المتفائلون بارتفاع أسعار النفط مترددون.. والدولار يصمد في وجه المشككين
هذا الأسبوع ساد الحذر بصورة تامة سلوك المستثمرين، حيث إن الجدل حول آفاق التعافي في الاقتصاد العالمي ألقى بظلاله على كثير من أسواق الأسهم، التي سجلت أول هبوط أسبوعي لها منذ شهر. وأشارت البيانات الاقتصادية إلى أن قبضة الركود الاقتصادي تشهد نوعاً من التراخي، ولكن الآمال بحدوث تعاف قوي في الأشهر المقبلة آخذة بالتراجع.
وقال ستيوارت شفايتزر، المحلل الاستراتيجي للأسواق العالمية لدى بنك جيه بي مورجان الخاص JPMorgan Private Bank: "يتشجع الناس بفعل البراعم الخضراء، ولكن هذا الركود الاقتصادي هو عبارة عن سقوط قوي تتبعه فترة لا نسير فيها بسرعة نحو أي اتجاه كان. ليست هناك قوة للإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد الأمريكي".
وكانت هناك بعض العلامات على الاستقرار في سوق العمل الأمريكية وأسواق الإسكان هذا الأسبوع، ولكن الإنتاج الصناعي انخفض عن ذي قبل. وكانت بيانات التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا خافتة، في حين أن مؤشر
التوقعات الاقتصادية من معهد الأبحاث الألماني قفز إلى أعلى مستوى له منذ منتصف عام 2006.
ويتوقع الاقتصاديون لدى بنك كريدي سويس أن ينتهي الركود الاقتصادي العالمي في وقت ما بحدود منتصف العام، وأن يسجل كل من الاقتصادين الأمريكي والبريطاني عودة مبكرة نسبياً إلى النمو. سيُستأنَف النمو في مرحلة لاحقة بالنسبة لمنطقة اليورو وسويسرا، في حين أن اليابان يمكن أن تتخلف عن الركب.
وقال البنك: "تضررت الصين على نحو أقل من غيرها بفعل الركود الاقتصادي، كما أننا نرى أن بقية آسيا خلاف اليابان ستنتفع من التعافي في التجارة العالمية".
وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت يوم الجمعة، سجل كثير من الأسهم العالمية القياسية هبوطاً بالمعدل الأسبوعي، هو الأول منذ منتصف أيار (مايو). وساعد الاندفاع الذي شهدته الأسواق الأمريكية والأوروبية في وقت متأخر من الأسبوع على إبقاء المؤشرات الكبيرة الرئيسة فوق المستويات الفنية الرئيسة وحافظ على الاتجاه العام الصاعد من المستويات الدنيا التي سُجِّلت في آذار (مارس). التقلب في الأسهم الأمريكية أطلق لفترة وجيزة إشارة تحذير، ولكنه أقفل عند مستوى أدنى بحلول نهاية الأسبوع. وقال وليم سترازولو، كبير المحللين الاستراتيجيين للسوق لدى مؤسسة بيل كيرف تريدنج Bell Curve Trading: "الارتداد من المستويات الدنيا التي سُجِّلت في آذار (مارس) كان في تجارة المال خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ولا تزال الأوضاع على حالها".
وفي نيويورك سجل مؤشر ستاندارد آند بورز هبوطاً بنسبة 2.6 في المائة على مدى الأسبوع. وفي لندن هبط مؤشر فاينانشيال تايمز بنسبة 2.2 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا هبط بنسبة 2.5 في المائة.
وفي اليابان هبط مؤشر نيكاي 225 بنسبة 3.5 في المائة، ما دفعه إلى ما دون مستوى 10 آلاف نقطة، موقفاً بذلك سجلا متواصلاً من الارتفاع على مدى ثلاثة أسابيع. يوم الجمعة اندفعت الأسهم في هونج كونج وكوريا بعد أن تعرضت لضغط قاس خلال معظم الأسبوع. هبط مؤشر هانج سينج (في هونج كونج) بنسبة 5.1 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن مؤشر كوسبي في سيئول هبط بنسبة 3.2 في المائة. ولكن أسواق الأسهم في بلدان الأسواق الناشئة شذت عن القاعدة هذا الأسبوع، حيث ارتفع المؤشر الصيني بنسبة 5 في المائة.
وقال شفايتزر: "المنطقة الآسيوية بخلاف اليابان هي أكثر المناطق الاقتصادية حيوية، وتتمتع بموارد كبيرة لمساندة النمو الداخلي ويفترض أن يتفوق أداؤها على الغرب".
في بلدان أخرى في المنطقة، سجلت الهند أول هبوط أسبوعي لها منذ أوائل آذار (مارس)، حيث هبط المؤشر بنسبة 4.7 في المائة، في حين أن المؤشر في روسيا هبط بنسبة 10 في المائة تقريباً. وفي البرازيل كان من شأن الاندفاع الذي شهدته السوق يوم الجمعة أن قلص من معدل الهبوط ليصل إلى 4 في المائة.
وتعزز المزاج العام في قطاع السندات الحكومية إلى حد ما بسبب التراجع في أسواق الأسهم وتوسع الفروق في أسعار الفائدة على السندات. ولكن الكمية الكبيرة من العرض في السندات الأمريكية ألقت بظلالها على السوق الأمريكية. في الأسبوع المقبل ستبيع وزارة المالية الأمريكية رقماً قياسياً من السندات الجديدة مقداره 104 مليارات دولار، وقد أثر هذا في سوق السندات الأمريكية.
العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، بعد أن هبط إلى مستوى 3.66 في المائة في وقت مبكر من هذا الأسبوع، سجل انخفاضاً طفيفاً على مدى الأسبوع عند 3.78 في المائة في وقت متأخر من يوم الجمعة، وهو مستوى أدنى بكثير من المستوى المرتفع الذي سجله في الفترة الأخيرة عند 4 في المائة. وقد انخفض سعر الفائدة على سندات القروض السكنية لأجل 30 سنة إلى ما دون مستوى 4.90 في المائة.
وحيث إن الوكلاء والمستثمرين يواجهون كميات ضخمة من العرض، يعتقد البعض أن البنك المركزي الأمريكي يمكن أن يناقش القفزة الأخيرة في العوائد وفي أسعار الفائدة على القروض السكنية أثناء اجتماع السياسة النقدية الذي سيُعقد الأسبوع المقبل.
وقال بول آشوِيرث، وهو اقتصادي لدى مؤسسة كابيتال إيكونومِكس: "للأسف فإنه بالنظر إلى الطوفان الهائل من السندات الجديدة التي تقوم بإصدارها وزارة المالية، فإننا نشك في أن يكون البنك المركزي راغباً في زيادة الأموال اللازمة على نحو يكفي لتحقيق أي أثر معقول على عوائد السندات".
وفي أوروبا هبطت العوائد على السندات على مدى الأسبوع، حيث هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بنسبة 12 نقطة أساس ليصل إلى 3.85 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات بمقدار ثماني نقاط أساس ليصل إلى 3.55 في المائة في يوم الجمعة.
وأسواق السندات في بلدان الأسواق الناشئة شهدت ارتفاعاً بصورة عامة، حيث ارتفع الفرق بين العوائد على سندات الخزانة الأمريكية والعوائد على سندات الأسواق الناشئة بمقدار 20 نقطة أساس ليصل إلى 435 نقطة أساس، وفقاً لمؤسسة آر بي سي RBC. واتسمت أسواق العملات بالتقلب الكبير في تداولات الفرنك السويسري والهبوط العام في اليورو.
وصمد الدولار معظم الأسبوع، حيث تجاهل المستثمرون أحاديث تقول إن وضع الدولار كعملة احتياطية يمكن أن يتعرض للخطر، في الوقت الذي يجتمع فيه زعماء البرازيل وروسيا والهند والصين في روسيا للقاء القمة. لكن الدولار هبط يوم الجمعة بعد أن وضعت وكالة موديز التقييمَ الائتماني لولاية كاليفورنيا تحت المراقبة مع احتمال تخفيضه ببضع نقاط. وفي أسواق السلع تم تداول النفط الخام الأمريكي بين 69 دولاراً و 73 دولاراً للبرميل، ولكنه أقفل يوم الجمعة عند 70 دولاراً. تراجع الذهب قليلاً وسط الأرقام الحميدة في بيانات التضخم في الولايات المتحدة، في حين أن النحاس أقفل عند مستوى يزيد قليلاً على 5 آلاف دولار للطن.