العوائد على السندات البريطانية والأمريكية تسجل أعلى مستوى منذ 7 أشهر

العوائد على السندات البريطانية والأمريكية تسجل أعلى مستوى منذ 7 أشهر

كان التركيز الرئيس في الأسواق المالية هذا الأسبوع على السندات الحكومية، حيث إن العوائد على السندات الحكومية على جانبي الأطلسي قفزت إلى أعلى مستوى لها منذ سبعة أشهر، ما يعمّق المخاوف حول أثر السياسات النقدية والمالية الرامية إلى تحفيز النمو وخلق السيولة.

الأمر الذي كانت له دلالة بالغة هو أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات اندفع إلى ما فوق 4 في المائة، وهو أمر كان من شأنه دفع أسعار الفائدة على القروض السكنية إلى الأعلى في أعقاب هذا الاندفاع، حيث كان يبدو أن المستثمرين يشعرون بالتردد الشديد من الكمية الهائلة من إصدارات السندات لتمويل العجز في الميزانية الأمريكية.

قالت كاميلا ساتون، وهي محللة استراتيجية لدى بنك سكوشيا كابيتال Scotia Capital: "الجدل الدائر الآن هو حول إذا ما كان الاندفاع في عوائد السندات هو علامة على التعافي الاقتصادي العالمي واقتران ذلك بنهاية الأزمة المالية، أم أن هذا الارتفاع يعود إلى المخاوف العالمية من أن الوضع الحالي لمقدار العجز في المالية العامة في الولايات المتحدة ليس ظاهرة مؤقتة، وأن شبح التضخم يخيم الآن فوق الولايات المتحدة".

وقالت: "من رأينا أنه إذا كان الموضوع لا يعدو كونه على صلة بالتعافي الاقتصادي، فإن الدولار سيكون في وضع أقوى. لكن يغلب على ظننا أن الارتفاع يعود بالدرجة الأولى إلى المخاوف المشروعة حول الوضع الحالي للمالية العامة في الولايات المتحدة، وهذا الوضع ليس طيباً بالنسبة للدولار".

وقال مايك إنجلوند، من "كشِن "إيكونومِكس"، إن الاندفاع في العوائد على السندات الأمريكية يمكن أن يُنظَر إليه على أنه تحول في مخاوف السوق باتجاه التوقيت الزمني المناسب الذي يجب أن يتبعه البنك المركزي الأمريكي في استراتيجيات الخروج من سياسة التحفيز الاقتصادي. وأضاف: "إن الخوف الذي يدور في الأذهان الآن هو أن البنك المركزي الأمريكي جاهز لارتكاب الخطأ المعهود في السياسة النقدية، أي التراجع عن سياسة التيسير النقدي بخطوات أقل من اللازم في موعد أبعد من اللازم. الموضوع الذي يدور حوله البحث هو المقدار المتدني بصورة غير معتادة من أسعار الفائدة الرسمية المستهدفة بنهاية هذه الدورة". حاول جيفري لاكر، رئيس البنك المركزي لمدينة رتشموند، تهدئة المخاوف حول التضخم بقوله إن البنك المركزي الأمريكي يجدر به ألا يؤخر القرار برفع أسعار الفائدة بمجرد أن يبدأ التعافي الاقتصادي.

تحركت العقود الآجلة على أسعار الفائدة الأمريكية لاحتساب احتمال قيام البنك المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بنهاية هذا العام، في أعقاب ظهور علامات على التحسن الاقتصادي، أبرزها البيانات الواردة في التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي حول عدد الوظائف في القطاعات غير الزراعية عن شهر أيار (مايو).

لكن معظم المحللين اعتبروا أن احتساب الزيادة التي من هذا القبيل في العقود الآجلة هو أمر سابق لأوانه.

قال لوكا كازولاني، وهو محلل استراتيجي لاستثمارات الدخل الثابت لدى بنك يوني كريديت UniCredit: "نعتبر أن التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة مبالغٌ فيها. إن التوقعات الخاصة بالسياسة النقدية تتسم بالتقلب الكبير وسيتم في النهاية تصحيحها، ولكننا لا نتوقع لهذا الأمر أن يحدث على الفور".

معظم البيع المكثف لسندات الخزانة الأمريكية جاء في أعقاب المزاد المخيب للآمال الذي عُقِد لبيع سندات الخزانة لأجل عشر سنوات يوم الأربعاء. ولكن المشترين عادوا بعد أن لامس العائد على السندات لأجل عشر سنوات مستوى 4 في المائة، وبعد أن اجتذب المزاد المقام على السندات لأجل 30 سنة قدراً من الطلب النشط أكبر بكثير من الطلب على السندات الأخرى. وفي وقت متأخر من يوم الجمعة في نيويورك وصل العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى 3.80 في المائة، أي بهبوط مقداره ست نقاط أساس على مدى الأسبوع. أما بالنسبة للسندات لأجل سنتين، الحساسة لأسعار الفائدة، فقد سجلت عائداً مقداره 1.27 في المائة، أي بهبوط مقداره خمس نقاط أساس على مدى الأيام الخمسة.

في أوروبا اندفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات إلى ما فوق 4 في المائة للمرة الأولى منذ شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، حيث استمرت المخاوف من العرض في إثارة التوتر لدى المستثمرين، ومع ظهور علامات جديدة على أن الاقتصاد البريطاني ربما يكون قد وصل أدنى نقطة له وفي سبيله إلى التحسن الآن. وقال المعهد القومي للدراسات الاقتصادية والاجتماعية إن الركود الاقتصادي في بريطانيا وصل أدنى نقطة له في آذار (مارس)، في حين أن البيانات الخاصة بأسعار المساكن أظهرت مزيدا من علامات الاستقرار.

كان هناك مزيد من الدلائل على تحسن الظروف الاقتصادية والمالية، أبرزها بيانات الناتج الصناعي في الصين، والأنباء القائلة إن عشرة بنوك أمريكية سيُسمَح لها بتسديد الأموال التي أخذتها من وزارة المالية الأمريكية ضمن برنامج لإنقاذ البنوك المعتلة.

قال نيك كونيس، كبير الاقتصاديين لمنطقة أوروبا لدى بنك فورتيس Fortis Bank: "الركود الاقتصادي العالمي يقترب من نهايته. وإن استقرار القطاع المالي، إلى جانب صفقات التحفيز العالمية التي لم يسبق لها مثيل في مجال السياسة النقدية والمالية العامة، من شأنه رفع الروح المعنوية للمستهلكين والشركات، في حين أن تقليص المخزون العالمي آخذ في التباطؤ، والركود في القطاع الصناعي آخذ في التراجع". التفاؤل الذي من هذا القبيل أشعل الآمال بتحسن الطلب على السلع، ما دفع إلى الأعلى بأسعار النفط والمعادن الرخيصة إلى مستويات جديدة.

سجل النفط الخام القياسي الأمريكي مستوى 72.68 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر)، حيث ارتفع بنسبة 5 في المائة خلال الأسبوع. وارتفع النحاس إلى أعلى مستوى له منذ ثمانية أشهر، حيث تجاوز مستوى 5300 دولار للطن، حيث بلغت نسبة ارتفاعه منذ بداية العام 70 في المائة. هبط الذهب بنسبة 1.4 في المائة خلال الأسبوع ليصل إلى 942 دولاراً للأوقية.

وفي أسواق العملات تراجع الدولار أمام جميع العملات، حيث كان المستثمرون الساعون للمخاطر يرغبون في شراء العملات التي تعطي قدراً أعلى من العوائد، خصوصاً الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي. كذلك كان أداء الجنيه الاسترليني طيباً أمام الدولار، وحقق كذلك بعض المكاسب أمام اليورو، على اعتبار أن البيانات الاقتصادية من منطقة اليورو أبرزت أن هناك رياحاً قوية تهب على المنطقة بصورة مباشرة، وأن هناك مخاوف متزايدة حول النظام البنكي الأوروبي. وأمضت أسواق الأسهم هذا الأسبوع وهي محصورة ضمن نطاق ضيق، ولكن أسهم طوكيو تفوقت في الأداء، حيث إن مؤشر نيكاي 225 قفز بنسبة 3.5 في المائة إلى مستوى قريب من عشرة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ تشرين الأول (أكتوبر). في نيويورك ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 0.65 في المائة على مدى الأسبوع. وارتفع مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 1.5 في المائة.

وفي أسواق العملات ظلت أسعار الفائدة على قروض الدولار بين البنوك عند مستوياتها القياسية المتدنية. تغيرت الفروق بين أسعار الفائدة على السندات الحكومية وسندات الشركات، وظل مؤشر فيكس لقياس التقلب عند نقطة متدنية مريحة دون مستوى 30.

الأكثر قراءة