نشر نشرات الإصدار!!

نصت المادة السادسة عشرة من لائحة التسجيل والإدراج الصادرة من هيئة السوق المالية (والمتعلقة بنشر نشرات الإصدار) على أنه يجب على مصدر الورقة المالية نشر نشرة الإصدار والتأكد من توافرها وإتاحتها مجاناً للجمهور خلال فترة لا تقل عن 14 يوماً قبل التسجيل في القائمة الرسمية، وهو إجراء رسمي يسبق قرار مجلس الهيئة الموقر بالموافقة أو الرفض على أي طلب لطروحات عامة أولية.
لكن عندما نعود إلى الوراء قليلاً وندقق في تواريخ نشر نشرات الإصدار لجميع الطروحات العامة الأولية التي شهدتها السوق المالية خلال السنوات الأخيرة (سواء لأسهم شركات حديثة الإدراج أو لأسهم حقوق أولوية لشركات مدرجة)، سنجد أن غالبية نشرات الإصدار هذه (إن لم تكن جميعها) كان قد تم نشرها خلال فترة تقل عن الـ 14 يوماً المحددة في اللائحة، بل إن بعضها كان قد تم نشرها "قبل" أيام أو ساعات من تاريخ بدء الاكتتاب وبعضها الآخر كان قد تم نشرها "بعد" ساعات من تاريخ بدء الاكتتاب!
الآن، مع إعلان هيئة السوق المالية قبل أيام قليلة طرح أسهم ست شركات للاكتتاب العام وذلك خلال فترة الأشهر الأربعة القادمة، فأعتقد أنه من حق أي مكتتب الاطلاع على نشرات الإصدار الخاصة بهذه الشركات قبل أسبوعين (على أقل تقدير) من تاريخ بدء الاكتتابات آخذين في الحسبان الطبيعة التفصيلية لهذه النشرات التي تحتوي في الغالب على معلومات متعمقة وغزيرة يتم نشرها ضمن عشرات الصفحات (وفي حالات كثيرة ضمن مئات الصفحات) وهو ما يستلزم وقتا طويلا نسبياً للدراسة والفحص قبل اتخاذ القرار الاستثماري.
أما في حال استمرار نشر نشرات الإصدار مستقبلاً قبل أيام قليلة من تاريخ الاكتتابات، فهذا يدعونا للتساؤل: ما الفائدة من نشرات الإصدار إذن؟ بل ما الفائدة من لائحة التسجيل والإدراج إذا كانت التجاوزات أصبحت هي القاعدة والالتزامات هي الاستثناء؟ وكيف سنرتقي بمستوى الوعي الاستثماري إذا لم يتمكن المكتتبون أساساً من قراءة نشرات الإصدار؟