المستثمرون الخليجيون يراجعون قصة النمو الصيني على الأرض

المستثمرون الخليجيون يراجعون قصة النمو الصيني على الأرض
المستثمرون الخليجيون يراجعون قصة النمو الصيني على الأرض
المستثمرون الخليجيون يراجعون قصة النمو الصيني على الأرض
المستثمرون الخليجيون يراجعون قصة النمو الصيني على الأرض

نظمت شركة مكتب العائلة – مستشار مالي خليجي - رحلة استغرقت أسبوعاً إلى الصين لعدد من المستثمرين المهتمين بالاقتصاد الصيني، لإعادة الاطلاع على قصة النمو الصيني، وذلك على سبيل متابعة ما شهدوه في رحلتهم الأولى لاكتشاف الصين في نيسان (أبريل) 2007. وبدأت هذه الزيارة الجديدة بداية مليئة بالنشاط والعمل في هونج كونج، حيث كان هنالك يوم كامل من الجلسات التفاعلية مع متحدثين من مؤسسات رائدة.

وأوضح عبد المحسن العمران الرئيس التنفيذي لـ "مكتب العائلة"، وهو يتناول في كلمته الافتتاحية موضوع الصين بعد الأزمة المالية العالمية، أنه حين قام الوفد بزيارته الأولى إلى الصين، كان الاقتصاد العالمي ينمو بنسبة 5,2 في المائة سنوياً، وكان من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الصيني بنسبة 11,9 في المائة في عام 2007، في الوقت الذي كانت الصين مستمرة في كونها أقل ورش العالم تكلفة.

وتابع العمران "لقد تغير العالم بصورة راديكالية خلال العامين الماضيين عبر هذه الأزمة المالية العالمية الرئيسية. وتأثرت الصادرات التي تمثل أضعف نقطة في الاقتصاد الصيني، بصورة شديدة. غير أن الصين ما زالت تنمو بما يتجاوز 8 في المائة هذا العام. وبينما تتراجع الاقتصادات المتقدمة، فإن عمليات التحول تتجسد سريعاً في الصين.

من جهته، أوضح توماس دنغ كبير استراتيجيي الصين في "جولدمان ساكس"، في مستهل خطابه ضمن إطار رحلة "أعيدوا زيارة الصين" التي نظمها مكتب العائلة، "أن قضية الاستثمار في الصين في أيامنا هذه أكثر إقناعاً" .

#4#

في الوقت ذاته يقول نجيب عبد اللطيف العيسى الذي أثار إعجابه تقدم الشركات الصينية، "لا أشعر بوجود الانكماش في الصين، حيث إن الاقتصاد مازال ينمو. وقد جئت مع مكتب العائلة إلى الأماكن ذاتها قبل عامين، وأستطيع ملاحظة تحسينات رئيسية في البنية التحتية".

وكان أول المتحدثين الرئيسيين من الضيوف هو آركي تسم، كبير المسؤولين الماليين في Hong Kong Exchanges and Clearing Limited، حيث بيّن الأهمية المتزايدة للشركات الصينية في الأسواق الإقليمية والعالمية. وتشكل الشركات الـ 470 المدرجة في هونج كونج 40 في المائة من مجموع الشركات المدرجة، ولكنها تمثل أكثر من 60 في المائة من مجموع القيمة السوقية للشركات، كما أن تداول أسهمها يشكل ما يزيد على 70 في المائة من تداول أسهم جميع الشركات يومياً. والأسواق المحلية، بالإضافة إلى سوق هونج كونج، سوف تلعب دوراً كبيراً في تدفقات الرساميل العالمية، بحيث تعمل على توجيه الاستثمارات إلى الصين ومنها.

#2#

يعود دنغ، للإشارة إلى أن النمو الصيني يهيمن عليه الطلب المحلي في الوقت الراهن، بينما سوف تكون للصادرات مساهمة سلبية في النمو لهذا العام تبلغ ناقص 0.6 في المائة، كما أن تراجع نمو الاقتصاد الصيني من أكثر من 10 في المائة إلى 8 في المائة دوريا، وليس هيكلياً.

وكانت زيادة الائتمان أقل اندفاعاً مما كانت عليه في اقتصادات أخرى، ولذلك فإن الصين لا تعيش عملية تخلص من الديون، بل إنها تدخل في ديون أخرى. وتزايدت مبيعات السيارات الجديدة بنسبة 25 في المائة سنوياً، كما أن الصين تجاوزت لتوها الولايات المتحدة كأكبر سوق للسيارات، بينما ينتظر أن يزداد شراء سيارات الهمر المصنوعة في الصين بوتائر متسارعة.

ويوصي هذا الاستراتيجي بشراء السيارات لدى تراجع الأسواق، بينما يتوقع تصحيحاً قصير العمر، حيث إن أسوأ الأمور أصبحت وراءنا فيما يتعلق بعوائد الشركات.

وحتى مع التراجع الرئيسي للأرباح خلال الأشهر الستة الماضية، فإنها سوف تعود إلى الارتفاع خلال فترة قريبة. ولم تكن شركات كثيرة تعرف خلال السنوات القليلة الماضية ما إذا كانت سوف تستمر أم لا، غير أن صورة الاقتصاد الكلي تغيرت.

#3#

وشأنه في ذلك شأن ما يقول الخبراء في مكتب العائلة، فإن هذا الاستراتيجي يوصي بالتوجه المحلي بدلاً من العالمي، وكذلك بالتركيز على قطاعات معينة، حيث الفروق المحلية بين المدن الداخلية ، ومدن الشواطئ.

بدأت بعد ذلك مناقشة خمسة موضوعات رئيسية، حيث شارك في ذلك فرانك تانغ، كبير المسؤولين التنفيذيين، والشريك الإداري في شركة الأسهم الخاصة الصينية الكبرى، FountainVest Partners. وحين كان الرئيس السابق للمحفظة الاستثمارية الصينية في صندوق تيماسك، فإنه كان يتحدث عن اختيار فرص الاستثمار، ويركز على القطاعات التي سوف تستفيد من الطلب المحلي المتزايد، ومن السياسات الجديدة للحكومة المركزية، وكذلك البيئة، والزراعة، والسكك الحديدية، والرعاية الصحية، والتعليم.

وقام تانغ بتنظيم زيارة للمجموعة في اليوم التالي إلى شركة محافظ استثمارية في مدينة شينزهن. وبينما تعاني شركات كثيرة مشكلات في دلتا نهر اللؤلؤ نظراً لكونها مصدرة، فإن شركة Universtar Science and Technology التي أنشئت في عام 2002 تتخصص في تطوير منتجات مراقبة بيئية عالمية رائدة ، وتقنيات خاصة لمعالجة التلوث البيئي.

وبينما يكتسب هذا القطاع اهتماماً عاماً، فإنه يعتبر مستقبلاً رئيسياً للتمويل العام الصيني. وتركز الصين التي تتوقع أن يبلغ عدد سكانها 1,4 مليار نسمة في عام 2020، على تغيير أوضاع المناطق الريفية بسبب العمليات الحضرية.

وشهد الحضور خلال الغداء عرضاً قدمه بنك الصين الدولي، وذلك من خلال كبير مسؤولي الاستثمار في Prodential ، لور، الذي أكد الدور الرئيسي للاستهلاك المحلي والذي يتزايد رغم الانهيار الاقتصادي العالمي، وتراجع وتيرة النمو في الصين. وذكر أن الاستهلاك عمود ارتكاز مهم لاستقرار النمو، حيث بقي نمو الدخل مرناً، كما أن ميزانيات الأسر قوية بصورة عامة. ومع ذلك، فإن الاستهلاك الصيني يبلغ 16 في المائة فقط من الاستهلاك الأمريكي، كما أن استهلاك الطبقة المتوسطة في الصين يبلغ 4 في المائة فقط من الاستهلاك الأمريكي .

ولذلك فإنه يرى أن الصين لا تستطيع إنقاذ العالم، ولكن ذلك يعني الكثير بالنسبة إلى النمو المحلي.

وبما أن الطبقة الوسطى في الصين شابة، وديناميكية ، ولديها مدخرات، فإن بإمكانها التركيز على تحسين مستوى معيشتها، وتأمين بيئة أفضل لأطفالها، ولا سيما في ظل سياسة طفل واحد لكل أسرة .

أما يوهان سكوتر، الشريك في شركة الأسهم الخاصة، Victoria Capital Limited، فأوضح أن 8,9 في المائة من الشركات الخاصة في الصين هي شركات مصدرة صافية.

وبينما نجد أن كثيراً من الشركات الكبرى لا تتمتع بالمرونة، كما أنها غير مهيأة لاستيعاب النمو المحلي، فإن كثيراً من قادة السوق يحصلون على مزيد من الحصص السوقية.

وهنالك ثلاثة عوامل سوف تستمر في دفع النمو، وهي : عمليات التحضر، الدخل المتزايد، وقوانين وتنظيمات البيئة.

مع ذلك، فإن آلاف الشركات الخاصة تموت شهرياً . ونظراً لوجود عدد قليل من الشركات ذات الجودة العالية، فإن بإمكانها الحصول على حصص سوقية بصورة سهلة، بحيث تستفيد من فشل منافساتها، ودون الاضطرار إلى الدخول في العمليات المطولة للاندماج والاستحواذ.

وهو يعتقد أنه لا يترتب على المستثمرين في الصين دفع مبالغ كبيرة لأن هنالك شركات كثيرة تسعى للحصول على رأسمال لأجل طويل بأكثر مما لدى شركات الأسهم الخاصة ، والبنوك الممولة معاً.

وكانت الصين في الماضي تعمل على التقليد، والإنتاج الرخيص، إلا أنها تعتقد في الوقت الراهن أن هذا الأمر قد انتهى، وأن الصين سوف تعيد هندسة عمليات الإنتاج، إذا لم تخترعها بنفسها. وتخرج الصين في الوقت الراهن ثلاثة آلاف مهندس سنوياً، كما أنها تركز بقوة على تطوير العمليات الإنتاجية.

ويتوقع كسن هوانغ، كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق التحوط الناجح، President Edge، أن الصين سوف تصبح عام 2020 نقطة ارتكاز أي تخصيصا للموجودات. ويرتكز هذا البيان الخارق، والمثير للجدل على ثلاثة اتجاهات هي: سوف تصبح الصين أوسع سوق استهلاكية، وستكون لديها أقوى عملة، وستكون لديها أكبر بورصة.

وفي ذكره للأرقام الكلية التي ذكرها المتحدثون الآخرون، يلاحظ هوانغ وجود تخلص من الديون على مستوى القطاع الخاص، في ظل زيادة المديونية على صعيد القطاع العام.
ويقول طه القويز "هذه أولى زيارتي إلى الصين، حيث توقعت أن أرى دراجات هوائية، وبدلات رمادية. ومن الواضح أن هذا البلد يعيش مرحلة من التحول، وأنه يسير بصورة جيدة نحو الاتجاه الصحيح، ولكن يبدو أن الناس غير واعين بما يمكن أن يسير في الطريق الخاطئ".

خلال زيارة هذه المجموعة شركات تعتبر الرائدة في الأسواق، مثل شركة تنسنت التي تم تأسيسها عام 1998، وتعتبر الآن أوسع بوابة إنترنت تستخدم في الصين، ومجموعة هوييان للمشروبات والأغذية التي تأسست عام 1992، وأصبحت صاحبة أكبر حصة في السوق في مجال العصائر الطبيعية، فإنها شاهدت نجاح الشركات ، والعلامات التجارية المكرسة بصورة كاملة للسوق المحلية، حيث تستحوذ هذه الشركات على النمو. وقال زكي الشويعر "إنني مندهش من الطريقة التي تنمو بها هذه الشركات، وإنني متفائل بخصوص الجانب المحلي، وأرى أن هذا البلد يعتمد على نفسه، وليس على البلدان والأسواق الأخرى، كما أن الانكماش لم يؤثر في الشركات التي زرناها، بل إنها تزيد من أرباحها، ولا يبدو عليها القلق. ولدى شركة تينسنت أكثر من 411 مليون حساب إنترنت على بوابتها aa.com، كما أن في الصين 300 مليون مستخدم للإنترنت، حيث ينمو هذا العدد بوتيرة سريعة .

واستطاعت هذه الشركة اكتساب حصص سوق من شركات محلية ودولية، وذلك من خلال نموذج نشاط عملي مفصل لخدمة السوق المحلية، حيث يأخذ بعين الاعتبار العادات والثقافات المحلية للزبائن.

زار مسؤولو "مكتب العائلة"، وضيوفهم كذلك شركة Homeway China Holings Limited، وهي شركة لتطوير العقارات السكنية في مدينة شينزهن في إقليم غوانغدونغ. وقد أسست هذه الشركة نفسها من خلال التركيز على بناء الوحدات السكنية المتوسطة والراقية كعلامة تجارية معروفة، وقوية، وذات سمعة جيدة في شينزهن.

وتظل هذه الشركة رابحة في إقليم أصيب بتباطؤ شديد من خلال التراجع العقاري في هذه المنطقة بعد طفرة في عام 2009، رابحة، ومتمتعة بمركز قوي في أيامنا هذه. ويلاحظ القويز، وهو يشاهد هذا النجاح ، قائلاً " إن من المهم للغاية تأسيس علامات تجارية محلية، وإلا فإن الصينيين سوف يستمرون في التقليد".

ويقول العيسى "إذا استمروا بهذه الطريقة، فإنني أرى دورتين في قصة النمو الصيني، حيث تتمثل الأولى في نمو قوي في الأسواق المحلية، وتتجسد الأخرى في نمو ضمن طموحات دولية".

ويتفق المشاركون في الزيارة على أن هذه الرحلة عملت على تنبيه وفتح عيون كثير من الزائرين، وعبر الشويعر عن مخاوف الكثيرين، ولكن بلمسة من التفاؤل يقول "قد يكون من الصعب للغاية الاستثمار في الصين دون وجود شريك تثق به مثل "مكتب العائلة".

وإن القوانين، والثقافة، وطريقة التفكير مختلفة عما نعرفه. وإنني معجب بقدرتهم على الاستماع، كما أنه يبدو أن كبار مديريهم منفتحون على الاقتراحات، ومستعدون للتعاون".

الأكثر قراءة