الشيخ الفوزان:القائمون على المساجد مسؤولون عن صيانتها ونظافتها

الشيخ الفوزان:القائمون على المساجد مسؤولون عن صيانتها ونظافتها
الشيخ الفوزان:القائمون على المساجد مسؤولون عن صيانتها ونظافتها
الشيخ الفوزان:القائمون على المساجد مسؤولون عن صيانتها ونظافتها
الشيخ الفوزان:القائمون على المساجد مسؤولون عن صيانتها ونظافتها

يعاني بعض المساجد انعدام النظافة وسوء الصيانة رغم الجهود التي تقوم بها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وشؤون المساجد، وتكمن المشكلة في المسؤولين عن المساجد وشركات الصيانة المتعاقد معها التي تتأخر في دفع مستحقات العاملين، ونجد أن هناك بعض المساجد تعاني كثيرا النظافة والصيانة الجيدة. وحول ذلك تحدث عدد من العلماء والدعاة, حيث تحدث في البداية الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء قائلا إن صيانة المساجد وتنظيفها التقصير فيها ظاهر, ولا سيما أن بعض هذه المساجد يتراكم فيه الغبار والقمامات بسبب الإهمال وعدم العناية؛ لأن الاحتساب اليوم قد قل والملاحظون لنظافة المساجد غالبيتهم لا يقومون بعملهم مع أنهم يتقاضون المكافأة المالية وهي حرام عليه ما داموا لا يقومون بواجبهم، ربما يقول بعضهم إن المكافأة قليلة فيتساهل في أداء العمل. وهذا عذر باطل؛ لأن المكافأة وإن كانت قليلة فإنه لا يحل له أخذها إلا بأداء العمل الذي خصصت من أجله.
#2#
وأبان فضيلته أن المكلفين بهذا العمل غالبيتهم لا يقومون بالعمل؛ وليست هناك رقابة من الجهة المسؤولة، وتنظيف المساجد عبادة إذا لم تخصص بوقت معين والدليل على أنه عبادة من الكتاب والسنة حديث سمرة بن جندب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال"أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتخذ المساجد في ديارنا وأمرنا أن ننظفها" رواه أحمد والترمذي وقال: حديث صحيح، وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ "عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد "الحديث رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه ـ "إن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فسأل عنها بعد أيام فقيل له: إنها ماتت فقال: فهلا آذنتموني فأتى قبرها فصلى عليها" رواه البخاري ومسلم وغيرهما. فقد شرع لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنظيف المساجد كل وقت ويشرع تنظيفها على الدوام وتطييبها، ويحرم امتهانها بإلقاء القاذورات كالبصاق والمخاط والأوراق المهملة ومخلفات الطعام ونحو ذلك، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوما إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على الناس، ثم حكها قال"وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلطخه به، وقال إن الله ـ عز وجل ـ قبل وجه أحدكم إذا صلى فلا يبصق بين يديه" رواه البخاري ومسلم، وعن أنس - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها" رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول "من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا "رواه مسلم وأبو داود.

وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم ـ "سيكون في آخر الزمان قوم يكون حديثهم في مساجدهم ليس الله فيهم حاجة "رواه ابن حبان في صحيحه.

من جهته, أكد الشيخ الدكتور سعيد بن وهف القحطاني الداعية الإسلامي أهمية تنظيف المساجد، وتطييبها، وصيانتها؛ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب". وأضاف أن هناك عديدا من الأحاديث النبوية التي تحث على أهمية ذلك, منها حديث سمرة ـ رضي الله عنه ـ أنه كتب إلى ابنه: "أما بعد، فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في دورنا ونصلح صنعتها ونطهرها".
#3#
وفي حديث آخر عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً أسود أو امرأة سوداء كان يقمُّ المسجد فمات ولم يعلم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بموته، فذكره ذات يوم، فقال: "ما فعل ذلك الإنسان؟" قالوا: مات يا رسول الله، قال: ((أفلا آذنتموني))؟ فقالوا: إنه كان كذا وكذا قصته، قال: فحقروا شأنه، قال: "دلّوني على قبره" أو قال: "على قبرها" فأتى قبرها فصلى عليها، ثم قال: "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ـ عز وجل ـ ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم".

وكان النبي ينصح بالتي هي أحسن في جوانب النظافة, فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: مه، مه؟ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم "لا تزرموه دعوه" فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله ـ عز وجل ـ والصلاة، وقراءة القرآن" أو كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلوٍ من ماءٍ فشنَّه عليه".

* وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "البزاق في المسجد خطيئة، وكفَّارتها دفنه". وفي لفظ لمسلم: "التفل في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها".

وحث على إماطة الأذى عن الطريق وأنها فضل كبير لحديث أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "عُرضت عليّ أعمال أمتي: حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها، الأذى يُماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد ولا تدفن". قال الإمام النووي ـ رحمه الله: "هذا ظاهر أن هذا القبح أو الذم لا يختص بصاحب النخاعة بل يدخل فيه هو، وكل من رآها ولا يزيلها بدفن أو حكٍّ، ونحوه".

وحث فضيلته مرتادي المساجد بعدم اتيان المساجد بروائح خبيثة لحديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلْنا، أو ليعتزلْ مسجدَنا، وليقعدْ في بيته". وفي لفظ لمسلم: "فإن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم".
وخطب عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ الناس في آخر حياته، وقال: "إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين، هذا البصل والثوم، لقد رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأُخرج، فمن أكلهما فليمتهما طبخاً".

وأشار إلى وجوب إقامة الجماعة في المساجد، وأنه لا يجوز للرجال فعلها إلا في المسجد، والأدلة على ذلك هي البراهين الدالة على وجوب صلاة الجماعة، وأنها فرض عين ولكن إذا لم يتيسر مسجد أو كان المسجد بعيداً لا يُسمع الأذان منه أو كان الجماعة في سفر، فإن الجماعة تجب على من يستطيع أن يجدها، وعليهم أن يصلوا في مكان طاهر؛ لحديث جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "أُعطيت خمساً لم يُعطهنّ أحد قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعِلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحلت لي الغنائم ولم تُحلّ لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثتُ إلى الناس عامة". قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - "من تأمل السنة حق التّأمُّل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان، إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة، فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار... فالذي ندينُ الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر، والله.

من جانبه, يقول الشيخ الدكتور خالد بن سليمان الدايل المشرف العام على قناة "روائع الإسلامية" إن للمسجد في الإسلام وظائف متعددة، أولاها أنه مكان عبادة، كما قال تعالى: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله" ولحديث سليمان بن بريدة عن أبيه؛ أن رجلا نشد في المسجد. فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم "لا وجدت. إنما بنيت المساجد لما بنيت" قال الإمام النووي: معناه لذكر الله تعالى والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير، ونحوها.

#4#
غير أن هذا لا يمنع أن يكون للمسجد أدوار أخرى، فقد وردت أحاديث كثيرة تدل على إباحة غير العبادة المحضة، مثل : الاستلقاء والنوم، والأكل والشرب، وغيرها من الأعمال المشروعة، وهذا يعني عدم المنع الكامل لغير أعمال العبادة بمعناها الخاص، ولا يعني هذا إباحة كل فعل في المسجد، بل ضابط الحكم هنا ما كان مباحا ولا يتعارض مع مكانة المسجد، أو ما كان فيه مصلحة للناس والدين.

وقال إن أكثر ما يحز في النفس حقيقة عدم الاهتمام بالنظافة بالشكل الذي يليق ببيوت الله ويجعلها في أعلى مكانة وهذا بسبب عدم إعطائها حقها من بعضنا مع الأسف الشديد، فنجد الناس يأتون إلى الصلاة بملابس غير لائقة، وغير نظيفة، بل أحيانا روائح كريهة نجدها في بعض المصلين ويكون المصلي قد أكل ثوما أو بصلا، بل قد يكون أحيانا من المدخنين ورائحة الدخان فيه قوية فتؤثر فيمن هو بجواره، ولذلك أرى أن يحرص المسلم المحب لدينه على أن يذهب للمسجد بأحسن حلة وأحسن جمال مصداقا لقوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) سورة الأعراف، ولذلك أجدها فرصة لأحث كل من يرتاد المساجد على أن يحرص على التزين ولبس أفضل الملابس حتى يكسب رضا الله ـ سبحانه وتعالى.

الأكثر قراءة