الانهيار المالي يزيد عدد الجياع ويقود العالم إلى "الدمار"
تقدر مصادر الأمم المتحدة أن الجوع يهدد واحداً من كل ستة من سكان العالم بسبب الحروب، والجفاف، وعدم الاستقرار السياسي، وارتفاع أسعار الأغذية. جاءت هذه النسبة عقب مساهمة الانهيار المالي العالمي في اتساع رقعة الجوع في العالم إلى حدود جديدة، وسجل أرقاما جديدة، حيث بلغ عدد الجائعين رقماً قياسياً هو مليار شخص، وهو رقم يمثل حجر أساس كئيب، ويشكل تهديداً للسلام والأمن.
وعمل الانهيار المالي على تعقيد الأزمة فيما وصفه برنامج الأمم المتحدة للأغذية والزراعة " بأنه" مزيج مدمر يصيب أشد الناس انكشافاً في العالم.
وبالمقارنة مع العام الماضي، أضيف 100 مليون شخص جدد إلى قوائم الجائعين الذين يستهلكون يومياً ما يقل عن 1.8سعرة حرارية، حسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة.
وقال جاك ديوف، المدير العام للمنظمة " ليس هنالك مكان في العالم محصن ضد المجاعة، حيث إن جميع مناطق العالم تأثرت بعدم الأمان الخاص بنقص الأغذية. وإن هذه الأزمة إنسانية، إضافة إلى أنها قضية سياسية".
كان المسؤولون الذين قدموا هذه التقديرات في روما يسعون إلى تأكيد الارتباط بين الجوع وعدم الاستقرار، حيث لاحظوا أن أسعار المواد الغذائية الرئيسية المحلقة عالياً، مثل الأرز، أشعلت اضطرابات في العالم النامي في العام الماضي.
وقالت جوزيت شيران، مسؤولة في برنامج الغذاء المالي التابع للأمم المتحدة في روما، إن الجائعين تظاهروا في نحو 30 بلداً في العام الماضي.
وأدت الاضطرابات المتعلقة بنقص الغذاء إلى وقوع عدد من الوفيات، ولا سيما في هاييتي، حيث تم التخلص من رئيس الوزراء. وأمام الناس في مواجهة الجوع ثلاثة خيارات " فإما أن يتظاهروا، أو أن يهاجروا، أو أن يموتوا. ولا يعد أيا من هذه الخيارات أمراً مقبولاً لديهم".
على الرغم من أن أسعار الأغذية تراجعت عن ذروتها التي بلغتها في عام 2008، فإنها لا تزال عالية بصورة غير اعتيادية في بعض الأسواق المحلية، حسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة الدولية. وقالت هذه البيانات إن أسعار المواد الغذائية كانت في نهاية عام 2008 أعلى بنسبة 24 في المائة مما كانت عليه عام 2006.
#2#
ويؤدي ضعف التغذية إلى حدوث الوفيات لأنه يعمل على إضعاف مناعة أجسام الأطفال، كما قال أندريه إنحستراند نيسكو، المتحدث باسم جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر في نيروبي، هذا المكتب الخاص بشرق إفريقيا. ويعيش نحو 22 مليون جائع من ضمن المليار جائع الذين تتحدث عنهم الأمم المتحدة في حزام الجفاف في منطقة القرن الإفريقي.
وقال هذا المسؤول إنه عاد لتوه من منطقة في جنوب إثيوبيا على الحدود مع كينيا، حيث إن الوضع الغذائي خطير للغاية. وأضاف أنه تحدث إلى أسرة فقدت أحد أطفالها بسبب مرض الملاريا في شباط (فبراير) الماضي. وتم إبلاغ أبويه أنه لن يستطيع الاستمرار في الحياة بسبب معاناته سوء التغذية. ودعا المسؤول الجهات المانحة إلى التحرك، قبل أن يتم عرض الأطفال الإفريقيين بهياكلهم العظمية البارزة على شاشات التلفزيون في ساعات تناول وجبة العشاء في العالم الغربي.
وتقدر منظمة الأغذية والزراعة الدولية عدد الجائعين حالياً بمليار شخص، أي بزيادة 11 في المائة عن رقم العام الماضي الذي بلغ 915 مليون شخص. وقالت هذه الوكالة إنها اعتمدت في تقديراتها على أرقام صادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية.
وأضافت هذه الوكالة أن أعداد الجائعين تشهد ارتفاعاً مستمراً. وأن معدلهم يزيد، أي أن ذلك المعدل يسبق معدل زيادة عدد السكان في العالم. ولم يورد المسؤولون معدلاً معيناً، ولكنهم قالوا إنهم لاحظوا زيادة خاصة خلال العامين الماضيين.
ويعيش معظم جائعي العالم في الدول النامية، غير أن عدداً من مناطق العالم سجلت زيادات في أعداد الجائعين بأرقام من خانتين عشريتين بالمقارنة بالعام الماضي. وتعيش أكبر نسبة من الجائعين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يبلغ العدد 642 مليون جائع. وهنالك 10.5 مليون جائع في مناطق جنوب الصحراء الإفريقية بزيادة 11 في المائة عن العام الماضي. وهنالك 260 مليون شخص يعانون سوء التغذية في العالم المتقدم، حيث أصبح سوء التغذية مصدر قلق متزايد. وقد زادت نسبتهم بـ 15.4 في المائة عن العام الماضي، وهي أعلى زيادة على مستوى العالم.
وتعني هذه الأرقام المرتفعة أنه من غير المحتمل تحقيق الهدف الذي حدده عدد من دول العالم الغنية لتقليص عدد الجائعين في العالم إلى النصف بحلول عام 2115، على الرغم من تعهد المسؤولين بالضغط على زعماء دول العالم الثمانية الصناعية الكبرى في اجتماعهم المقبل في روما في الشهر المقبل.
وأوضحت منظمة الأغذية والزراعة الدولية أنها تعد الشخص من ضمن الجائعين إذا قل ما يحصل عليه من الغذاء اليومي عن 1.800 سعرة حرارية، على الرغم من أن ذلك يتغير بصورة طفيفة بين بلد وآخر.
وذكرت أليس ليشتنشتاين، أستاذة علم التغذية وسياساتها في جامعة تفتس، إن المعدل الذي تحدده هذه المنظمة لاعتبار الشخص ضمن الجائعين معقول، وإن كان متحفظاً إلى حد ما. وأضافت أن هذا المعدل من السعرات هو الحد الضروري لكي يبقى الشخص على وزنه، ولكنه متغير حسب وزن الجسم، وحسب طبيعة النشاط البدني للشخص المعني.
أما رقم السعرات الخاص بالأطفال، فيتغير بدرجة أعلى، حيث يحتاج الأطفال إلى سعرات أقل لأن أجسامهم أصغر، ولكن حاجاتهم إلى السعرات تزداد مع تقدم العمر، حتى نضمن استمرار نموهم.
وكان إنتاج العالم من الحبوب جيداً في عام 2009، غير أن الأزمة الاقتصادية العالمية أدت إلى تراجع مستوى الدخل، وإلى معدلات بطالة أعلى، وكذلك قللت من فرص الحصول على الطعام. وتؤثر الأزمة، كذلك على نوعية التغذية،حيث تميل الأسر إلى شراء مواد غذائية أرخص، على أن تكون مرتفعة السعرات، وإن كانت ضعيفة من حيث المستوى الغذائي، مثل الحبوب، على حساب اللحوم، ومنتجات الألبان، وغير ذلك من الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين.