اقتصادي سعودي: فك ارتباط عملات الخليج بالدولار يحميها من التأثيرات الخارجية للأزمة
أكد اقتصادي وأكاديمي بارز أن ربط عملات دول مجلس التعاون لدول الخليج بالدولار الأمريكي أدى إلى انخفاض فاعلية سياساتها النقدية، نظراً لارتباط سعر الفائدة بالتبعية لسياسة الفائدة الأمريكية.
وقال الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ الأستاذ المشارك، قسم الاقتصاد، كلية إدارة الأعمال وعميد معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية في جامعة الملك سعود، إن دول الخليج العربية تخسر في كل من سعر الصرف وسعر الفائدة، دفعة واحدة، كما خسرت الدور المهم للسياسة النقدية في النظام المصرفي في ظل التردي الحالي.
وتساءل الدكتور آل الشيخ في ورقة بعنوان (الآثار الاقتصادية المتوقعة للأزمة المالية العالمية على اقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية) قدمت في اللقاء السنوي لجمعية الاقتصاد السعودي المنعقد في الرياض، بقوله: ألم يحن الوقت لفك الارتباط بالدولار الأمريكي، الذي بات يبحث عمن يقيله هو من عثرته؟
وأضاف: إذا كانت حسابات ميزان المدفوعات هي بوابة عبور الآثار الخارجية للأزمة على اقتصادات دول المجلس، فإن سعر الصرف هو بطاقة العبور، ولذا لابد من السيطرة على أدائه بشكل أفضل، وإلا فإننا يجب أن نسلم بأن السياسة النقدية لدول المجلس تم تسليمها للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) وبذلك قد لا تخدم بالضرورة مصالح الاقتصاد لدول الخليج وظروفها الداخلية. وعليه، قد تكون ظروف الأزمة ووضع الدولار الحالي فرصة مناسبة للخروج والتحرر من الارتباط الثابت بالدولار إلى نظام صرف يكون أكثر مرونة ويراعي المصالح المحلية لاقتصادات دول المجلس. وعليه يجب السعي لإكمال الوحدة النقدية بالعمل على التنسيق في السياسات النقدية وسعر الصرف بين هذه الدول وإكمال المتطلبات الهيكلية والتنظيمية لإنشاء مصرف الخليج المركزي والعملة الموحدة.
ودعت الورقة في توصياتها إلى إعادة النظر في إلى الاهتمام بإدارة الاحتياطيات وتنشيط القطاع المالي وتشجيع الاستثمار الأجنبي وإعادة النظر في أشكال المعونات التي تقدمها دول المجلس للدول الأخرى ووضع خطة طوارئ وأدوات لتوفير السيولة لقطاعات الصناعات الخليجية والقطاع العقاري والبنكي.
وأكدت الورقة ضرورة وضع معايير عالية للشفافية والإفصاح للاستثمارات والشركات والبنوك ومتابعة تطبيقها، ومعاقبة المكاتب المحاسبية التي لا توضح مستوى الالتزام بهذه المعايير واعتبارها مسؤولة عن مصادقتها على الحسابات الختامية وميزانيات الشركات الدورية، كما أكدت الحاجة إلى إيجاد صناديق استثمارات سيادية فعّالة وبإدارة كفؤة
وطالبت بأن تكون استراتيجية إدارة الأصول على افتراض رحلة هبوط كبيرة جداً للدولار أمام العملات الرئيسة قد تصل بالدولار إلى 1.70 أمام اليورو وإلى 0.80 أمام الين، مما يعني وجوب الخروج بأكبر قدر ممكن من الاحتياطيات بعيداً عن الدولار.
ومن الإيجابيات التي أوردتها الورقة جراء الأزمة الاقتصادية، أشار الدكتور آل الشيخ إلى أنه حسب توقعات بيت الاستثمار العالمي فإن من إيجابيات الأزمة المالية على دول مجلس التعاون أنه بما لديها من فوائض مالية تراكمت إبان ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة 2002 إلى 2008 فقد أصبحت أقل الدول تأثراً بالأزمة. وسينخفض متوسط معدل نموها إلى 6 في المائة وليس إلى الصفر أو بالسالب كما هو في بعض التقديرات للاقتصاد العالمي، وأن الضغوط التضخمية على اقتصاداتها ستكون الأخف وخاصة في مجال أسعار الأغذية والإنشاءات، كما قد ترتفع الاستثمارات الأجنبية في بعض دول مجلس التعاون، لما لديها من السيولة المالية والطاقة الرخيصة والفرص الاستثمارية الواعدة وتحسن البيئة الاقتصادية في هذه الدول كثيراً مقارنة بما كانت عليه في السابق. كما ستنخفض تكاليف المشاريع والإنشاءات المختلفة في المنطقة بمعدل يزيد على 40 في المائة مقارنة بما قبل الأزمة، إضافة إلى ذلك ستتمكن المنشآت والمؤسسات من استقطاب خبرات وقدرات عالمية تم الاستغناء عنها نتيجة الركود العالمي بتكاليف أقل من قبل، وهو ما سيشكل فرصة لاستقطاب هذه الخبرات العالمية للمنطقة.