رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نجاح سوق الصكوك والسندات السعودية؟

أنهت سوق الصكوك والسندات الآلية السعودية نشاطها في أسبوعها الأول بعدد قليل من الصفقات لم تتعد خمس صفقات، وبقيمة إجمالية فاقت 300 ألف ريال سعودي. وعلى الرغم من هذه البداية المتواضعة لسوق مالية ينتظر منها بلوغ مجموعة من الآفاق، إلا أن خطوة إطلاق السوق بهيئتها الحالية تعد خطوة مبدئية جيدة في طريق الارتقاء بالسوق المالية السعودية من مرحلة النشأة إلى مرحلة التقدم.
تعرف الملاءة المالية على أنها قدرة شركة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الغير. من أهم هذه الالتزامات الوفاء بالقيمة الاسمية لصكوكها عند حلول موعد استحقاقها. يمثل هذا الوفاء معيارا رئيسا للمستثمرين عند المضي في قرار استثماري في الصكوك من عدمه.
ولما يحمله هذا التصنيف من أهمية في تقييم القدرة الائتمانية، فإنه من الأهمية بمكان النظر في ثلاثة أمور رئيسة ذات علاقة مباشرة بالصكوك، وهي أنواع الصكوك، والأطراف المشتركة في مرحلة إصدار الصك وفترة تداوله، وطبيعة عملية إصدار الصك وتداوله.
يتباين تصنيف الصكوك بتباين زاوية التصنيف إلى ثلاثة أصناف. النوع الأول من زاوية طبيعة الأصل محور الصك. ويصنف هذا النوع من الصكوك إلى أربعة أنواع: صكوك أصول ثابتة، صكوك خدمات، صكوك استثمارية، وصكوك مستقبلية. والنوع الثاني من زاوية خاصية تداول الصك من منظور الأحكام و الضوابط الشرعية. ويصنف هذا النوع من الصكوك إلى نوعين: صكوك قابلة للتداول، وصكوك غير قابلة للتداول. والنوع الثالث طبيعة العلاقة بين الأشخاص المتعاملين في الصك. ويصنف هذا النوع من الصكوك إلى مجموعة تربو على 20 نوعا، من أهمها صكوك الإجارة، والاستصناع، والمشاركة.
تشترك سبعة أطراف في مرحلة إصدار الصك وفترة تداوله. الطرف الأول "المستفيد"، وهو الطرف الذي يحصل على التمويل المالي من الصك، كشركتي "سابك"، و "الكهرباء". و الطرف الثاني "المصدّر"، وهو الطرف الذي يقوم بتملك أصول الصك، واستثمارها، كشركتي "سابك للصكوك"، و"الكهرباء للصكوك".
والطرف الثالث "المستثمر"، وهو الشخص الذي يملك الصك، سواء عند إصداره من قبل "المصدر" في سوق الإصدارات الأولية، أو من "مستثمر" آخر في السوق الثانوية. من الأمثلة على ذلك اكتتاب مجموعة من صناديق الاستثمار صكوك "سابك" و"الكهرباء" عند إصدارها، أو تداولها الأسبوع الحالي في سوق الصكوك والسندات الآلية السعودية.
والطرف الرابع "المستشار المالي"، وهو الطرف الذي يقوم بتقديم المشورة المالية لكل من "المستفيد"، و"المصدّر"، و"المستثمر" خلال مرحلة إصدار الصك. من الأمثلة على ذلك "إتش إس بي سي السعودية المالية" عند تقديمها للمشورة المالية لكل من: "سابك" و"الكهرباء" خلال مرحلة إصدار صكوكهما.
والطرف الخامس "المراقب"، وهو الطرف الذي يقوم بمراقبة عملية إصدار الصك، والتأكد من مطابقتها للأنظمة واللوائح التشريعية، كهيئة السوق المالية. والطرف السادس "السوق"، وهو المكان الذي يتم فيه تداول الصك، كسوق الصكوك والسندات الآلية السعودية.
والطرف السابع "الخواص الفنية"، وتشمل جميع السمات الفنية التي تميز صك معينا عن الآخر. ومن أهم هذه السمات "نوع الصك"، كصك مرابحة، وصك استثمار. و"تاريخ الإصدار"، وهو التاريخ الرسمي لإصدار الصك، كتاريخ إصدار "صكوك سابك 3" في 26 أيار (مايو) 2008. و"القيمة الاسمية"، وهي قيمة الصك عند إصداره من "المصدّر"، كالقيمة الاسمية لـ "صكوك الكهرباء"، والبالغة 500 ألف ريال سعودي.
و"تاريخ الانتهاء"، وهو تاريخ الاستحقاق الذي يتم فيه تسديد المستثمر القيمة الاسمية للصك، كتاريخ انتهاء "صكوك سابك 1" في 26 حزيران (يونيو) 2026م. و "العمر الزمني" وهو العمر الزمني لحياة الصك منذ "تاريخ الإصدار" و حتى "تاريخ الانتهاء"، كالعمر الزمني لـ "صكوك سابك 3"، والذي يبلغ 20 عاما. و"العائد السنوي"، وهو العائد السنوي على الصك يدفع للـ "المستثمر" من قبل "المصدّر" كعائد على الاستثمار، كمعدل العمولة الأساسي لـ "صكوك سابك 2"، وهي معدل الفائدة بين المصارف السعودية، مضافا إليه نسبة 0.38 في المائة.
وعلى الرغم من هذا الكم الكبير من أنواع الصكوك، وعدد الأطراف المشتركة في مرحلة إصدار الصك وفترة تداوله، إلا أنه من الممكن رسم آلية إصدار الصك، من خلال محاكاة سيناريو إصدار صك مرابحة. الهدف الرئيس خلف شرح هذه الآلية ما يمثله هذا البعد الفني من أداة رئيسة يحتاج إليها "المستثمر" في الصكوك.
تهدف عملية إصدار الصك بشكل عام إلى توفير التمويل المالي للـ "المستفيد"، وقناة استثمارية للـ "المستثمر". تنقسم هذه العملية إلى تسع مراحل. المرحلة الأولى "المشورة"، حيث يبدي "المصدر" للـ "المستشار المالي" رغبته في تسييل مجموعة من الأصول العينية التي يملكها. المرحلة الثانية "التقييم"، حيث يقوم "المستشار المالي" بتقييم هذه الأصول المراد تسييلها.
المرحلة الثالثة "التأسيس"، حيث يقوم "المستفيد" بتأسيس "المصدّر"، وهي شركة من الناحية القانونية شركة ذات أغراض خاصة. المرحلة الرابعة "البيع"، حيث يقوم "المستفيد" ببيع الأصول إلى "المصدّر". المرحلة الخامسة "الإصدار"، حيث يقوم "المصدّر" بإصدار صكوك متساوية القيمة تشكل مجموعها مجموع الأصول العينية.
المرحلة السادسة "الاكتتاب"، حيث يقوم "المستشار المالي" بإدارة عملية ببيع الصكوك للـ "المستثمر" وجمع السيولة المطلوبة. المرحلة السادسة "التحصيل"، حيث يقوم "المصدّر" بدفع قيمة الأصول المسيلة للـ "المستفيد". المرحلة السابعة "التحصيل"، حيث يقوم "المستفيد" بتسديد قيمة إيجار الأصول المباعة للـ "المصدّر" نظير الاستفادة من هذه الأصول في إجراءات عمله الدورية.
المرحلة الثامنة "التسديد"، حيث يقوم "المصدر" بدفع قيمة تأجير الأصول لصالح "المستثمر" بعد استقطاع الرسوم الإدارية لصالح "المصدّر". المرحلة التاسعة "التصفية"، حيث يقوم "المصدّر" بتصفية الأصول بعد انتهاء "العمر الزمني" بدفع "القيمة الاسمية" للـ "المستثمر".
يقودنا إيجاز أنواع الصكوك، وطبيعة علاقة الأطراف المشتركين في إصدار الصك وتداوله، وآلية العلاقة التي تربط هذه الأطراف خلال مرحلة الإصدار والتداول إلى النظر في تصنيف الملاءة الائتمانية للشركات السعودية. تتولى تصنيف الملاءة الائتمانية مجموعة من الهيئات الدولية، كمودي وإس آند بي.
يسهم تصنيف الملاءة الائتمانية على تقييم قدرة الشركة على القيام بالتزاماتها المالية، والتي من أهمها القدرة على الوفاء بقيمة السندات والصكوك عند حلول موعد استحقاقها. عديدة هي الفوائد عندما ننظر إلى واقع الشركات السعودية المدرجة من منظور التصنيف الائتماني. حيث لم تحصل سوى 12 شركة سعودية مدرجة من أصل 126 شركة مدرجة على تصنيف ملاءة مالية كان آخرها شركة الاتصالات السعودية العام الماضي.
وافتقار مثل هذا التصنيف سيسهم في محدودية عدد الشركات السعودية المدرجة القادرة على إصدار الصكوك والسندات، ومن ثم الاستفادة من السيولة النقدية المتوافرة لدى المستثمرين، وفتح قناة استثمارية جديدة أمامهم. وهذا الافتقار من الأهمية بمكان معالجته من خلال تأهيل الشركات السعودية المدرجة بما يتوافق ومتطلبات الخطط التنموية المقبلة، والتي ترتكز بشكل رئيس، بعون الله تعالى، على التعليم، والتدريب، والعناية الصحية، من خلال مشاركة رئيسة للقطاع الخاص في بلوغ آفاق استراتيجية 2025م.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي