مكافحة الاحتيال وتدريب موظفيها على مواجهته
دعا خبير سعودي في مجال مراقبة التأمين شركات التأمين إلى ضرورة الالتفات إلى برامج مكافحة الاحتيال التأميني، ووضع سياسات وإجراءات خاصة لحماية نفسها وموظفيها وعملائها من الوقوع ضحايا لعمليات الاحتيال، وذلك بهدف حماية قطاع التأمين، وكذلك توعية العملاء بمخاطر الاحتيال وتبعاته، إلى جانب تدريب الموظفين على كيفية الكشف عن الاحتيال ودراسة مؤشراته النموذجية.
وأوضح سامي سليمان الخشان المراقب النظامي في شركة ملاذ للتأمين وإعادة التأمين التعاوني، أن قطاع التأمين بشركاته ومؤسساته وعملائه وجميع الأنشطة الداخلة ضمنه مهم جد ويخدم جميع القطاعات التجارية في البلد، بل يمتد إلى خدمة الأفراد باختلاف احتياجاتهم في التأمين على الممتلكات والسيارات والخدمات الصحية، لذا يمكن وصفه بأنه قطاع متغلغل في نواحي الحياة كافة ويجب الحرص على استمراريته نظيفاً من الممارسات الاحتيالية أو غير المهنية.
وقال: "إن الاحتيال هو جريمة متجددة مما يجعل استمرارية التدريب على كيفية مكافحته ضروريا كي يطلع جميع الموظفين على أحدث أساليبه، إضافة إلى إنشاء قواعد البيانات المشتركة عبر برامج كمبيوتر متقدمة وتدريب العاملين عليها من أجل ضبط حالات الاحتيال، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هنالك دراسات أثبتت أن كل دولارين يصرفان في مجال مكافحة الاحتيال في المجال الصحي يحققان عائدا يقدر بأكثر من 17 دولاراً.
ودعا الخشان الجهات الحكومية المعنية بمتابعة قطاع التأمين إلى ضرورة استحداث نظام عقوبات صارم لمن يحاول أن يقوم بجريمة الاحتيال التأميني، مما يجعل المحتال يفكر أكثر من مرة قبل أن يخطط لاقتراف هذه الجريمة البشعة، إذ إن تطبيق العقوبات الصارمة سيكون له أثر إيجابي في تقليل حالات الاحتيال ومن ثم تقليل قيمة الأقساط المدفوعة لشركات التأمين، "وكل ذلك يصب في النهاية لصالح المؤمن النزيه".
ولم يخف الخشان أن قطاع التأمين بشكل عام يعد ميداناًَ رحباَ للممارسات غير النظامية، بل غير المهنية أحياناً، وهذا ما ندعوه بالاحتيال وهو ظاهرة وجدت في قطاع التأمين منذ زمن ولا تزال مستمرة حتى اليوم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الاحتيال الذي يجب مكافحته ليس دائماً من طرف العملاء، بل هناك حالات يمكن وصفها بالاحتيال تمت على يد بعض شركات التأمين.
وقال: "التأمين ليس مجرد تحصيل أقساط وإصدار وثائق، بل هو التزام بالتعويض في حالة حصول الخطر المؤمن ضده ووجود ضرر ناتج عن ذلك الخطر، حيث لا يمكن فهم بعض الممارسات غير المهنية التي تصدر من بعض شركات التأمين والشركات أو المؤسسات العاملة في مجال المساندة لشركات التأمين وهي ممارسات تتضمن رفض دفع التعويضات لأسباب مصطنعة وتهدف إلى إيجاد حالة اليأس حتى يتنازل العميل عن طلبه في التعويض".
وبين الخشان أن هناك الكثير من أنواع الاحتيال في قطاع التأمين فهي تشتمل على دفع مبالغ غير مستحقة أصلا مما يزيد كلفة عمليات التأمين للكل أو دفع كلفة الحالات المشتبه بها ولم يثبت تماماً أنها احتيالية لنقص الأدلة، إضافة إلى كلفة التحري في مثل هذه الحالات، في حين تتمثل صور الاحتيال التأميني في ادعاء حوادث المرور والحريق المتعمد وادعاء إصابات العمل والاحتيال في مجال التأمين الطبي، وذلك بإجراء عملية وتقديم خدمات غير مغطاة وتقديم الخدمة الطبية غير الضرورية.
وقال: "الاحتيال هو الحذق وجودة النظر والقدرة على التصرف، وتعرفه مؤسسة النقد العربي السعودي على أنه القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل يرمي إلى كسب ميزة غير نزيهة أو غير مشروعة لصالح الطرف الذي يرتكب جريمة الاحتيال أو لصالح أطراف أخرى".
وأضاف قائلا: "هناك عدد لا بأس منه في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى يرى أن الاحتيال نجاح ودهاء، فحتى المبالغة البسيطة في الخسائر عند رفع المطالبات التي هي باعتقاد الكثير من أنها تعد حذقاً في الحقيقة هي لا تخرج عن كونها احتيالا على شركات التأمين وجريمة تستحق العقاب".
وأشار الخشان إلى أن شركات التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية تكبدت خسائر كبيرة بسبب إعصار كاترينا قدرت بمبلغ 41 مليار دولار، لكن تلك الخسائر أقل بكثير من الخسائر التي تتكبدها شركات التأمين بسبب الاحتيال سنويا، ففي عام 2007 بلغت الخسائر بسبب الاحتيال التأميني في التأمين الصحي فقط أكثر من 68 مليار دولار، كما أن مجموع الخسائر التي تتكبدها شركات التأمين سنويا تقدر بنحو 96 مليار دولار.
وزاد قائلا: "السؤال الأهم من هو الخاسر الحقيقي بسبب الاحتيال؟ ولماذا؟، الجواب عن هذا السؤال هو العميل أو المؤمن، فعلى سبيل المثال يتحمل المواطن الأمريكي معدل زيادة سنوية على الأقساط التأمينية مبلغ نحو 300 دولار (NBC)، تلك الزيادة تأتت بشكل مباشر بسبب ممارسات الاحتيال، فشركات التأمين تتحمل خسائر تقدر بنسبة 30 في المائة من عوائدها بسبب الاحتيال، مما يرفع معدلات خسائرها، وهذا بالتأكيد يجعلها تعيد النظر في سياستها التسعيرية وعكس هذه الخسائر الإضافية على أسعار خدماتها التأمينية، وهنا يتجلى لنا أن الخاسر الأكبر هو المؤمن النزيه والكاسب الوحيد هو المحتال.
ويرى المراقب النظامي في شركة ملاذ للتأمين وإعادة التأمين التعاوني، أنه أصبح من الضرورة على شركات التأمين قيادة حملات للتوعية بالمخاطر والآثار السالبة للاحتيال التأميني في مختلف وسائل الإعلام، وتوفير خطوط ساخنة لتلفونات سرية للإبلاغ بالمعلومات حول الاحتيال التأميني، كما أنه على الأجهزة الحكومية المعنية والإعلام المتخصص أيضا العمل معا من أجل خلق مناخ عام يدين عمليات الاحتيال التأميني ويصم مرتكبيها بالعار ويضعها في مقام السرقة الدنيئة, واستثارة الوازع الديني والبعد الإيماني قد تلعب دورا رئيسيا في منع ارتكاب هذه الجريمة.